مشايخهم يهاجمون أدب نجيب محفوظ ويريدون الفصل بين الجنسين.. والشباب يشكون سرقة ثورتهم
|
حازم أبو اسماعيل المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية لدى حضوره إحدى المظاهرات التي تطالب المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين (أ.ف.ب) |
|
القاهرة: «الشرق الأوسط»
مع النجاح الذي حققوه في أول انتخابات برلمانية تجرى في مصر بعد سقوط الرئيس السابق، حسني مبارك، يضاعف السلفيون المصريون التصريحات التي تثير الجدل في البلاد، والتي كان آخرها للمرشح السلفي لرئاسة الجمهورية حازم صلاح أبو إسماعيل الذي قال إنه إذا ما انتخب من الشعب فإنه سيحظر بيع الخمور ويمنع الاختلاط بين الجنسين في العمل.
وفي حين يسعى الإخوان المسلمون الذين تشير النتائج الأولية إلى تصدرهم المرحلة الأولى إلى طمأنة الليبراليين المدنيين والأقباط، لا يتوانى بعض السلفيين في التعبير علنا عن أفكارهم التي تثير القلق والصدمة.
وقال تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية إن آخر هؤلاء هو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية الذي اعتبر أن على الحكومة توفير الأجواء لتسهيل فرض الحجاب في بلد محافظ. وأكد أنه يرفض فكرة زواج أحد أبنائه من فتاة غير محجبة لأن الزوجة غير المحجبة «لن تكون أما مناسبة».
وقال أيضا في حديث تلفزيوني على قناة «سي بي سي» الخاصة، مساء الخميس، إنه لن يسمح إذا تولى الرئاسة «بجلوس فتى وفتاة في مكان عام لأن هذا ضد أعراف المجتمع»، كما أن «الاختلاط في أماكن العمل غير جائز».
وأكد أنه لن يسمح بصناعة الخمور أو بيعها، معترفا في الوقت نفسه بحق أي شخص في أن «يأتي بها من الخارج ويشربها في ملكيته الخاصة».
واعتبر أبو إسماعيل أن «المناطق السياحية اختارت التيار الإسلامي في البرلمان للحفاظ على (شرف) البلد»، وقال إن الإسلاميين «سيحافظون على دخل السياحة ولكن في إطار الشرف».
والشيخ أبو إسماعيل ليس عضوا في حزب النور السلفي الذي أحدث مفاجأة بحصوله على ما بين 20 و30 في المائة من الأصوات، متصدرا القائمة خلف الإخوان المسلمين، وفقا للتقديرات الأولية.
إلا أن تصريحاته أثارت حنق الناشطين الشباب على موقع «تويتر» و«فيس بوك» حيث أنشئت صفحة باسم «قولوا لا لا لحازم أبو إسماعيل» نسبت فيها الكثير من التعليقات لهذا الحزب الذي يشارك في الانتخابات للمرة الأولى.
وقال أحدهم على موقع «فيس بوك»: «ألا يتكلم أبو إسماعيل في غير الخمور والنساء؟ أين برنامجه الاقتصادي؟».
وقال مدون شاب على «تويتر»: «حازم أبو إسماعيل مهرج. ومع ذلك صوت له 25 في المائة من الناخبين، أرجو أن يكون ذلك بسبب افتقارهم لأي خبرة سياسية».
ومن التعليقات الأخرى على «تويتر»: «أبشروا سنصبح قريبا أفغانستان أخرى»، و«إذا فاز أبو إسماعيل في الانتخابات الرئاسية فسأنتحر».
ويرى الكثيرون أن الإسلاميين سرقوا «ثورتهم» التي أطاحت بالرئيس السابق، حسني مبارك، في فبراير (شباط) الماضي.
وتقول فاتن: «أبي الغالي العلماني لم يمت في ثورة يناير (كانون الثاني) حتى تصوت مصر لحازم أبو إسماعيل. لا وألف لا».
وقد ندد محمد نور، المتحدث باسم حزب النور، ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية هذا الأسبوع بـ«حملة افتراءات وتشهير» ضد السفليين.
وما زاد الجدل احتداما الهجوم الذي شنه عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية في الإسكندرية، والمرشح للانتخابات البرلمانية عن إحدى دوائر هذه المدينة الساحلية، على الأديب الكبير نجيب محفوظ (1911 - 2006) الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1988.
فقد أكد الشحات أن أدب محفوظ «يحض على الرذيلة ويدور حول الدعارة وأوكار المخدرات»، وأن بعض رواياته تحمل «فلسفة إلحادية».
وتعليقا على ذلك قال الروائي إبراهيم عبد المجيد لصحيفة «المصري اليوم» إن «الشحات لو استطاع أن يطالب بضبط وإحضار محفوظ لفعل ذلك فورا»، معتبرا أن تصريحاته «مثيرة للضحك». وأكد أنه «لو فاز في الانتخابات فسيتحول الأمر إلى معركة حقيقية داخل البرلمان».
من جانبه قال الناقد الأدبي صلاح فضل: «لا بد أن يعرف هذا الشيخ أن الأدب والفن لا يحكم عليهما بالمقاصد الشرعية دون خبرة»، مضيفا: «على الشحات أن يحصل على دراسة في الأدب منذ الجاهلية وحتى الشعر أيام الرسول ليعرف أن الغزل والجنس جزء من الشعر».
وقال تقرير لـ«رويترز» إنه ربما يفوز الإسلاميون المحافظون بما بين 20 و30 في المائة من جملة الأصوات في المرحلة الأولى من الاقتراع البرلماني المكون من 3 مراحل وهي نتيجة فاجأت وأزعجت كثيرا من المصريين. فهم قلقون بشأن ما قد يعنيه ذلك للحريات والتسامح في مصر.
وقد يزيد نفوذهم حسب مدى تعاونهم مع إسلاميين آخرين يسجلون أداء طيبا في الانتخابات، وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين المنتظر أن تفوز بعدد مقاعد أكبر من أي جماعة أخرى.
كما سيعتمد دورهم على نظام الحكم الذي ستتمخض عنه مرحلة انتقالية يديرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم السلطة من مبارك. ويلتزم الجيش الصمت إزاء نتيجة الانتخابات ويحث المصريين على التصويت دون التحيز لطرف دون آخر.
ورغم أن النتائج الرسمية لا تعطي سوى النزر اليسير من الدلائل التي يمكن الاهتداء بها، وأن الصورة النهائية لن تتضح قبل يناير، يقول كل من السلفيين وآخرون ممن يتابعون عملية فرز الأصوات إنهم يبلون بلاء حسنا.
والدلائل مشجعة حتى الآن لحازم صلاح أبو إسماعيل، وهو سلفي يعتزم الترشح للرئاسة في يونيو (حزيران) المقبل. وهو يرى أن النتائج تمثل خريطة لطريقة تصويت الشبان المصريين الذين ينتخبون للمرة الأولى.
وقال المحامي والسياسي خفيض الصوت ذو اللحية الرمادية بينما كان يرتدي حلة ورباط عنق في مقابلة مع قناة تلفزيونية مصرية يوم الخميس: «لا شك مطلقا أن النتائج اللي أسفرت عنها لغاية دلوقتي الجولة الأولى دليل على شيء مهم جدا وهو أنه خطاب.. الخطاب اللي بنستخدمه للناس فعلا ليس مقلقا لهم ليسوا قلقانين منه.. سعداء بيه ومريح لهم.. وإنه مقنع».
وذكرت صحيفة «المصري اليوم» المستقلة في افتتاحية في صدر صفحاتها أن مصر يجب أن لا تكون أفغانستان، في إشارة إلى مخاوف من حكم على غرار حكم طالبان المتشدد. وقالت: «نعلم أن بين (الإخوان) والسلفيين متشددين ومعتدلين ونثق - والشعب أيضا - في أن صوت الاعتدال هو الذي سيسود داخل البرلمان».
ويعتقد السلفيون الذين يطالبون بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية - الذين استفادوا من دعم السكان المتدينين في مصر - أنهم يستطيعون تحقيق أداء أفضل في الجولتين المقبلتين.
ومن المنتظر أن يحصل حزب النور السلفي على المقاعد الـ5 التي يجري التنافس عليها في الجولة الأولى وربما أكثر.
وأظهرت الأرقام المعروضة على موقع جماعة الإخوان المسلمين على الإنترنت، أمس، حصول السلفيين على 30 في المائة من المقاعد المخصصة للقوائم الحزبية، وهو ما لا يقل كثيرا عن نسبة 43 في المائة التي حصلوا هم عليها.
وقال محمود حسين (30 عاما) الذي يعمل في التجارة موضحا سبب تصويته لحزب النور في مدينة الإسكندرية حيث تحض لافتات للسلفيين النساء على ارتداء الحجاب: «أعتقد أن بوسعهم جلب التغيير. إنه حزب يحب الدين».
ويرجع حماس حسين للدعوة السلفية إلى سنوات من الإنصات إلى مشايخها في المساجد. ففي أنحاء الشرق الأوسط وفرت المساجد منبرا للإسلاميين للحديث في السياسة، وهو ما لم يكن متاحا للأحزاب العلمانية التي تحاول الآن إعادة تنظيم صفوفها.
وقد يتحسن أداء حزب النور مع انتقال الانتخابات إلى المحافظات غير الحضرية في المرحلتين الثانية والثالثة. وقال حسين المناطق الريفية تميل إلى الدين بدرجة أكبر من المدن.
ويقول حزب النور إنه تعلم من أخطائه في الجولة الأولى. وقال يسري حماد، المتحدث باسم الحزب، إن مسؤوليه يقيمون الأداء في المرحلة الأولى. وأضاف أنه كانت هناك بعض النقاط السلبية يدرس الحزب كيف يتجنبها.
وكان رئيس حزب النور السلفي، الذي يأمل أن يقتطع أصواتا من «الإخوان»، قد ذكر الأسبوع الماضي أن قصورا في التنظيم أدى إلى ضعف الأداء.
وقال عماد عبد الغفور في الإسكندرية، التي تعتبر معقلا للسلفيين: «لقد كنا نتمنى أن نكون الأول في الانتخابات، ولم يتم تغطيتها بشكل جيد، فضلا عن وجود بعض المرشحين الذين لم يبذلوا المزيد من الجهد. الحزب يفتقر إلى قدرات وخبرات الحشد التي تجيدها بعض التيارات والأحزاب الأخرى».
والحزب منبثق عن الدعوة السلفية التي كانت تدعم في السابق الوعظ لا السياسة لنشر رؤيتها للإسلام.
ويعتقد محللون أن الحركة لديها أتباع يبلغ عددهم 3 ملايين وربما تسيطر على 4 آلاف مسجد في أنحاء البلاد. وبمصر نحو 108 آلاف مسجد ومصلى صغير.
وظهور الأحزاب السلفية الطموح أحد أبرز مقاييس التغيير في مصر ما بعد مبارك. وخلال 30 عاما له في الحكم نجا مبارك من محاولات اغتيال وقاوم في التسعينات محاولات نهوض الجماعة الإسلامية (الإخوان) التي شاركت في اغتيال سلفه، أنور السادات، لكنها تخوض الانتخابات الحالية.
ورغم ماضيها العنيف تعارض جماعة الإخوان المسلمين العنف بشدة هذه الأيام وتسعى إلى أن يكون لها دور في مستقبل مصر عن طريق الانتخابات. لكن أداءها ليس جيدا مثل حزب النور. وقال عاصم عبد الماجد، أحد قادة الجماعة، إن مرشحيها لن يخوضوا انتخابات الإعادة سوى على 5 مقاعد الأسبوع المقبل. وقضى عبد الماجد، وهو في الخمسينات، نصف حياته في السجن لدوره في اغتيال السادات.
ويتوقع بعض المحللين أن يسعى «الإخوان» إلى التحالف مع الأحزاب العلمانية لتهدئة المخاوف في الداخل والخارج بشأن رؤيتها لمصر التي يوجد بها 8 ملايين قبطي.
وقال علي عبد الرحيم، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، ومقره القاهرة، إنهم لا يريدون تخويف الأقباط والنساء والليبراليين والغرب. لكن على «الإخوان» أيضا أن يأخذوا في الاعتبار رغبة مؤيديهم المحافظين في تطبيق الشريعة الإسلامية على نحو أكبر.
وهدأ أبو إسماعيل من مخاوف المشاهدين الذين وجهوا له أسئلة خلال مداخلات هاتفية في ظهوره التلفزيوني يوم الخميس. وقال إن الحريات مقدسة في الإسلام، مشددا على أن الشريعة تضمن حقوق المسيحيين في ظل الحكم الإسلامي. وأظهر أيضا لمحة من العملية ربما بهدف طمأنة المشاهدين من أن التغيير الجذري ربما لا يأتي على الفور.
وقال: «متصورين إن لما بنقول رأي دلوقتي معناه أن ده هيتنفذ دلوقتي؟ أنا ممكن زي ما قلت لكم في فرق بين إن احنا نقول إيه اللي أنا شايفه إيه الصح وإيه الغلط وبين إن في بعض الأمور دي لن تنفذ ولا في عشر سنين ولا في عشرين سنة».
♥·٠•● Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ اضف تعليق Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ ●•♥·٠