تجلس ليلي وهي تشاهد فيلم "المراهقات"، فتنهمر الدموع علي وجهها، وتفكر هل كان يجب علي الفنانة زيزي مصطفي أن تتسرع في قرار الانتحار وحبيبها علي وشك الوصول لإنقاذها من زوج الأم القاسي، ولكن قبل نهاية الفيلم ترجع الابتسامة لها مرة أخري عندما تفشل محاولة انتحار الفنانة ماجدة وتعود إلي رشدي اباظه، وبانتهاء الفيلم لا ينتهي تفكير ليلي التي لم تتجاوز سن الـ 19 فكرة الانتحار، فينتقل المشهد من الفيلم إلي جريدة "المصري اليوم"، عندما تقرأ عن انتحار طالبة بالبحر الأحمر بمبيد حشري بسبب إكراهها علي الزواج دون موافقتها ..
فطوال فترة المراهقة نمر بأوقات نعانى فيها من تقلبات في المزاج وإحساس بالوحدة لا نستطيع التحكم فيه، وتراودنا هواجس عن الموت والانتحار باستمرار، ورغم تعدد الأسباب حول اللجوء إلى الانتحار، فإن معظم البنات اتفقت أن العائلة كثيرا ما تكون جزء من هذا القرار، فتحكى أميرة عن معاملة والديها ولومهما الدائم لها بسبب تصرفاتها، فتقول: "أنا أدرس بالمستوى الثانوي، وأمي وأبي يضربونني ويسخرون مني دائما، وهذا دفعني إلى التفكير بالانتحارعلى الرغم أنى أعرف أنه هروب من المشكلة".
البيروسول بسبب الأب
وأحيانا غياب الأهل يعنى الكثير لدى الفتاة، فتشكى انجي دائما من تجاهل أهلها لها وتركهما الحبل على الغارب لتفعل ما تشاء، حتى تورطت في الكثير من الأخطاء وفشلت فى دراستها لتلجأ في النهاية لبلع شريط أسبرين، ولكنها تذكرت في المستشفى قائلة: "ما تعرضت له أثناء لحظات الموت جعلني أفكر مائة مرة في هذه الخطوة، وبالتأكيد هناك حل لما أنا فيه فأنا لا أضر سوى نفسي".
أما غياب الوالد بالنسبة لمي، رغم احتياجها له، وزواج والدتها، كل هذا جعلها تلجأ لشرب عبوة بيروسول، ولكن بعد عودتها من الغيبوبة وإدراكها قالت: "أيقنت معنى الحياة وقيمتها، والآن أنا على وشك الزواج من خطيبي الذي عوضني بحياة مليئة بالسعادة، كنت سأضيعها لمجرد لحظة متهورة".
فتش عن الرجل
وبما أن حياة الفتاة غالبا ما تتمحور حول الرجل سواء كان أب أو حبيب أو زوج، فالرجل له دوركبيرفى لجوء الفتاه إلي الانتحار، فالعلاقات الفاشلة قد تؤدى للعديد من هذه الهواجس، فتحكى أمنية، عن ارتباطها بشاب بعلاقة عاطفية تطورت لتكون جنسية تحت مسمى الحب، ليتركها في النهاية ويخطب أخرى ويهددها بنشر صورها إذا لم تتركه، فحاولت الانتحار بقطع يديها أملا في الهروب، فتقول: "حاولت الهروب من مشكلة بمشكلة أكبر، تركت في نفسي تأثير عميق ومؤلم، ولكن بعد أن تقربت من الله أشعر الآن بندم على ما فعلته، ولكنى تعلمت من التجربة الكثير".
لفت انتباه
"هناك ثلاث مستويات للانتحار أولهما الأفكار الانتحارية وثانيهما محاولات الانتحار وثالثهما الانتحار فعليا"، هذا ما بدأ به دكتور عمرو أبو خليل، استشاري الطب النفسي، حديثه، فأشار أن معظم الفتيات تراودهم أفكار الانتحار وأحيانا يمروا بمحاولات، ولكن محركهم الأساسي في هذا لم يتعدى سوى لفت انتباه الآخرين لهما، أو إظهار إحساس الغربة، وأكد أنهم لا يفكروا بالانتحار فعليا لأنهم لم يقدروا خطره تحت ضغط المشكلة التى يمروا بها، ولكن هناك بعض الحالات التي تكون تحت تأثير مرض اكتئاب، وهذه يجب مراعاتها والتوجه لطبيب لدراسة المشكلة ومعالجتها..
أما الدكتورة داليا الشيمي، أخصائية تقييم نفسي، فأكدت علي مبدأ "التهيئة النفسية" التي تقع فيه الكثير من الفتيات، وأكملت حديثها قائلة:"كثيرا ما نتحدث عن الانتحار وازدياد نسبته في البرامج والمقالات الصحفية، فيقرأ من لديه ميول لهذه الكلمات فتتولد عنده مشاعر تعاطف مع الآخر ممن فعل هذا قبله، ويقنع نفسه أنهم بالتأكيد كانوا يعانون من الم مثل ما يعانيه فيصبح عنده قبول لهذه الفكرة، بما أنها فكرة مقبولة اجتماعيا طالما أننا نناقشها في وسائل الإعلام، ولذلك يجب توجيه الفتيات إلى الجزء المشرق من الحياة بدلا من قوقعتهم في دائرة هواجس مغلقة صعب الخروج منها بسهولة ".
وفيما يخص رأي الدكتورة أميرة بدران، طبيبة نفسية، فقد ربطت بين أداة الانتحار وبين شخصية من يقوم به، فقالت: "إن الفتاة التي تقدم على الانتحار بتعاطي شريط من الأسبرين هي شخصية هستيرية تميل إلى الاستعراض، وتهدف إلى لفت الانتباه فقط، وليس لديها أي نية حقيقية في الانتحار، فهي تعرف أنه في أسوء الحالات سيتم إنقاذها، أما من قامت بقطع شرايينها أو شربت بيروسول فهي فتاة يائسة وصلت لدرجة متقدمة من الاكتئاب أدت بها إلى الاعتقاد أن الانتحار هو الحل الوحيد لمشكلتها، فكلما زادت قسوة الأداة المستخدمة في الانتحار، وحين ينعدم شعور الشخص بالخوف من الموت، كلما كان المنتحر جادا فيما فعل".
...
وأنت هل كانت لكي تجارب انتحار من قبل..