زواج الأقارب من القضايا الاجتماعية التي تناولها الباحثون على عدد من المستويات، كان أهمها وأكثرها حضورا المستوى الطبي أو الصحي وما يترتب على هذه الزيجات من مشكلات وراثية، وقد واجهت هذه المشكلة بحلول منها: الفحص الطبي قبل الزواج الذي قلص إلى حد كبير من هذه المخاطر.
وفي هذا التقرير نتناول بعدا مهما وهو البعد الاجتماعي، وما يترتب على زواج الأقارب من تقوية الروابط الأسرية والاجتماعية أو هدمها من الأساس.. لها أون لاين استطلعت الآراء حول زواج الأقارب فماذا قال المشاركون؟
الأقارب لا يستغنون عن بعضهم!
في البداية تؤكد "منى بدوى" ربة منزل أن زواج الأقارب كغيره من الزواجات، وما يعترض الأهل من مشكلات الطلاق والانفصال وراد في أي علاقة أخرى.
وتضيف أن المعول في هذا الزواج أو غيره، يكون في حسن الاختيار والتوافق بين الزوجين، وقبل كل شيء توفيق الله ومعرفة الجميع أنهم أقارب، وأن بينهم أرحام، وأنهم مهما حصل بينهم لا يستغنون عن بعضهم.
وحول ما قد ينشأ من مشكلات بين الزوجين تهدد الروابط الزوجية تقول:"سكين الأهل تلمة" أي لا تقطع، وأن أي توتر بين الأسرة المتماسكة يأخذ وقته ويزول، وتضيف أنه على قدر المحبة يكون العتاب، وترى أن زواج الأقارب عزوة، متى ما توفرت الشروط الأساسية للقبول بين الزوجين.
أقبله وأرفضه!
أما أسامة بكر فيقف في منطقة وسط، فهو يقول: أرفض زواج الأقارب ولا أتردد إذا جاءني أحد أقاربي خاطبا لابنتي أو أختي، فالمسألة فيها مخاطرة ومغامرة اجتماعية، لكن نحن نخضع لعادات وتقاليد ورفض القريب من المساءل الحساسة جدا، كما أن قبوله من المسائل المحفوفة بالمخاطر والمغانم أيضا، ففي حال الفشل لا قدر الله تكون المخاطرة عالية، ربما بلغت لتمزيق الروابط الأسرية وتقطيعها، والمغانم تكون كبيرة أيضا في حال كتب الله التوفيق لهذه الزيجة.
ويضيف: قد يبدو كلامي مترددا أو محايدا، لكن أنا أتحدث عن واقع أعيشه، فأنا مثلا متزوج ابنة خالتي، وأبي متزوج ابنة خاله، وعمي متزوج من ابنة خالي، وحين تنشأ أزمة في أي أسرة من هذه الأسر الصغيرة التي ذكرتها لك نكون في ظروف عصيبة، لكنها قليل ما تحدث والحمد لله، وأعتبر أن التفاوت في أعمار الزوجات في الأسرة يجعلهن متماسكات ولديهن خبرات واسعة على احتواء المشكلات التي لو نشبت لن يسلم منها أحد!
أرفضه وليكن ما يكون!
وعلى عكس الرأيين السابقين يرى أنور سعد أن زواج الأقارب من عوامل تمزيق الروابط الأسرية، وأن ضرره أكثر من نفعه، وأنه من الأفضل للإنسان أن يبقى على قرباته وأرحامه، وألا يقطعها بالمصاهرة، في زمن كثر فيه الخلاف والطلاق، وبالتالي تمزيق الروابط العائلية.
ويضيف أنور سعد: زواج الأقارب من الصور الاجتماعية الجميلة الحالمة التي لا تناسب الوقت الراهن، لأنه ببساطة إما أكون موفقا في زواجي فأكسب زوجتي وأهلي جميعا، أو أكون غير ذلك فأخسر زوجتي وأهلي جميعا.
لكن في حال الزواج خارج الأسرة، تبقى عائلتي سندا لي في كل الأحوال، ولا أخسرها مهما حصل، كما أن بعض الأزواج والزوجات في الزمن الراهن لا يقدرون هذه الأبعاد الاجتماعية الخطيرة لزواج الأقارب، ويتصرفون في أحيان كثيرة بتهور يتضرر منه الجميع.
لا تخويف ولا تهديد!
وحول هذه الظاهرة الاجتماعية وما يكتنفها من إيجابيات وسلبيات يقول الباحث الاجتماعي الدكتور حازم حنفي لموقع لها أون لاين: "حين نتحدث عن زواج الأقارب يجب ألا نخوف الناس منه، كما يجب ألا نزينه ونبالغ في إيجابياته، فزواج الأقارب ـ كشأن أي أمر من أمور الحياة ـ له إيجابياته وسلبياته".
ويقول الدكتور حنفي: "إن زواج الأقارب له العديد من الإيجابيات، منها: أن الزوجة تكون أكثر حرصا على زوجها، وعلى أسرته، كما أنه يزيد الروابط بين أبناء العائلة الواحدة".
ويرى حنفي أنه لا يجب أن نخوف الناس من زواج الأقارب، كما يجب أن يكون لدينا فقه اجتماعي، وذلك بحصر المشكلات التي تنشأ عن الزواج في الزوجين فقط وألا تعداهما لبقية أفراد العائلة، وهذا يحتاج إلى جهد توعوي كبير من جانب الدعاة وخطباء المساجد، فضلا عن تفهم عموم المسلمين أنه لا توجد حياة خالية من المشكلات.
أما عن سلبيات هذا الزواج فيرى حنفي أنها تتمثل في انكفاء بعض الأسرعلى نفسها لأغراض، إما عصبية أو لأغراض اقتصادية كالخوف من ذهاب العقارات والأموال إلى أزواج ليس من العائلة، وهذه كلها أمور ليست من الإسلام في شيء، فالزواج هو من وسائل توسيع العلاقات بين المسلمين، من داخل ومن خارج الأسرة، وقد أشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، إلى أهمية التباعد في الزواج حتى لا يضوي النسل أي يضعف.