هي كائن أنثوي ضعيف، لكنها تهوى الملكية الفردية، ابتداء من أشيائها الخاصة وأبنائها وخادمتها حتى زوجها، كلهم لها وحدها، وقد تختصم مع ابنتها إذا فكرت باستخدام ولو «أحمر شفاهها»! فكيف إذا فكّر الزوج أن يتزوج بغيرها؟
وبالمقابل هو يريد امتلاك أكثر من بيت، وأكثر من ولد، وأكثر من سيارة والكثير الكثير من الأصدقاء! وبما أن الحبل على الجرّار فلا يضيره امتلاك أكثر من زوجة! من هنا وصفت هي بالمحبة للتملك، ووصف هو بالمحب للتعدد، فلمن الغلبة؟
عندما شنت الإحسائيات، في السعودية، هجومًا شرسًا على ظاهرة التعدد التي انتشرت في مجتمعهن وأعددن أسلحة الهجوم من برامج توعية وتثقيف ومحاضرات وندوات، ينتقدن فيها سلبيات التعدد، ساندهم في ذلك اختصاصيون في شؤون الزواج؛ حين تراوح طلب الشباب على المطلقات في العشرينيات بين 70 ـ �. هذه العدوى انتقلت إلى الإماراتيات، لكن نساءهم أصابتهن الحيرة، وقد رفعت كثيرات منهن عبر الـ«فيس بوك» شعار: «نعم للخيانة.. لا لتعدد الزوجات» فالمرأة الثانية لن تحسب على الزوجة، لهذا قد تتجاوز الكثيرات منهن عن نزوات الزوج؛ لأنه في النهاية سيعود لها، وبدأن بفرض شرط عدم التعدد في عقد الزواج، إبتسام الزعابي، مدربة العلاقات الزوجية في عجمان، أيدت شرط الفتيات المقبلات على الزواج، مفترضة أن الطريقة ستنجح، لكن ترددها ينبع من أن الشرط يخالف الشرع، الذي أجاز للرجل حرية التعدد، وتستدرك: «ليس حبًا في التغيير كما يفعل رجل اليوم، فلي صديقة إماراتية، اتفقت مع شاب على الزواج، وقبل بشرطها وهو رفض التعدد، وبعد أن تم تسجيل عقد الزواج، اعترض الأهل وأوقفوا الزواج، وحتى هذه اللحظة لم يصل العروسان الجديدان إلى نتيجة رغم قصة الحب القوية التي تربطهما»! وتعتقد الزعابي، أن ميل الرجل للتعدد هو أمر بيد المرأة نفسها.
بالسر كشفت إحصائية جديدة أعلنتها وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية أن 255 ألف طالب وطالبة في مصر اختاروا الزواج العرفي، أي بنسبة من طلبة الجامعات البالغ عددهم 5.1 مليون، وزيجاتهم هذه لا تحتاج لموافقة ولي أمر، بينما ليس هناك إحصائية تمكنت أي جهة رسمية من إجرائها، وهم عادة يحولون العقد العرفي إلى رسمي بعد موافقة الولي، ووجود المهر والشهود، ولكنه قد لا يحرر من موظف رسمي في هذه الحالة، حتى لو رأت الزوجات أنه يتوجب على الرجل، من باب الأخلاق والاحترام، أن يعلم زوجته بزواجه الثاني فلن يعطيها هذا الحق حتى تقرير الاستمرار من عدمه، مادام مطمئنًا أن أمره لن ينكشف، وهذا تحديدًا سبب تأييد هيام عبد العزيز، موظفة في قطاع التعليم، لشرط عدم التعدد، وتتابع: «حتى لو تركت التعليم وتفرغت لتربية أبنائي الخمسة، فلن تنقطع سبل زوجي من إيجاد فتيات يقبلن الزواج من رجال متزوجين، علنًا أو سرًا، خوفًا من العنوسة، ولا يوجد لديهن اعتراض حتى لو كانت إحداهن الزوجة الرابعة».
نعم للتعدد: بالمقابل أطلق ناشطون على الفيس بوك يحملون اسم «الأمل مع التعدد» صفحة «لا للعشيقات... نعم لتعدد الزوجات»، وعمران السيد، صاحب أعمال تجارية خاصة في دبي، من أنصار هؤلاء الناشطين، فالرجل برأيه لن يكون رجلاً إن قبل بحد حرّيته. ويخبرنا عمران قصة ابنة أخته التي وضعت هذا الشرط في عقد زواجها، ورغم أن الزواج سيتم قريبًا إلا أن الأهل من الطرفين مازالوا يعارضون، والله يستر، يتابع عمران: «عقدت قراني على فتاتين من الإمارات، ثم فسخنا العقد؛ لرغبة كل منهما بالتحكم بالرجل، والتدخل في شؤونه حتى الشخصية، بوضعهما لهذا الشرط، وقد اختصرت الطريق على نفسي، وبعد شهرين سأتزوج من المكسيك بعد أن فشلت بالارتباط من البنت الإماراتية، التي تريد تقييد حقي الشرعي»، ويرى عمران أن الزواج الثاني يكون مناسبًا إذا كان من عانس أو مطلقة؛ لخدمة المجتمع!
نكديات: في البلاد التي وضعت قيودًا على تعدد الزوجات، كالجزائر، والتي نصت قوانينها على ضرورة موافقة الزوجة الأولى عند رغبة الزوج بالارتباط من ثانية، والذي اعتبره كثيرون «علمنة للزواج»، فتح هذا القانون شهية رجالهم للزواج العرفي، الذي ترك أولادًا بغير نسب وزوجات بدون نفقة، ولكن الإماراتي منير حاجي، خريج جامعي، يستنكر هذا الوضع، ويتساءل: «كيف نجعل أمرنا بيد نسائنا؟» ويتخيل منير لو قبل بهذا الشرط وبعد الزواج فوجئ بـ«الحرمة» مريضة أو نكدية، ويفترض مسبقًا أنهن كلهن نكديات، ورزقه الله بأولاد منها لكنه لم يجد راحته معها، ورغب الزواج بثانية، يتابع منير: «حسب الشرط لابد أن أطلّق الأولى، وأخرب بيتي، وأضيع عيالي، كل ذلك لأجل إرضائها، هذه أنانية الحريم اللواتي أخذن كل شيء، ويرغبن الآن بتغيير شرع الله»!
ويتفق معه أحمد الشامسي، موظف في مؤسسة عامّة، وقد بدا تعبيره مجحفًا بعض الشيء، فهو يسمي المرأة «واحدة» وهذه الواحدة لا تنجب، وهو يريد الأولاد، أو قد يتزوج بامرأة وتصاب بمرض طويل، فماذا يفعل حينها؟ ويتابع: «هل يطلقها لأنها مريضة أو لأنها لا تنجب؟ أو يطبق الشروط؟ أو يبقيها ويبقى هو مريضًا معها أو بدون أولاد؟ وإذا طلقها لأحد هذه الأسباب فسيقول المجتمع: «الرجل ظالم»! وإذا بقي هو معها على هذه الحال فسيظلم نفسه، والحل إذن تبقى زوجة معززة مكرمة ويتزوج بأخرى». ومن خلال تجربته، كما روى لنا، حاولت زوجته وضع شروط معينة مثل: عدم الزواج بثانية إلا بعد أخذ موافقتها، ولكنه رفض الفكرة، وذكر لنا نقلاً عن صديق له أن زوجته لا تحب ممارسة العلاقة الحميمية؛ لأن رغبتها محدودة، أو ربما زوجها لا يميل نحوها، فماذا يعمل؟ هل يبقى محرومًا من الحلال، ومكبوتًا مراعاة لشعور زوجته الأولى، أو يذهب ليبحث عن الحرام، أو يتزوج؟ يعلّق الشامسي: «عدم التعدد فكرة فاشلة ولا يوافق عليها معظم الرجال».