الكثير منا سمع عن قوة الشخصية وكيف أنها من وسائل النجاح في الحياة العملية والاجتماعية وفي كل مجالات الحياة بشكل عام، وكم يشعر الإنسان بالفخر إذا وُصِف بقوة الشخصية وسيطرته على جميع الأمور، لكن قوة الشخصية تتطلب خطوات وعدة مقومات لكي يصبح الإنسان قوي الشخصية. السؤال هو هل أنت قوي الشخصية؟
قبل أن تجيب عن هذا السؤال يجب أن تعرف أولاً معنى قوة الشخصية، لأن الكثير منا يخطئ في فهم الشخصية القوية ويعتبرها شخصية صارمة بها غلظة في التعامل مع الآخرين.
ما هى الشخصية القوية
الشخصية القوية هى الشخصية التي تستمر في النمو والتطور، فصاحب العقلية المتحجرة ضعيف الشخصية، ومن لا يستفد من وقته وصحته وامكانياته ضعيف الشخصية، ومن لايُعدّل من سلوكه ويقلع عن اخطائه يكون أيضاً ضعيف الشخصية، ومن يعامل الناس باستعلاء وغرور ما هو إلا ضعيف الشخصية وذلك لأنه يعوض ضعف شخصيته بالمظاهر الخادعة.
لابد أن تعلم أن لقوة الشخصية أهمية فعلية في مسيرة الحياة، وذلك لأنها الدليل القاطع على ثقة الإنسان في نفسه وقدرته على النجاح، وأيضاً هى من أسباب حب الناس لهذا الشخص وثقتهم فيه واعتمادهم عليه واتخاذه قدوة ومثلاً يحتذى به.
خطوات اكتساب قوة الشخصية
اقضي على الخوف تماماً
الخوف شعور يشل الأركان، ويترك انطباع العجز لدى الشخص وعدم قدرته على فعل أي شئ. وقد يختلف الخوف نسبياً، فيبدأ بالخجل الاجتماعي، ثم الخوف من الفشل في أي مجال من مجالات الحياة، وينتهي بالخوف المرضي من أي شئ. وللقضاء على هذا الخوف فعليك أن تقوم بالخطوات التالية:
- استخرج طاقة الشجاعة بداخلك.
- قم بالتخطيط لأي عمل أو مقابلة.
- تخيل نجاحك في الموقف الذي تخافه وتخيل ثناء الناس لك.
- تأكد أنك إذا استسلمت للخوف فلن تتقدم في حياتك، أما إذا بادرت وفشلت فسوف تكون لك خبرة للتعلم منها.
- واجه أسوأ توقعات الفشل بالابتسامة والعزيمة على المحاولة مرة أخرى، فلقد فشل أديسون 999 مرة قبل اختراع المصباح ونجح في المرة الألف.
قوي ثروتك اللغوية
كم شخص لديه موهبة الإقناع ولكن عند أول موقف يتعرض له لكي يعرض أفكاره سرعان ما تتكاثر هذه الأفكار في عقله إلا أن حصيلته اللغوية والتعبيرية تمنعه من الإفصاح بها، ويحدث له حالة من التلعثم، ويتردد كثيراً، ويتعرق من الخجل، وهو ما يفقد هذا الشخص أهم صفة من صفات قوة الشخصية وهى التعبير عما يريد بوضوح تام وبكلمات معبرة.
كن مبادراً
لا تنتظر أن يبدأ غيرك حتى تكمل مسيرته، بل كن أنت أول من يبادر فالشخص القدوة هو من يقتدي الناس به لا من يقتدي بالناس. كن مبادراً تعني أن حياتك يجب أن تكون نتيجة قيم أنت تؤمن بها ولديك اليقين الكامل فيها، وتعيش حياتك وفقاً لها، ولديك الاستعداد أن تموت من أجلها فكن مبادراً.
ابحث في حياتك عن أمور تحتاج إلى تغيير وتقويم ولا تنتظر أحداً يأتي من الخارج ليغيرك، وأيضاً لا تنتظر صدمة أو حادثة توقظك بل بادر بتغيير حياتك للأفضل ثم طور ما غيرته ليكون أفضل ما يكون.
كن مبتسماً واخفض جناحك
الكثير منا يعتقد أن الشخص القوي هو الشخص المقتضب الحاجبين، العابس الوجه، والذي لا يبتسم حتى لا تضيع هيبته، ولكن الشخصية القوية على العكس من ذلك تماماً، فلكي تكون قوي الشخصية عليك بالتبسم في وجوه الناس من غير ابتذال أو إفراط، فخير الأمور الوسط، فالوجه البشوش وجه مشرق ويبعث على الطمأنينة في قلوب الناس ويحفز الناس على الوجود بقربه والاقتداء به، فعليك بخفض جناحك للآخرين بمساعدتهم والسؤال عن أحوالهم بود وحب، فالرحمة والعطف من صفات الشخصية القوية.
تحمل نتيجة أفعالك
إذا أخطأت فلا تتوارى خلف أعذار واهية أو إنكار لما فعلته فهذه صفات الجبناء، ولكن تحمل نتيجة اخطائك وتعلم منها فليس من بني البشر من هو كامل أو معصوم من الخطأ، ولكن من يجد في نفسه القوة والثقة فيجب أن يعترف بذنبه ويتحمل عواقب أمره ويتعلم من عثراته لتكون له درجات للارتقاء على سلم النجاح.
حب لأخيك ما تحب لنفسك
حاول أن تبعد عن الأنانية والاحتكار لكل شئ جميل، وشارك بهذا الشئ مع من تحب لتجني السعادة والحب، ولا تشعر بالحسد تجاه شخص سبقك بالخير أو نجح قبلك بل اتخذه قدوة لتكون أنت الناجح التالي مباشرة، ولا تبغض أحداً يحاول النجاح بعدك بل مد يدك له بالعون فالعالم لن يشقى بكثرة الناجحين ولكنه بالتأكيد سينتهي بكثرة الفاشلين.
فكر أولاً ثم تكلم
كم من شخص قضى على نفسه وقال ما لا يحسن مقاله، واتخذ الكلام عنوان لسطوته ولم يعلم أن في كلامه نهاية له. فاحذر من لسانك أن يبادرك بخسران نفسك، وفكر أولاً فيما تريد قوله ثم مرره على عقلك بمنتهى الموضوعية حتى تعلم ما يمكن أن تقول وما الصمت فيه أفضل من الكلام. يجب أن يكون كلامك معبراً عما بداخلك وما تستطيع عمله وأن يكون خيراً وله فائدة فعلية ترجى وإلا فالصمت هو ملاذك.
يحكى أنه في أحد الأيام جاء لسقراط الحكيم شخص يقول له بحماس شديد:
هل تعرف ما سمعته أخيراً عن أحد تلاميذك؟!
أجابه سقراط: قبل أن تتكلم أريد أن أجري عليك اختباراً بسيطاً وهو اختبار مصفاة المثلث
سأله الرجل مندهشاً: وما هو هذا الاختبار العجيب؟
أجابه سقراط: هو اختبار يجب أن نجريه قبل أن نتكلم، سنبدأ في تصفية ماسوف تقوله.
أول مصفاة اسمها الحقيقة : هل أنت متأكد أن ما ستقوله لي هو الحقيقة؟
قال الرجل: لا لست متأكداً، أنا سمعته من.....
قال سقراط :حسناً، إذاً أنت لست واثقاً إن كان الأمر صحيحاً فلننتقل إلى المصفاة الثانية وهى مصفاة الخير :هل ما ستقوله لي هو للخير؟
فاجاب لا بل على العكس.
أكمل سقراط: حسناً تريد أن تقول لي خبراً سيئاً حتى وإن لم تكن متأكداً من صحته؟ ومع ذلك فسوف نجرب المصفاة الأخيرة وهى مصفاة الفائدة: هل ما ستقوله لي سيعود علي بالفائدة؟
أجاب الرجل في خجل: لا ليس له فائدة.
ختم سقراط الحديث بقوله: إذاً مادام ماتريد أن تقوله لست متأكداً من حقيقته، ولا هو للخير، وليس له فائدة، فلماذا تريديني أن أسمع؟!
مما لاشك فيه أن لكل شئ دعائمه التي تساعده على الاستمرار، ولكي تأصل صفة قوة الشخصية في نفسك فعليك بالاعتناء ببعض الصفات الأخرى مثل تنمية ثقتك بنفسك. ويمكنك لتنمية ثقتك بنفسك البدء بالتالي:
- اكتب ما تعنيه الثقة بالنفس بالنسبة إليك.
- اكتب عشرة صفات جيدة تجدها في نفسك.
- اكتب أسوأ الصفات التي تريد تغييرها.
- حاول تغيير الصفات السيئة مع الحفاظ على الصفات الجيدة وتنميتها للوصول إلى صفات الثقة بالنفس التي حددتها لنفسك على أن تتقبل ذاتك ولا تقارن نفسك بأحد.
ومن العوامل المساعدة أيضاً
- تنمية مهارة المرونة في التصرف وحل المشكلات، فدائماً ضع لنفسك أكثر من حل أو احتمال يمكنك التنقل خلالهم على خلفية المشكلة الراهنة أو الموقف الحالي، ولا تجعل لنفسك حل وحيد أو تصرف واحد لكل المواقف والمشكلات، فكل موقف ومشكلة تختلف عن الأخرى حتى وإن بدت متطابقة الأحداث. ويمكنك تنمية مهارة المرونة من خلال التجربة والخبرات السابقة.
- كما يجب عليك دائماً أن تسعى لتطوير مهاراتك وقدراتك بصفة مستمرة، فالعالم من حولك دائماً في تطور وإذا وقفت مكانك أو اكتفيت بقدراتك حتى وإن كانت كافية وجيدة في الوقت الحالي إلا أنه مع مرور الوقت ستكتشف أنك قد فاتك الكثير من التطور ومواكبة الحديث حتى في طريقة التفكير وحل المشكلات مع الحفاظ على الثوابت الأخلاقية والآداب العامة، فالتطور لا يعني الانسلاخ من ثقافتك واتباعك لأعراف وتقاليد الغير، ولكنه يعني التوفيق بين تقاليدك وأعرافك وبين الحداثة والتطور للوصول إلى أعلى مراتب النجاح بمهاراتك المتقدمة المواكبة للتطور.
وأخيراً نقول لك إن اتبعت هذه الإرشادات البسيطة فأنت الآن قد قطعت نصف الطريق لقوة الشخصية، أما النصف الآخر فهو التحلي بصفات قوة الشخصية والتي سبق ذكرها بالإضافة إلى بعض هذه الصفات والتي من ضمنها:
الصدق في التعامل
فقوي الشخصية لا يعرف النفاق بل يفعل الشئ الذى يقتنع به ولا يقول إلا ما هو مقتنع به، وإذا وعد صدق، وإذا تحدث كان الصدق عنوان لكلامه.
الصبر
فهو يصبر إذا تعلم شئ ويصبر إذا علّم أحداً شئ، ويصبر على الناس إذا جهل عليه شخص فيكون الصبر صفته، ويكون لديه من الصبر الجميل وسعة الصدر ما يؤهله لقيادة أشجع الناس، فقوي الشخصية القائد ليس بشجاع فقط ولكنه يتصف بالرحمة والشجاعة والحلم والصبر، ومن الصبر أيضاً تمهله في اتخاذ القرارت.
الموضوعية
وهى نظرته لكل الأمور، فلا يغلب هوى نفسه بل يكون في أغلب الأوقات يتسم بالحيادية والعقلانية في رؤية الأحداث، ويأخذ بالرأي والرأي الآخر، ولا يستبد برأي دون الآخر.
ونهاية فإن من أفضل صفات قوة الشخصية وأيضاً من أقوى الوسائل المساعدة في تنمية المهارات وتطوير الذات هو الاطلاع والقراءة ولا يقتصر على نوع واحد من مجالات القراءة بل يكون واسع الاطلاع في كل المجالات، وقد قال الدكتور إبراهيم الفقي الخبير في البرمجة العصبية اللغوية أن القراءة لمدة 20 دقيقة فقط في اليوم لها بالغ الأثر في مسيرة نجاح الشخص وتنمية ثقته بنفسه وقوة شخصيته.