صارحتني خطيبتي بخوفها من ليلة الزفاف نتيجة ما سمعته من الأخرين
د. نعمت عوض الله
الأساتذة الكرام.. أدعو الله أن يجزيكم خير الجزاء، وأن يمنّ عليكم بمزيد من الحكمة والعلم النافع، وأدعو الله وأتمنّى أن يزيدكم، وأن يُلهمني الله بعضا من حكمتكم وأسلوبكم المتوازن.
أنا شاب عمري ٢٣ عاما، مُقبل على الزواج بعد حوالي ٦ أشهر إن شاء الله، وأنا خاطب منذ حوالي ٥ أشهر، ما أودّ أن أستشيركم فيه هو أني خلال فترة التعارف تحدّثنا من خلال الهاتف عن أمور كثيرة حتى عن ليلة الدخلة؛ لِمَا لتلك الليلة من أهمية في الحياة الزوجية، فما كان من خطيبتي إلا أن قالت لي: "إني أخاف جدا من هذه الليلة"، ولمّا سألتها عن السبب تبيّن لي أن ذلك نتيجة ما سمعت من البيئة حولها عن مغامرات تلك الليلة، ومستوى العنف فيها على حد تصوّرها، فما كان مني إلا أن حاولت أن أجتث ذلك الخوف بقدر الإمكان شيئا فشيئا، وأخبرتها أن تلك الليلة هي ليلتها، ويجب أن تفرح بها بدل ذلك الخوف.
وقلت لها ماذا تريدين لكي يزول عنك ذلك الخوف في تلك الليلة؟ فقالت: "ألا تقربني أبدا فيها، ويمكن حتى في أول ٣ أيام من الزواج"، فقلت لها: "لك ما طلبت.. ولكن إن هناك أشياء لا بد لنا أن نفعلها كأن ندعو الله، وأن نصلي مع بعض لكي يبارك الله في زواجنا، وأن نأخذ بعض الصور كذكريات لنا"؛ فقالت: "حسنا نفعل تلك الأشياء، ثم تذهب مباشرة لتنام منفردا"، فما كان مني إلا أن وافقت على ما تريد لكي أنزع ذلك الخوف من خيالها، وقد أخذت مني وعدا بذلك، ومن جهتي فإني والله سعيد لهذا إذا كان هذا سيصبح سببا للانسجام المستقبلي في حياتنا.
وفي وجهة نظري أن العملية الجنسية لا تتم بنجاح إلا برغبة الطرفين؛ فأقول لنفسي ما دام أن هذه الرغبة غير موجودة عند الفتاة في الأيام الأولى من الزواج؛ فيجب مني الانتظار إلى أن تتوفّر الرغبة التي تأتي بزوال الخوف.
أرجو منكم أن ترشدوني إذا كان تصرّفي صوابا أو خطأ.. وهل يُؤثّر ذلك على سُمعتي كرجل في نظر الفتاة؟ وجزاكم الله ألف خير.
يا ولدي.. ما أكرمك وأنبل مشاعرك، لي تعليق قبل أن أردّ عليك وأرجو أن تتقبّله، وهو ما كان لك أن تتكلّم مع خطيبتك عن ليلة الزفاف؛ فالمخطوبة تظلّ أجنبية وهناك ضوابط للكلام معها، إلا إذا كنتم في بلادكم تُطلقون لفظ الخطبة على عقد الزواج كما في أقطار أخرى خليجية وغيرها.
يا ولدي.. بالصدفة البحتة لأنك نقي القلب وصافي النفس كانت خطيبتك خائفة؛ فسار الحديث في اتجاه إغلاق الفكرة وليس فتح الحوار عنها، ولكن لو كان الحوار قد سار في الطريق الطبيعي ربما كانت قد حدثت تجاوزات لفظية؛ لأن الحديث عن الجنس في حد ذاته مثير، وإذا كان بين المخطوبَين اللذين يعرفان أنهما على وشك الزواج، فهما يتحرران أحيانا من كثير من قيود الكلام، وتنقلب المكالمات بعدها إلى إثارة وعلاقة كلامية.. عموما ما فات قد فات.
أنت تَذْكُر أن خوف خطوبتك من ليلة الزواج الأولى ناتج عن البيئة المحيطة بها، وأنا أحبّ أن أصدّق أن هذه هي الحقيقة؛ لأنك لم تذكر إذا كانت تحبّك أم لا أو إذا كان هذا مجرد ارتباط عائلي؟؟
عموما في جميع الأحوال أحبّ أن أقول لك إن البنات فعلا -خاصة في المجتمعات المغلقة- يخفن من فكرة علاقة الليلة الأولى لِمَا يسمعن من الصويحبات اللاتي يُبالغن كثيرا في بعض الأشياء، وأنت تستطيع أن تبر بوعدك وتظل رجلا مكتمل الرجولة.. لقد اتفقتما على أن تصليا وتدعوا معا، ثم ترحل أنت إلى حجرة أخرى.
أولا: لا تجعل في بيتك حجرة أخرى قابلة للنوم فيها إن استطعت ذلك، وما زال أمامك وقت، فلتكن سائر الحجرات مقاعد وأرائك صغيرة، ولو كانت الأمور تقتضي حجرة نوم أخرى فأجّل فرشها بما ييسر استعمالها بعد زواجك. بعد الصلاة والدعاء تحدّث إليها.. صفْ لها سعادتك بزواجك منها وحبك لها.. كن قريبا منها وتغزل في جمالها بهدوء وليس كمقدمة لأي شيء.. من الطبيعي أن تبدأ تلين ويختفي خوفها تدريجيا، وقد تجد أن الأمور تمت على خير وجه. إذا ظلت متحجرة فلا تستسلم بسرعة أطل في الكلام والغزل والملاعبة الرقيقة لشعرها أو وجهها قدر تقبّلها وانظر للنتيجة.
لو لم تتحسّن أمورها فنم في فراشك ولا تقربها، ولكن لا تعطها ظهرك ربما كانت تريدك أن تقربها ويمنعها الحياء والاتفاق، وبالتأكيد ستشعر بذلك من النظر إليها. أما إذا كانت الحجرة الأخرى موجودة فلا بأس.. اتبع نفس الخطوات واقترح عليها أن تنام في فراشك دون أن تقربها؛ لأنك تحبّ أن ترى وجهها الصبوح أول ما تفتح عينيك في الصباح.. وتمسّك بهذا المطلب قدر الاستطاعة؛ فإن فشلت فاخرج من الحجرة لليلة واحدة فقط.
وكرِّر الفكرة للأيام الثلاثة التي وعدتها بها ليس أكثر.. وأنا متأكدة أنك أرق من أن تؤلمها أو تُؤذيها وأنت رجل كأفضل ما يكون الرجال.. برغبتك في إكرام زوجتك وعدم إفزاعها وحفظك لعهدك، ونحن نغبطها على هذا النصيب الجميل الذي دفع في حياتها برجل مثلك. بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما على خير.