تكيس المبيض يعني وجود عدد من البويضات صغيرة الحجم
تُصيب متلازمة تكيس المبايض حوالي 10 : 15% من النساء في العالم ما بين سن 20 و 40 سنة، عادةً تبدأ المتلازمة بالظهور بين أول دورة شهرية وبين عمر العشرين؛ حين يلاحظ عدم انتظام الدورة الشهرية أو ندرتها، وهي أحد الأسباب المؤدّية لتأخّر الحمل، لكنها لا تُسبّب العقم.
أعراض متلازمة تكيس المبايض:
- زيادة الشعر في الوجه والجسم.
- زيادة الوزن والبدانة.
- قلة أو ندرة الحيض.
- تضخّم المبايض.
ولكن قد يتبادر إلى الذهن سؤال مهم، وهو كيف نفرّق بين تكيس المبيض ووجود أكياس عليها والتي قد تكون حميدة أو خبيثة؟!!
يجب أن تعرف كل امرأة أن تكيس المبيض يعني وجود عدد من البويضات صغيرة الحجم (لا يتعدّى حجم الواحدة منها 10 مم) منتشرة داخل المبيضين، خاصة تحت الغلاف الخارجي، وهذه الظاهرة مرتبطة باضطراب الهرمونات التي يفرزها المبيض وبالتالي يعيق الإباضة، وعادة يصاحبها ارتفاع في ضغط الدم وزيادة في الوزن وغزارة في شعر بعض مناطق الجسم خاصة منطقة الذقن.
أما الأكياس؛ فهي كبيرة الحجم نسبيا، وقد تصل إلى حجم كبير جدا قد يملأ تجويف البطن بأكمله، وهي عادة واحدة إلا أن عددها قد يصل إلى اثنين أو ثلاثة. وقد تظهر بعض النتوءات على سطحها الداخلة، وهو ما قد يُثير الشكّ في كونها خبيثة.
العوامل التي تُؤدّي إلى الإصابة بمرض تكيس المبايض:
على الرغم من أن مرض تكيس المبايض يعتبر من أكثر حالات اختلال الهرمونات شيوعا في السيدات؛ فإن ميكانيكية تكيس المبايض غير معروفة بالتحديد، ولهذا نقول إن السبب الرئيسي غير معروف، ولكن هناك عدة عوامل تُؤدِّي إليه، وسنوردها باختصار كالتالي:
1- يرى البعض أن المشكلة في الغدة النخامية Pituitary gland؛ حيث إن هناك زيادة في هرمون الـLH (الهرمون المسئول عن خروج البويضات من الحويصلات المبيضية)، والذي يُؤدّي إلى انخفاض في هرمون الاستروجين (هرمون أنثوي يفرزه المبـيض)، والذي يجعل استجابة الأكياس الموجودة في المبيض استجابة عشوائية وغير منتظمة.
2- يرى آخرون أن المشكلة تقع داخل المبيض؛ حيث إنه لا يستجيب لهرمونات الغدة النخامية بشكل مناسب كما في المبايض الطبيعية.
3- يرى فريق ثالث أن المشكلة تقع في الغدة الكظرية (الجاركلوية)؛ حيث إنها تنتج كمية كبيرة من الهرمونات الذكرية كهرمون DHEAS (هرمون يعمل على إنتاج الهرمونات الجنسية وهي الاستروجين والتيستوسترون)، والذي يؤدّي إلى تكيس المبايض.
وهناك نظرية جديدة تعزو المشكلة إلى قلة إفراز هرمون دوبامين Dopamine في المراكز العليا في المخ، وهذا بدوره يُؤثّر على ما تحت المهاد والغدة النخامية.
ومهما يكن السبب فإن علاج المشكلة يكمن في تصحيح الوضع المختل باستعمال الأدوية المنشطة أو بعملية كيّ للمبايض.
وكذلك يمكن تشخيص المرض عن طريق ملاحظة عدم انتظام الدورة الشهرية بصورة متكرّرة أو ندرة حدوثها، وزيادة الشعر في الجسم أو الوجه، وبمشاهدة الشكل المميز للمبايض بالأشعة فوق الصوتية ultrasound. وعند فحص المبايض يظهر أن هناك عددا كبيرا من الأكياس المحتوية على بويضات جاهزة للتبييض في كل دورة شهرية، ولكن المفروض أن كيسا واحدا كل دورة ينمو وينتج بويضة ناضجة كل شهر، ولكن ما يحصل أن عددا كبيرا من الأكياس تنمو في وقت واحد، ثم يتوقّف نموّها جميعا في منتصف الطريق، وبالتالي عدم وصول أي مِن هذه البويضات للحجم المناسب وعدم حدوث الحمل (8 - 10 أكياس وحجمها أقل من 10 ملم في كل مبيض)، وتظهر هذه الأكياس بالأشعة الصوتية كحبّات عقد اللؤلؤ.
ويمكن التعرّف على تكيس المبايض من خلال عمل التحاليل التالية:
• زيادة في هرمون LH FSH (الهرمون المسئول عن نمو ونضج البويضات) في المعدل الطبيعي أو منخفض.
• هرمون Prolactin (الهرمون المسئول عن تكوين وإدرار الحليب من الثديين) في المعدل الطبيعي أو مرتفع.
• هرمون الذكورة التستوستيرون testosterone في المعدل الطبيعي أو مرتفع.
• هرمون DHEAS في المعدل الطبيعي أو مرتفع.
• انخفاض حاد لهرمون التبويض البروجسترون (Progesterone)، وهو الهرمون المختصّ بإزالة بطانة الرحم ونزولها، وهو ما نسمّيه بـ"الدورة الشهرية".
كما أن بعضهن يُعاني ارتفاع هرمون الأنسولين المسئول عن عملية حرق السكر بالدم.
ماذا عن العلاج?
في البداية نريد أن نُوجِّه عناية قرّائنا بأنه لا داعي للقلق؛ لأن درجات تكيس المبايض تتنوّع وتختلف من امرأة لأخرى؛ إما الخفيفة أو المتوسّطة أو الشديدة على النحو التالي:
- النوع الخفيف: mild PCOS وتكون الدورة عند هؤلاء النساء منتظمة والإباضة عادية، ولكن يحدث تأخّر في الحمل مقارنة بالنساء العاديات، وتكون فرصة الإجهاض عالية عندهم نتيجة ارتفاع هرمون الـLH.
- النوع المعتدل: Moderate form يكون هناك عدم انتظام في الدورة، وأحيانا لا تحدث إباضة.
- النوع الشديد أو المتقدّم: Sever Form تكون هناك سمنة مفرطة مع زيادة الشعر في أنحاء الجسم، وحَب الشباب، وزيادة الدهون بالبشرة، وانقطاع الحيض، وأحيانا عقم.
ولذلك ننوّه أن علاج تكيس المبايض يتركّز الجزء الرئيسي منه على المريضة نفسها؛ حيث إن معظم المريضات يُعانين السمنة وقد تكون سمنة مفرطة، لذا فإن إنقاص الوزن يُؤدِّي إلى انتظام الهرمونات، وقد يُؤدِّي إلى حمل مع العلاج البسيط؛ حيث إن معظم هؤلاء المريضات يُعانين اضطرابات في التمثيل الغذائي، خاصة في السكريات والدهون كما تعاني بعضهن مرض السكر Diabetes.
بالإضافة إلى وضع المريضة؛ فإذا كانت غير متزوّجة أو لا ترغب في الحمل؛ فإن العلاج يكون بأخذ حبوب منع الحمل مع دواء مخفض لهرمون الذكورة، وذلك للسيدات اللاتي يُعانين زيادة الشعر في الوجه وفي الجسم بصفة عامة.
وبالنسبة للسيدات اللاتي يرغبن في الحمل؛ فإن الأدوية المستخدَمة هي:
• حبوب الكلوميد Clomid: أو إبرة: HCG/F.S.H، وهي عبارة عن الهرمونات المفرزة من الغدة النخامية التي تقوم بتنشيط المبايض، وتعطى بصفة يومية في اليوم الثاني من الدورة، ثم يقوم الطبيب بعمل أشعة صوتية في اليوم السابع من الدورة الشهرية؛ لمعرفة مدى الاستجابة للعلاج، وقد يحتاج إلى إجراء تحليل دم لمستوى هرمون الأنوثة (الاستروجين) Estrogen، ثم يُعاد الفحص في اليوم العاشر من الدورة حتى تصل الجربيات إلى الحجم والعدد المناسب؛ حيث تعطي إبرة HCG ويطلق عليها بين العامة "الإبرة التفجيرية"؛ لأنها تساعد على نضوج البويضة حتى يصل الجريب إلى مرحلة الانفجار وإطلاق البويضة، وينصح بالاتصال بين الزوجين بعد 36 : 40 ساعة من إبرة HCG، ويُعتبر العلاج بإبرة /F.S.H HCG من الأدوية القوية التي قد تُؤدِّي إلى مضاعفات خطيرة؛ لذا لا بد أن تعطى من قِبل استشاري متخصّص في العقم والخصوبة.
• أدوية مرض السكر وتستخدم بمفردها أو مع الكلوميد لتنشيط المبايض؛ وهي فعّالة، خاصة في حالة مقاومة الخلايا للأنسولين.
وكذلك فهناك بعض الحالات التي تحتاج إلى العلاج الجراحي؛ حيث يقوم الطبيب باستئصال جزء من كل مبيض بما يُعادل ثلث المبيض، وهذه العملية فعّالة في استعادة التبويض، ولكنها تعتبر من العمليات القديمة في التاريخ الطبي؛ وذلك لأنها عادة ما يحدث بعدها التصاقات حول قنوات فالوب قد تمنع الحمل.
أو أن يقوم الطبيب بعمل كيّ للمبايض باستخدام منظار الجراحة، وتستخدم هذه العملية في حالة فشل العلاج بوساطة الكلوميد في مرضى متلازمة تكيس المبايض، وتمتاز عن العلاج بإبرة HCG بعدم حصول حمل متعدد (توأم أو أكثر)، ولا تحتاج المريضة إلى متابعة التبويض بالأشعة الصوتية، وينصح بهذه العملية للمرضى اللاتي يحصل عندهن استثارة في المبايض أو حصول مضاعفات مع الإبر، وكذلك في حالة المريضات المقيمات في مناطق نائية؛ بحيث لا يستطعن الحضور لإجراء متابعة التبويض لمدة أسبوعين.
ويتمّ كيّ المبايض بالمنظار الطبي عن طريق البطن بوساطة الليزر أو التيار الكهربائي ولا فرق في النتائج بينهما، إنما المهم أن يقوم بالعملية جرّاح المناظير المتخصّص في العقم؛ حتى تكون نسبة حصول الالتصاقات بعد العملية قليلة (10% - %20) من الحالات، وتكون التصاقات خفيفة وبعيدة عن قنوات فالوب، وبالتالي لا تمنع حصول الحمل بمشيئة الله عزّ وجلّ. وكما هو معروف فإن 80% من السيدات يحصل لديهن التبويض الذاتي بعد هذه العملية.
وكذلك يُمكن العلاج في قسم المساعدة على الخصوبة بوساطة أطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي أو الحقن المجهري، وينصح به في حالة فشل العلاج بالإبر، أو في حالة وجود ضعف في عدد الحيوانات المنوية، أو في حركتها، أو ارتفاع شديد في نسبة الحيوانات المنوية المشوهة في السائل المنوي للزوج.
إلى هنا تنتهي حلقتنا.. ونتمنّى أن تكون الحلقة قد أفادتكم.. تابعونا وأرسلوا لنا اقتراحاتكم والموضوعات التي ترغبون في أن يتناولها الباب في الفترة القادمة من خلال مشاركاتكم.