|
ماذا تقول لنفسك عندما تكلمها ؟؟
الناقل :
SunSet
| العمر :37
| الكاتب الأصلى :
grenc
| المصدر :
www.grenc.com
ماذا تقول لنفسك عندما تكلمها ؟؟ |
|
|
إن النفس البشرية من الأمور التي تبدوا غامضة حتي أنه قد يصعب علي أي إنسان أن يفهم طبيعة نفسه ذاتها ولقد حاول علماء النفس بشتي النظريات أن يحددوا معالم وطبائع النفس الإنسانيه وكيف تعمل ومدي تداخلها وتأثيرها في مدي تعلم الإنسان للمعرفه والتفكير العقلاني أو الفلسفي أوالعلمي وتأثيرها في السلوكيات الشخصية والمعتقدات الدينيه والإجتماعية
وتأثيرها في تعاملات الناس مع بعضهم البعض بل وتعامل الشخص مع نفسه ومدي سعادته ورضائه عن نفسه وقناعاته ومعتقداته. لكن في النهاية يبقي الإنسان هو الإنسان قد يتحاور مع نفسه ويكلمها لعله يفهم نفسه فهل أنت أيضا تكلم نفسك وماذا تقول لها؟؟ دعونا نغوص في أعماق النفس لنكشف بعضا من جوانب الغموض وإلقاء بعض الضوء النفس البشريه من خلال هذا الحوار مع الأستاذ الدكتور: عزت عبدالعظيم أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق وإستشاري الطب النفسي بمستشفي الحمادي بالرياض.
بداية ماهي النفس وماهي أنواعها؟
يجب أن نعترف أن النفس البشرية من الأمور المعقدة التي يصعب علي الإنسان نفسه أن يفهم نفسه ولكن هناك مجموعة من الخصائص والمكونات التي تشكل نفسية أي إنسان لتصنع شخصيته وطبائعه وسلوكياته وعلاقاته مع الله أولا ثم مع الناس أو مع ذاته نفسها؛ وكل هذا يعتمد علي ما قد أعطاه الله سبحانه وتعالي لكل إنسان منا حيث يقول المولي سبحانه وتعالي “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكها وقد خاب من دساها” وبناء علي ما ذكره المولي سبحانه وتعالي أيضا فإن النفس البشرية عدة أنواع منها النفس المطمئنة والنفس اللوامه والنفس الأمارة بالسوء كما أن هناك بعض الإضطرابات التي تصيب النفس البشرية ورد ذكرها في القرآن مثل الهلع والخوف “خلق الإنسان هلوعا إذا مسه الشر جذوعا وإذا مسه الخير منوعا” أو اضطراب الوسواس “ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد” أو إضطراب الحزن مثلما حدث لسيدنا يعقوب عليه السلام “وتولي عنهم وقال ياأسفي علي يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم” أما علماء النفس في العصر الحديث فلهم تقسيمات أخري للنفس الإنسانية سوية كانت أو مرضية وذلك حسب طبائع وتصرفات الشخص مثل الشخصيه المتزنه والمستقرة انفعاليا أو الشخصية الإكتئابية أو الشخصية الوساوسيه أو الشخصية القلقة آو الإنطوائيه أو الشخصية الإعتمادية أو الشخصية السيكوباتية “” العدوانية “” فالشخص العدواني ليس فقط هو الذي يتصف بالعنف والإجرام والإرهاب والدموية والقتل وما إلى ذلك من السلوك العدواني بالأفعال بل هناك نوع آخر من الشخصية العدوانية لكن بالأقوال وذلك بإثارة المشاكل والخلافات والفتن بين الناس بالغيبة والنميمة والوقيعة بينهم ويشعر بالسعادة إذا أوقع الناس في صراعات ومشاكل ومعاناة والتي يمكن إعتبارها النفس الأمارة بالسوء كما وصفها المولى عز وجل.
ما هو التفكير المزدوج وما هي سماته ؟
التفكير المزدوج هو أحد الأصطلاحات التي أتي بها الأديب البريطاني جورج أورويل والذي ظهر في روايته 1984 ومعناه أن تحمل الفكرة وتحمل نقيضها في نفس الوقت وأصحبت تستخدم في علم النفس وهذا النوع من التفكير يعطي الشخص رؤيه أكبر ومعاني أوضح واحتمالات اكثر عن أي شيئ سواء سلبيا أو ايجابيا لاستيضاح الصواب أين يكون في النهاية. لذا فهو طريقة جيدة لأكتشاف الأمور من حولنا فهو ببساطه رؤية شاملة للأمور يجب استغلالها وتنمية مهاراتها.
هل الحديث مع النفس سلبا أو إيجابا يعطي نتيجه أو يؤثر على أفعال المرء؟
بالطبع إن الحديث مع النفس يؤثر علي أفعال وسلوكيات الشخص سواء سلبا أو إيجابا وهذا فايتم بالفعل فيما يسمي بالعلاج السلوكي المعرفي أو فيما يسمي البرمجه اللغوية العصبية حيث يستخدم المبرمج أو المعالج السلوكي بعض الأساليب في مخاطبة أو الحديث مع النفس بطريقة إيجابية تعدل في السلوك السلبي أو أنه في بعض إضطرابات الشخصية كالشخصية السكوباتية أو فيما يسمي النفس الأمارة بالسوء فحديث النفس هنا يدفع الشخص للسلوك العدائي وذلك مصداقا لقول المولي عز وجل “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من ذكها وقد خاب من دساها” فالحديث الي النفس يؤدي للتعرف علي السلوكيات السلبية ومحاولة تعديلها من خلال تذكية النفس والرقي السلوكي من خلال محاسبة النفس ومراجعة السلوكيات والأفعال ومحاولة تقويمها للأفضل أو نتيجة سلبية والإستسلام للأفعال المشينة أو السلوكيات الغير سوية. كما أمرنا الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم حيث يقول “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم” وذلك من خلال مراجعة النفس والتحدث اليها في كل ليلة قبل أن ننام فنراجع أنفسنا فيما فعلناه في هذا اليوم لنعدل من سلوكياتنا إرضاء لله سبحانه وتعالي.
إن الحديث الي النفس قد يكون أحد طرق العلاج النفسي في التغلب علي القلق والتوتر فكما ينصح علماء النفس حاول أن تتحدث الي نفسك إذا قابلتك أي مشكلة أو دار في رأسك بعض الوساوس والأفكار فالحديث الي النفس عندئذ قد يكون وسيلة جيدة لتحديد الأفكار ومحاولة في الوصول الي المشكلة التي تقلقك والحديث الي النفس قد يكون نوعا من الفضفضة الصادقة بين الشخص ونفسه والتعبير عن المشاعر المكبوتة وبالتالي تخفيف الكبت والضغط النفسي وما يصاحبه من غضب ولكن دون إفتضاح أمر الشخص إذا تحدث مع الآخرين؛ مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس كل الكلام مع النفس أمرا صحيا ومقبولا لأن مرضي الفصام أو الذهان عموما يتكلمون مع أنفسهم نتيجه للهلاوس السمعيه التي تحدث لهم خلال هذه الأمراض والتي يصاحبها أعراض أخري مثل الشكوك والضلالات والتصرفات الغريبة والتي تستوجب العرض علي الطبيب النفسي.
هل العلاقه بين الانسان وضميره هي مجرد ارضاء هذا الضمير فقط أم أن هناك شئ آخر لا ندركه ؟
إن العلاقه بين الانسان وضميره من الأمور المعقده فالضمير الإنساني يعتمد علي قناعات إيمانيه وسلوكية تتأصل في وجدان الإنسان منذ ولادته وينمو الضمير مع الوقت ولكنه في نموه يتغذي من روافد عديده منها الروافد الدينيه والإجتماعية والتربوية والتي تؤثر في تشكيل ضمير كل شخص وضمائر الناس ليس مثل بعضها فهي أنواع عديده منها الضمير اليقظ الذي لا يرضي إلا بالحق ويمقت الظلم والباطل ويحاسب النفس دائما وهناك الضمير المزعزع أو المتقلب أو المتذبذب فهو يحتح أحيانا ويتغاضي أحيانا علي نفس السلوكيات والتصرفات وهناك الضمير المعدوم الذي لايحاسب صاحبه بل وفيه يكثر النفاق والرياء ويزين للإنسان الباطل والظلم وفعل المنكرات ويصبح القلب جاحدا ويستحب المنكرات والمعاصي مصداقا لقول المولي عز وجل “فإنها لاتعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور”. إن إرضاء أي إنسان لضميره ينبع من علاقة معقده بين نفس الإنسان وضميره والذي قد يكون في أعماق العقل الباطن ويحدث الصراع بين الوعي واللاوعي أو بين الإنسان وضميره ليصل الإنسان في النهايه لإرضاء ضميره أو أن يعطي لضميره أجازة حتي يتفادي الصراعات الداخلية بين الأنا أو الذات مع الضمير ويتفادي تأنيب الضمير علي مايفعله من أمور سيئه لايرضي عنها أو تخالف تعاليم الدين والعلاقات الإجتماعية السوية.
هل يستطيع الانسان أن يكون نفسه مع الآخرين؟
من الصعب أن يكون الإنسان هو نفسه مع الآخرين حيث أوضح علماء النفس أن كل شخص يحاول أن يظهر بصورة أفضل أمام الناس ولذا يوجد ما يسمي القناع الذي يرتديه كل شخص علي وجهه ليتجمل به ويظهره في أفضل صوره له أمام الآخرين ولايظهر علي حقيقته ولكن درجة إستعمال هذا القناع تختلف بين الناس فهناك من لايستطيعون إخفاء طبائعهم وشخصياتهم ويتعاملون بمنتهي البساطه والتلقائية ويظهر مافي قلوبهم علي تصرفاتهم وسلوكياتهم بدون نفاق أو رياء أو بدون دبلوماسية وفي المقابل هناك أناس عندهم درجه عاليه من الذكاء الإجتماعي والمقدرة علي إخفاء طبائعهم الحقيقية والتجمل بدرجة كبيرة وإظهار أنفسهم بصورة مغايرة تماما فيما يسمي اللباقة والدبلوماسية وهناك مجموعة علي درجة من التوسط بين المجموعتين لديهم درجة معقولة من محاولة إظهار الجانب الطيب والإيجابي من سلوكياتهم وشخصياتهم مع ظهور بعض عيوبهم خلال تعاملاتهم مع الآخرين.
قد تفشيها للاخرين؟ هل تخفي النفس أسرارا عنا ؟
من المعروف أن علماء النفس قد قسموا النفس لعدة أنواع والجزء المسئول عن اخفاء الأسرار هو العقل الباطن أو اللاوعي وفي حياة أي انسان تختفي أسرار كثيرة وتختزن في هذا الصندوق الأسود أو مايسمي العقل الباطن وهذه الأسرار قد تطفو علي السطح أثناء النوم ويظهر بعضها في الأحلام أو قد يتم التنفيث عن بعضها أيضا في ظروف خاصه مثل التنويم المغناطيسي أو جلسات التحليل النفسي العميق باستخدام بعض العقاقير أو ربما في مرحلة الافاقة من التخدير بعد العمليات الجراحية ففي هذه الظروف يتم افشاء بعض هذه الأسرار والتي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان ولايجب كشفها لما ستسببه من مشاكل وصراعات للشخص نفسه أو من حوله.
حينما يكون الشخص وحيدا هل يستطيع أن يعرف من يكون؟
كما يقول المولي عز وجل “بل الإنسان علي نفسه بصيرة” فكل إنسان عموما هو أدري الناس بنفسه ويقدر علي فهم نفسه وطبائعها الي حد كبير ولكنه غالبا مايرضي بها كما هي بمميزاتها وبعيوبها بل أن كل شخص يجد نفسه أفضل من الآخرين عقليا وسلوكيا إلا إذا كانت لديه سلوكيات غريبه أو شاذة أو تصرفات غير مقبولة ولا يرضي عنها الأهل أو المجتمع فإنه يحاول تعديل هذه السلوكيات بل ربما يتراضي مع نفسه ويتقبلها كما هي إلا إذا كانت ستسبب له مشاكل أسرية أو معاناة إجتماعية. لكن هناك بعض الناس ممن يعانون من إضطرابات عقلية وليس لديهم المقدره علي ادراك أو تمييز سلوكياتهم الغير سوية نتيجه لهذا المرض العقلي فلا يتمتعون بدرجة من التعقل والإستبصار بحالتهم فهؤلاء الناس لايستطيعون معرفة أو ادراك طبيعة الخلل أو الاضطراب العقلي من تلقاء أنفسهم.
هل تستطيع أن تقول لنفسك ما ترغب أن يقوله الناس لك وماذا تقول؟
من المؤكد أنه من الصعب ارضاء النفس البشرية لأن الانسان ينظر الي محاسنه ويتجاهل عيوبه ولذا فانه يحب المدح والاطراء واظهار المحاسن سواء من نفسه أو من الآخرين حتي وان كان يعلم أنهم يتملقونه بصفات ليست موجودة فيه كما لايحب الانتقاد واظهار عيوبه مثل النعامه التي تدفن رأسها في التراب ولذا فغالبا لايستطيع معظم الناس مواجهة أنفسهم بعيوبهم وانتقادها ولايقول الشخص لنفسه الا ما يرضيها فلا داعي للدخول في صراعات مع نفسه ومواجهة عيوبها وتقييم نفسه وسلوكياته وتصرفاته التقييم الصحيح وومحاولة تعديل نفسه للأفضل لكن هناك بعض الناس تكون لديها الجرأة في مواجهة النفس وانتقاد الذات بل أحيانا قد يصل لدرجة اللوم وتأنيب النفس ومحاسبتها علي التقصير في جوانب الحياة المختلفة وخصوصا حقوق الله وقلة عمل الخير وكثرة المعاصي والذنوب ومحاولة تقويم الذات للطريق المستقيم والتي يسميها المولي عز وجل بالنفس اللوامة والتي تلوم نفسها علي أي خطأ أو تقصير وتقبل النصح والارشاد والتوجيه من الآخرين دون حرج أو خجل مصداقا لقول المصطفي صلوات الله عليه وآله وسلم “المؤمن مرآة أخيه”.
كيف تعدل نفسك بطريقة تفكيرك؟
ان تعديل النفس للأفضل من خلال تعديل طريقة التفكير من الأمور الأكيده بدليل أن المولي سبحانه وتعالي حثنا في آيات كثيرة جدا علي التفكر والتدبر والتعقل في أمور كثيرة من حولنا أو في أنفسنا وذلك للوصول للاقتناع والهداية. وكذلك أيضا في جلسات العلاج النفسي السلوكي للمرضي النفسيين يستخدم المعالج النفسي طرق معينة لتعديل وتحسين نوعية وطريقة ومحتوي التفكير لدي المريض لمساعدته في التخلص من مشكلته النفسية. كما تستخدم بعض الأساليب الأخري لتعديل التفكير للأفضل من خلال مايسمي بالبرمجه اللغوية العصبية والتي أظهرت نجاحات كبيرة في ذلك. عموما وببساطه شديدة يمكن لأي شخص أن يحاول تعديل نفسة باستغلال أساليب أفضل في التفكير ومواجهة عيوبه وأخطاءه ومشاكله بطريقة عقلانية منظمه من خلال تحديد المشكلة أو الخلل ووضع افتراضات أفضل للتغلب عليها تتدرج من الأسهل للأصعب وأن يضع لنفسه أهدافا سهله يقدر علي تحقيقها ويحاول التدرج علي مراحل لما هو أفضل وأصعب من خلال الاقناع الذاتي بأنه يستطيع تحقيق الأفضل وأي شيئ يستطيع أي انسان أن يقوم به لكن مع تكرار المحاولة والاصرار دون يأس والتي غالبا تصل بنا لتعديل أنفسنا في النهاية .
كيف تدلل نفسك بنفسك؟
بالطبع كل انسان يعلم هوي نفسه جيدا فيما يرضيها ويجعلها تشعر بالسعاده والرضا وأنت كذلك بامكانك تدليل نفسك ولكن بالطبع هذا التدليل يختلف فيما بين الناس وذلك كل حسب مزاجه وهواه من مباهج ومتع الحياة التي أحلها الله وفيما لاتغضب الله “قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق” فتدليل النفس واشباعها بما تشتهيه من مأكل وملبس وأموال ومجوهرات وزينة وجمال وفسح ورحلات ليس عليها أي اشكال ولكن دون اسراف أو مبالغة كما أن تدليل النفس بالتشجيع وزياده الثقه فيها من الأمور المستحبة ولكن لاتنسي أمور الدين وفضائل الأخلاق فلايطغي عليها هذا التدليل وان تعارض معها فيجب وقف هذا التدليل بل ومحاسبة النفس وتقويمها لأننا لو اتبعنا أهواء النفس فلن نسلم من سوء العاقبه في الدنيا والآخرة ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا انه هو الغفور الرحيم .
|
|