مش عارفة أعالج مشاكلي إزاي
السلام عليكم.. بصي أنا حاسة إن عندي مشكلتين..
الأولى:
إني باتكلم كتير جدا وباحكي لأي حد حتى في المواصلات، اللي زيي مايعرفش حاجة اسمها خصوصية، حاسة إن الناس هتلاقيني مملة، وأفظع حاجة فيّ إني باحس إنه تحدى إني لازم أتكلم أكتر واحدة، وده بيعرف الناس عني كل حاجة، وأنا حتى ممكن أنسى اسم اللي باكلمه، وأتكلم في مواضيع كتيرة عشان مايملّش مني.
الكارثة بقى إن لو واحد عاكسني أو ضايقني في الشارع أو في الشغل لازم أحكي لماما، ده ممكن يكون طبيعي، بس أنا باحكي نفس الموضوع لكل أصحابي وجيراني وخالاتي.. تقريبا كل اللي أعرفه.
الثانية:
شاكة دايما إن الناس بتتكلم عليّ وبيقولوا عليّ حاجة وحشة، وده لو بيتوشوشوا أو يبصوا لي ويضحكوا.
آخر حاجة: إني باشم روائح وحشة وأشك في نفسي، وقبل كده في محاضرة شباب حطوا كيس يطلع رائحة وحشة، وصادفت إنه كان أول يوم في الدورة الشهرية، وكنت أول مرة أقعد ورا.. عايزة أقول لك البنات والصبيان يقولوا رائحة وحشة أوووي، وأنا وشي احمر، وبعد المحاضرة جريت على الحمام، وعرفت بعدين إنه مقلب.
ومرة تانية في مشروع وكنت البنت الوحيدة وطلعت رائحة وحشة، ومرة ثالثة ركبت تاكسي وواحدة قعدت والسواق قال ريحة وحشة قمت طلعت عند خالتي غيرت الطقم كله بالرغم إنه مافيهوش حاجة.
بسبب الموضوع ده اتجنبت صاحبي في الكلية فسابني ودلوقتي ندمانة جدا.. يا ريت لو فيه طريقة أعالج بها مشاكلي وأرجع له، بس الدراسة خلصت.
doaa
أهلا وسهلا بك يا صديقتي.. سأبدأ بالنقطة الأخيرة أولا وهي أنك تشمين رائحة كريهة تخرج من جسمك؛ فالمرة الأولى كانت دعابة ومن المفروض أن تنتهي بانتهاء الدعابة، ولكن المرة الثانية لم يكن لها سبب كما ذكرت في سطورك، والمرة الثالثة كانت غير واضحة.. ولكن في النهاية جعلتك تتجنبين الكلية وتنطوين على نفسك.
فهناك يا صديقتي مرض نفسي شهير جدا اسمه "الوسواس القهري" وهو عبارة عن فكرة تظهر في رأس صاحبها وتقهره، حيث تلح عليه باستمرار رغم أنها فكرة يرى أيضا صاحبها أنها غير صحيحة أو تافهة أو لا يجب وجودها.. وكلما زادت تلك الفكرة في الإلحاح ظهر شيء آخر اسمه "الفعل القهري"، أي يضطر الشخص أن يفعل أمرا ظنا منه أنه يتمكن من إخماد إلحاح تلك الفكرة..
فمثلا تلح عليكِ فكرة أن رائحة كريهة تخرج من جسدك، ورغم أنك متأكدة أنه ليس هناك أي شيء على ملابسك ولم يحدث ما يسبب ذلك، إلا أنك تضطرين إلى تغيير ملابسك حتى توقفين إلحاح تلك الفكرة.. ولكن تبقى الفكرة كما هي دون خمود، وتأتي الفكرة الوسواسية في مساحات كثيرة ومختلفة.
ولقد وجد بعض المرضى على أقليتهم أن لديهم ما يعرف علميا باسم "وسواس البخر ورائحة الجسد"، البخر بفتح الباء، وهو أن بعض الأشخاص تسيطر عليهم فكرة خروج رائحة كريهة من فمهم أو أنفهم وحلقهم وكذلك من أجسادهم، ولأنك لم تتحدثي عن مدى سيطرة تلك الفكرة لديك إلا أنك ذكرتِ أنك بدأتِ تقفين عن قيامك بدورك كطالبة وهذا ما يجعلني أقلق.. إذن أنت تقتربين من الوسواس القهري وتتأثرين به للدرجة التي تؤثر على دراستك وتواصلك الطبيعي مع الناس.
أما موضوع الثرثرة.. فكثيرا ما تحدث الناس عن الثرثرة على أنها عادة سيئة أو أنها عادة نسائية، ولم ينظر إليها أحد على أنها قد تكون عرَض لمشكلة نفسية؛ فأنتِ تشكين في الناس من حولك حين يتحدثون وأنهم يقولون عنك أمرا سيئا، وهذا أيضا في رأسك وحدك؛ فأنت تتحدثين مع من تعرفينه ومن لا تعرفينه، فهل من لا يعرفك سيتحدث عنك بالسوء في فترة ركوب المواصلات؟
هذا ما يفسر كثرة حديثك، أنتِ تشكين في حب الآخرين وتقبلهم لكِ فتقومين بالثرثرة طوال الوقت إما لإخفاء المساوئ التي توجد في شخصيتك -من وجهة نظرك أنتِ فقط بالطبع- أو حتى تثبتين لمن حولك أنك إنسانة اجتماعية وتلقائية فيحبونك، وهذا يعكس خللا يحتاج إلى مراجعة نفسية، ولو كانت مشكلة الثرثرة كما فسرتها لكِ لا تجدينها مهمة، فوجود وسواس الرائحة والشك في نوايا الآخرين ليس مشكلة هينة أو على الأقل لم تصل معك إلى مشكلات مع الآخرين، ولكن تركك لها بدون علاج متخصص قد يطورها إلى مشكلة ثقيلة الظل تجعلك أسيرة ظلمات الوسوسة والشك، فتؤثر على تواصلك الطبيعي مع الناس وتؤثر على علاقاتك القريبة وتسبب لك الاكتئاب.
الحمد لله أنك لا زلتِ في البداية، وكلما تمكنا من العلاج سريعا كان الشفاء سريعا، وسأعطيكِ عدة اقتراحات تقومين بها بعزم وقوة، فإن وجدتِ نفسك لا تتمكنين من ذلك وحدك فلا مفر من المساعدة الطبية المتخصصة:
*عليكِ بمواجهة موضوع رائحة جسدك ولا تتهربين منه؛ لأنه الحل.. ويمكنك القيام بتدرج في تلك المواجهة، فلا تتجنبي الناس ولكن اقتربي منهم وتحدثي معهم لمدة ربع ساعة مثلا، رغم ما تشعرين به من قلق شديد، ثم اتركي المكان ثم بعدها بفترة ثلاثة أيام أو أكثر قليلا يمكنك معاودة التجربة لمدة أطول، ثم تتركيهم.. وهكذا حتى تجدين نفسك بمرور الوقت تتمكنين من الجلوس وسط الناس دون قلق شديد، ولو وجدتِ أن الفترة كثيرة يمكنك البدء بخمس دقائق ثم زيديها، وكل فترة من الأيام تغيرين الأماكن والناس، فمرة في محل ومرة في البيت الأكبر مع الأقارب ومرة في الكلية... وهكذا، تتدرجين مع نفسك حتى تصلين إلى مستوى معقول يجعلك تتغلبين على مخاوفك.
ولكن أثناء ذلك تجنبي تماما تكرار الحديث حول رائحة جسمك أو سؤال أحد عنه، وعليك أن تذهبي إلى الأماكن أو تجلسي مع الأشخاص الذين شممت رائحتك الكريهة معهم، المهم أن تتم المواجهة بشكل متدرج تصاعدي حسب قدرتك.
أما موضوع الشك.. فهو يؤكد أنك تحتاجين إلى زيادة ثقتك بنفسك ورؤيتها بشكل إيجابي، فانظري معي كيف ترينها، فقد آن الأوان أن تهتمي بالرفق في التعامل مع نفسك وتتفهمين نقاط ضعفها وتبدئين في علاجها بهدوء وحب، وأعلم أن ذلك صعبا ولكنه ليس مستحيلا.
ورغم أنني حاولت أن أعطيكِ تدريبا بسيطا إلا أنني أكرر عليك المراجعة المتخصصة؛ لأنها ستضع يدكِ على ما لم تشرحيه هنا وتضع لك خطة سلوكية ومعرفية تتناسب مع طاقتك وشخصيتك، وقد تفيدك ببعض الأدوية المساندة إذا لزم الأمر.