الصحفية الفرنسية آنيك كوجان،
محمد رفعت
كشف كتاب فرنسي جديد عن خفايا وأسرار الطاغية الليبي معمر القذافي، وعن مرضه بهوس السلطة والهيمنة، وأن أسراب النساء اللواتي كن يظهرن ضمن فريق الحماية الأمنية له ويثرن إعجاب الصحافة الغربية كنّ في الواقع مجموعة مطاردات لفرائس أخرى لتمكين القذافي وأولاده من اصطيادها، بعد اختطافهن من عائلاتهن ومن مدراسهن.
ولأول مرة بعد مقتل القذافي، وافقت بعضهن على الاعتراف للصحفية الفرنسية آنيك كوجان، بما ارتكبه القذافي وحارساته وزبانيته في حقهن من فظائع، نشرتها في كتاب هو الأكثر مبيعاً الآن.
وقالت الكاتبة إن المقاييس التي كان يعتمدها القذافي في اختيار الحرس الشخصي الانثوي له، هي أن يكون طول الفتاة 1,90 متر، وان تزن نحو مائة كيلوجرام، وتستمر ممارسة الطاغية إزاء فتياته وبقسوة كما يحدث في أفلام "البورنو" (Pornos) الجنسية إلى أن تموت الفتاة، حيث تستمر غالباً عمليات الاغتصاب للفتاة لثلاثة أيام متتالية من القذافي وفريقه إلى أن تنتهي الفتاة، وإلى ان يؤكد الزعيم "أنها ماتت".. وتم العثور في قصور القذافي على شرائط مسجلة تتجاوز الخيال نفسه.
كان يجري ذلك في الزمن العادي، والقذافي في ذروة السلطة، كان "ملك الملوك" في إفريقيا ويشارك في حل أزمات مالي وليبيريا وغينيا والكونغو وتاهيتي وإفريقيا الوسطى. كان زعيماً مؤثراً يملك شبكة من العلاقات المهمة تسمح له بلعب دور أكبر من حجمه. ديكتاتور ليبيا على مدى أكثر من 40 عاماً من دون منازع ولا منافس ولا صوت معارض. كان بالنسبة إليه قمة المجد والأيام العادية أن يزهو بسلطته على الآخرين.
يرسل حراسه إلى مدارس وينشرهم في الأعياد وفي الأعراس والأماكن التي لا يستطيع أن يقوم بزيارتها، فيخطفوهن لينقضّ على طريداته من الصبايا. يخطفهن من عائلاتهن ويسكنهن تحت الأرض في قلعته المحصّنة "باب العزيزية" في أيد "المرشد" أو "المرشدة" ديانا التي تقوم بتحضير الفتيات له في أي ساعة أو أي وقت في النهار أو الليل.. تدفعن الفتيات إلى غرفة "بابا معمر" ومطلوب منهن أن يستعرضن قوامهن أمامه ويشربن الخمرة وأن يدخنّ وأن يرقصن أمامه ويتحركن كما تقص ثريا للصحفية آنيك كوجان.
عشرات لا بل مئات قطعن دروسهن والتحقن في خدمة حراسة الزعيم الاستثنائي أو تزوجن من حراسه الشخصيين.
أما العائلات التي تلجأ إلى أي شكل من أشكال الرفض أو المحاكم المحلية فيكون مصيرها التنكيل وبالتالي الهرب من البلاد، وإلا فالعقاب جاهز بسجن الشقيق أو الوالد أو الشقيقة المختطفة.
والمعروف أن هدايا القذافي لزوجاته المتشاركات هي عبارة عن مصاريف جيب نثرية وحقائب من الأموال وقطع الماس. لقد ساعد البوتشي وقبائل أخرى في إفريقيا والنتيجة مجموعات كبيرة من الماس يرضي بها أذواق زوجاته وحراسه، ينقلها قادة بالبواخر إلى ليبيا.
الثورة والجنس
في الساعات الأولى من اندلاع الثورة الشعبية في ليبيا اعتبر القذافي أن السلاح الأفضل في الحرب في مواجهة القلق من الاعتراضات هو اغتصاب النساء.. أعطى أوامره بسحب "جبل من الفياجرا" من دبي عبر باخرة تجارية. كان يمارس الجنس من دون توقف، يغتصب النساء المتقدمات في العمر، والصغيرات، كان يعتبر أعمال العنف الجنسية مثل سلاح الحرب والسلام بالنسبة له.
وحين ينتهي من عمليات الاغتصاب يأمر بقتل بعضهن.. في شريط آخر فتاة في سن 10 أو 11 سنة اختطفت أمام والدها واغتصبت أمامه ولم تقل سوى كلمة واحدة "بابا لا تنظر إليّ.. أرجوك".
هذه الشرائط شاهدها الآلاف على الفيديو المحمول والهواتف كرسائل تهديد عما يمكن أن يحصل بمن يعارض حكم القذافي "انظروا هذا ما ينتظركم".
خلال أيام الثورة، ديانا انتقلت إلى مخيم اللاجئين على الحدود التونسية واكتشفت عشرات القصص من أعمال العنف التي مورست على نساء وعلى نحو لا يحتمل مطلقاً من دون الكلام عن الجروح الجسدية، والتمزقات والنزيف الحاد عند فتيات صغيرات تعرض لهن الجلاّد القذافي وانتهين حاملات منه.
ولكن كيف كان يمكن لجرذ حاكم ان ينفذ بحكمه ويحمي نفسه بين الحكام ويحظى بدعم العالم الغربي؟.
تجيب ديانا: "كان هناك الكثير من محاولات الاغتيالات إبان حكمه الطويل خلال 40 سنة، ولكن سلطة القذافي استمدت قوتها وحمايتها من الغرب نفسه الذي كان يعتبره حكماً إسلامياً أقل حدة من غيره". الحكام الغرب غير معنيين بسلوكيات القذافي الجنسية بالعكس معروف حجم الصداقة والشراكة التي جمعته بحكام غربيين في طليعتهم رئيس وزراء إيطاليا برلسكوني ولياليه المجنونة مع القذافي. الزعماء الغربيون يتذكرون الـ"bunga bunga"، ليلة برلسكونات القذافي. برلسكوني شريك في ذلك القرف.. الآخرون من الزعماء الغربيين لا تدري كثيراً بشأنهم ديانا.
اليوم بعد 42 عاماً من همجية الديكتاتور وسلطة الهدم للبلد ليبيا ككل، كسر حاجز الخوف، ولم يعد هناك خجل من الافلام، على الرغم من ان أفراد عائلة ديانا يريدون منها أن تلتزم الصمت.
من الصعوبة تحديد أرقام الضحايا، أيام الثورة يمكن احصاء الآلاف من اللواتي أوقفن وخطفن وتعرضن للاغتصاب والعنف لكن بالنسبة لهؤلاء يسود قانون الصمت! طالبتان من طرابلس كسرن حاجز الصمت أو تابو الصمت.
أسرن وجرّدن من ملابسهن واقتدن مع مجموعات أخرى، نحو 80 صبية. كلهن عاريات لاذلالهن. واحد من الحراس تكفل ارشاد المجموعة كوجبة ساخنة لصالح واحد من أولاد القذافي الذي قتل لاحقاً، كن في وضعية واجب ممارسة الجنس مع أي كان، عسكرياً، حارساً من دون أكل ولا شراب؟.
بعضهن قتلن لشدة ضعفهن ومن البرد ومن الجروح. هناك استطاعت الميليشيات الثورية اقتحام المدينة وتحرير المدينة طرابلس ثم إطلاق المساجين والسجينات.