السلام عليكم أستاذة أميمة.. أكتب إليكِ لما أراه من رجاحة عقل ورأي سديد،،، أنا متزوج من 9 سنوات ولدي طفلين ولد عمره 7سنوات وبنت عمرها 5 سنوات، ونظرًا لظروف البلد والثورة وضيق الرزق سافرت للعمل إلى السعودية، نظرًا لضغوط العمل والحياة أصيبت بحالة تشبه فقدان الذاكرة المؤقت،ونسيان للأماكن المعتاد عليها كأنني أول مرة أذهب إليها...
وهذه الحالة ليست مستمرة بل تظهر من فترة إلى فترة وذهبت إلى طبيب في أول إجازة وشخّص الحالة بعد عمل أشعة رنين مغناطيسي علي المخ بأن هذه الحالة من أثر جلطة في المخ..ولكن المشكلة أن زوجتي رغم أنني وكنت أشاركها في جميع أموري،، كنت أحبها من كل قلبي،
وجدتها تتعامل معي بعصبية شديدة وتنهرني إذا خرجت معي وحدث منى بعض أمور النسيان والتوهان،، وشاء الله في موسم الحج الماضي أن أرسل لزوجتي وأمي الحبيبة، زيارة إلى السعودية لأداء فريضة الحج، وفي أثناء الحج وجدت من زوجتي جفاء في معاملة والدتي الحبيبة وتجنبتها رغم أننا في موسم حج.. ورغم كبر سن والدتي وبطء وصعوبة في حركتها.
ومع العلاج ودعاء أمي الحبيبة لي، استقرت حالتي وتكيفت مع النسيان، واستعنت بالله، واستخدمت المذكرات والأوراق للتذكير..إلا أنه حدث شرخ في العلاقة بيني وبين زوجتي،ولا استطيع أن أسامحها ولا استطيع أن أحكي لها ما حدث منها، وأصبحت أعاملها معاملة فيها إهمال، وأصبحت لا تساوي عندي.
(الرد)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
ألف لا بأس عليك أخي الكريم البار بأمه، والله أسأل لك الشفاء التام والعاجل..أدعو لك على الرغم أن ما أصاب الغالبية العظمى من الشعب المصري لايقل عن ما عانيت أنت منه بل وربما معاناتك تكون أهون بكثير من الابتلاءات النفسية والصحية والمادية التي أصابت المصريين إبان الثورة الأخيرة وفي أعقابها..
ورغم فرحتنا الكبيرة بالثورة إلا أنها كانت لها سلبيات كثيرة أثرت على المواطن المصري بشكل مباشر، ولكن دائمًا أملنا في الله لا ينقطع في أن ينصلح حال بلدنا الحبيب وتعود أفضل مما كانت عليه وأفضل مما نأمل والله تعالى هو القادر على ذلك ثم عملنا الدءوب حتى نتغلب على أزماتنا في تلك المرحلة العصيبة بعون الله....
وبالطبع أقدر ما أنت فيه من معاناة من المرض والأحبة معًا، ولكن على أي حال فلنحمد الله يا أخي أن الله قد هون في مصابك، ولم تفقد الذاكرة بشكل تام أو بسبب حادث لا قدر الله، وأنه قد لم شملك على أهلك،،
وبالفعل ولا أنكر أن زوجتك قد أخطأت في حقك وحق والدتك المريضة المسنة ،وأوافقك الرأي بأن موقفها من أزمتك برمته لا يتقبله أي شخص من قريب أو من بعيد،
ولكن إن التمست لها العذر كما أوصانا الذين سبقونا من الصالحين بالتماس الأعذار إلى سبعين عذرًا فسوف يكفيك منها عذرًا أو عذرين حتى يصفى لها قلبك وتعود وتتذكر لها أفضل المواقف على مدار الـ 9 سنوات التي شاركتك هي فيها حياتك على حلوها ومرها وأصبحت أمًا لأبنائك،
فربما ما مرت به زوجتك يا أخي من ضغط عصبي خلال مرضك وفقدانك الذاكرة كان له تأثيره عليها مع عناء تربية الأبناء، ولا تنس أيضًا أنها معك في سفينة حياتكما فأينما لاطمت الأمواج السفينة فسوف يلحق بها ما يلحق بك أيضًا، فضيق الرزق ومعاناة الحياة قد أثرت عليك وأصابتك بالأمراض التي ظهرت عليك، فبالضرورة أن تكون قد لحقت بها هي الأخرى كثيرًا من الأضرار مثلك وربما أكثر ولكن ليست بالأضرار الظاهرة عليها أو الملموسة، وهذه غالبًا ألمها أكبر..
ودليل كلامي أخي الفاضل أنك امتدحتها منذ أول زواجكما مما جعل حبها يتعلق بقلبك وإلا كنت بغضتها لو كانت هذه هي طباعها من البداية،،
فنصيحتي أخي الكريم...هي أن تبدأ بالتحدث معها وأن تصارحها بكل ما في قلبك، وتعود لتحتويها وتحتويك، فمن الخطأ الذي يجر أخطاءً أكبر هو الصمت وكتمان ما يؤلمنا ويحزنا وربما يقهرنا من أقرب وأحب الناس إلينا ،وخصوصًا بين الزوجين...
وصدقني وقتها سوف تبوح هي الأخرى لك بالكثير مما يخبئه قلبها عنك ولم تستطع البوح به بحكم ما كنت فيه من ظروف، وهذا هو ما سيذيب الخلافات، ويمحو الفجوة التي نشأت بينكما...بالله عليك أخي العاقل، ألا تدع للشيطان فرصة البغضاء والفراق بينكما فهذه فرصته....
وإن شاء الله تستقيم زوجتك معك بالحسنى والكلام الطيب،،
ثم أنت من بيدك دفة الأمور لتقوم بالتقريب بين زوجتك وأمك فكل منهما لها حق عليك،..ومن وجهة نظري...فهنا تظهر الرجولة الحقيقية، وإثباتها يكون بالوئام الذي يفترشه الرجل لسعادة واستقرار حياته هو أولًا مع زوجته وأمه معًا.
اللهم أصلح ذات بينكم ولا يجد الشيطان بينكم سبيلًا لرفعته بين إخوانه.