الاقتصاد الأخضر نموذج جديد من نماذج التنمية الاقتصادية السريعة النمو، والذي أساسه يقوم على المعرفة للاقتصاديات البيئية والتي تهدف إلى معالجة العلاقة المتبادلة ما بين الاقتصاديات الإنسانية والنظام البيئي الطبيعي، والأثر العكسي للنشاطات الإنسانية على التغير المناخي، والاحتباس الحراري، وهو يناقض نموذج ما يعرف «بالاقتصاد الأسود» والذي أساسه يقوم على الوقود الحجري مثل الفحم والبترول والغاز الطبيعي. إذا الاقتصاد الأخضر يحتوي على الطاقة الخضراء والتي توليدها يقوم على أساس الطاقة المتجددة، بدلا من الوقود الأحفوري، والمحافظة على مصادر الطاقة واستخداماتها كمصادر طاقة فعالة، هذا عدا عن أهمية نموذج الاقتصاد الأخضر في خلق ما يعرف بفرص العمل الخضراء، وضمان النمو الاقتصادي المستدام والحقيقي، ومنع التلوث البيئي، والاحتباس الحراري، واستنزاف الموارد والتراجع البيئي.
لا يوجد حاليا تعريف متفق عليه دوليا للمصطلح «الاقتصاد الأخضر»، استحدث برنامج الأمم المتحدة للبيئة تعريفا عمليا، يفهم بناء عليه الاقتصاد الأخضر بأنه اقتصاد يؤدي إلى تحسين حالة الرفاه البشري والإنصاف الاجتماعي، مع العناية في الوقت نفسه بالحد على نحو ملحوظ من المخاطر البيئية وحالات الشح الإيكولوجية. وأما على مستوى عملي أكثر، فيمكن إدراك الاقتصاد الأخضر بأنه اقتصاد يوجه فيه النمو في الدخل والعمالة بواسطة استثمارات في القطاعين العام والخاص من شأنها أن تفضي إلى تعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتخفيض انبعاثات الكربون والنفايات والتلوث ومنع خسارة التنوع الإحيائي وتدهور النظام الإيكولوجي. وهذه الاستثمارات هي أيضا تكون موجهة بدوافع تنامي الطلب في الأسواق على السلع والخدمات الخضراء، والابتكارات التكنولوجية، وكذلك في حالات كثيرة بواسطة تصحيح السياسات العامة الضريبية والقطاعية فيما يضمن أن تكون الأسعار انعكاسا ملائما للتكاليف البيئية.
وقد اكتسب مفهوم الاقتصاد الأخضر شهرة دولية إضافية عندما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقتضى قرارها 236/64 المؤرخ 24 ديسمبر 2009، أن تنظم في عام 2012 مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، الذي من شأنه أن يركز على الموضوع المحوري الخاص بالاقتصاد الأخضر في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.
والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر يتطلب معرفة التنمية المستدامة، وبما تحتويه من مهارات وظيفية وأنظمة صحية جديدة.
فمثلا الاستثمار في الطاقة النظيفة وحركة مواصلات مستدامة وغابات وزراعة صديقة للبيئة عناصر جوهرية لبناء اقتصاد أخضر والوصول إلى أهداف مقبولة عالميا لتقليص الفقر. فعلى سبيل المثال استثمار %2 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عشرة قطاعات رئيسية يمكن أن يبدأ مرحلة انتقالية نحو اقتصاد أخضر يمتاز بانخفاض الكربون وكفاءة الموارد.
وسيعمل هذا المبلغ المستثمر، الذي يقدر حاليا بنحو 1.3 تريليون دولار أميركي سنويا في المتوسط، والذي تدعمه السياسات الوطنية والدولية المتطلعة إلى المستقبل، على نمو الاقتصاد العالمي بالمعدل نفسه تقريبا، إن لم يكن أعلى من ذلك المتوقع في إطار النماذج الاقتصادية الحالية؛ لكن الفارق أن هذا النمو سيحدث من دون ارتفاع المخاطر والصدمات والندرة والأزمات الواسعة على نحو متزايد في «الاقتصاد البني» عالي الكربون المستنزف للموارد، وهذه تعتبر من أهم توصيات تقرير أصدرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بعنوان «نحو اقتصاد أخضر.. مسارات إلى التنمية المستدامة والقضاء على الفقر».
الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر
يقوم العالم بالانتقال إلى الاستثمار في الاقتصاد الأخضر وذلك بسبب خيبة الأمل من النظام الاقتصادي العالمي السائد حاليا والأزمات العديدة المتزامنة وانهيارات الأسواق التي حدثت أثناء العقد الأول من الألفية الجديدة، بما في ذلك الأزمة المالية والاقتصادية العام 2008 على وجه الخصوص قد أسهمت في تلك القوة الدافعة التي اكتسبها مبدأ الاقتصاد الأخضر. وأيضا أزمة الغذاء التي تخطى عدد الجياع فيها عالميا البليون نسمة عام 2009 نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء ونسبة البطالة على أثر الأزمة المالية، وكذلك الأزمة المناخية والتي تمثلت في ظواهر وتقلبات مناخية شديدة تأتي بكوارث وتداعيات على نطاق واسع. فمبدأ «الاقتصاد الأخضر» لا يحل محل التنمية المستدامة، بل إن هناك فهما مطردا الآن لحقيقة أن تحقيق الاستدامة يرتكز بالكامل تقريبا على إصلاح الاقتصاد، فالعقود المتتالية من خلق الثروات الجديدة عن طريق نموذج «الاقتصاد البني» لم تتعامل مع التهميش الاجتماعي واستنفاد الموارد، ولا نزال بعيدين عن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. إن الاستدامة لا تزال هدفا حيويا بعيد الأمد، ولكننا لابد أن نعمل على تخضير الاقتصاد لنصل إلى هذا الهدف.
بالإضافة إلى تحقيق معدل نمو أعلى، فإن التحول الشامل إلى الاقتصاد الأخضر من شأنه تحقيق دخل أعلى للفرد مقارنة بنظيره في ظل النماذج الاقتصادية الحالية مع تقليل البصمة البيئية بنسبة %50 تقريبا في العام 2050، مقارنة بنهج العمل المعتاد.
تحديات التحول إلى الاقتصاد الأخضر
* تحول الوظائف من قطاعات إلى أخرى: زيادة وظائف في قطاعات معينة يقابلها تراجع في عدد الوظائف في قطاعات أخرى، خاصة في المرحلة الانتقالية.
* تفاوت الفرص من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى ومن قطاع لآخر.
* إمكانية نشوء سياسات حماية Green protectionism وحواجز فنية إضافية أمام التجارة.
* خيار مكلف قد لا ينتج عنه فوز تلقائي ومتساوي على الصعيدين الاقتصادي والبيئي، وقد يكون ذلك على حساب تحقيق أهداف انمائية أخرى.
الأمم المتحدة
يقول آكيم شتاينر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إن العالم في طريقه إلى ريو مرة أخرى، لكنه عالم مختلف تماما عما كان عليه في قمة الأرض في ريو العام 1992. وتأتي ريو 2012 على خلفية التراجع السريع في الموارد الطبيعية وتسارع التغيير البيئي، بدءا بفقدان الشعاب المرجانية والغابات إلى الندرة المتنامية في الأراضي المنتجة جراء الحاجة الملحة إلى الغذاء والوقود من جانب الاقتصاد والآثار المحتملة لتغير المناخ دون رادع.
وأكد شتاينر أنه يجب علينا تجاوز استقطابات الماضي كالتنمية في مقابل البيئة والدولة مقابل السوق والشمال مقابل الجنوب. وفي ظل وجود 2.5 مليار نسمة يعيشون على أقل من 2 دولار يوميا، وأكثر من ملياري نسمة يضافون إلى سكان العالم بحلول العام 2050، فمن الواضح أنه يجب علينا الاستمرار في تطوير وتنمية اقتصاداتنا، ولكن هذا التطور لا يمكن أن يأتي على حساب نظم دعم الحياة ذاتها على الأرض أو في المحيطات أو في الغلاف الجوي إذ إنها تحافظ على اقتصاداتنا وبالتالي على حياة كل واحد منا.
استثمارات في الاقتصاد الأخضر
الاقتصاد الأخضر يقدر رأس المال الطبيعي ويستثمر فيه، حيث تم تخصيص ربع الاستثمارات الخضراء التي تم تحليلها - أي 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي ( 325 مليار دولار أميركي ) - لقطاعات رأس المال الطبيعي: الحراجة، والزراعة، والمياه العذبة، ومصايد الأسماك. وترتفع القيمة المضافة في صناعة الغابات بنحو 20% في العام 2050 مقارنة بنهج العمل المعتاد. ويمكن لاستثمارات في الاقتصاد الأخضر تتراوح بين 100 و300 مليار دولار أميركي سنويا في الفترة من 2010-2050، أن تؤدي بمرور الوقت إلى ارتفاع جودة التربة وزيادة العائدات العالمية من المحاصيل الرئيسية بما يمثل زيادة قدرها عشرة في المئة عما يمكن تحقيقه من خلال استراتيجيات الاستثمار الحالية. كما يمكن أن تقلل الكفاءة الزائدة في قطاعات الزراعة والصناعة والبلديات من الطلب على الماء بحوالي الخمس بحلول العام 2050، مقارنة بالتوجهات المتوقعة، مما يقلل الضغط على المياه الجوفية والسطحية على المديين القصير والطويل.
ويمكن للاقتصاد الأخضر أن يساهم في التخفيف من الفقر، وهناك رابط لا ينفصم بين التخفيف من الفقر والإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية والأنظمة الايكولوجية نظرا لتدفق المنافع من رأس المال الطبيعي لتصل إلى الفقراء مباشرة، وهو أمر مهم بالنسبة للدول منخفضة الدخل بصفة خاصة، حين تمثل سلع وخدمات النظام الايكولوجي أحد أكبر مكونات المعيشة للمجتمعات الريفية الفقيرة ويوفر شبكة أمان تحمي من الكوارث الطبيعية والصدمات الاقتصادية.
وسيتم خلق وظائف جديدة أثناء الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وبمرور الوقت ستزيد تلك الوظائف عما هو متاح في «الاقتصاد البني»، ويلاحظ هذا بصفة خاصة في قطاعات الزراعة والنباتات والطاقة والحراجة والنقل. ولكن التخضير سيتطلب فقدا في الدخل والوظائف، على المديين القصير والمتوسط في بعض القطاعات التي استنزفت بصورة شديدة مثل مصايد الأسماك لكي تستعاد المخزونات المستنزفة ولتجنب الفقد الدائم في الدخل والوظائف، وقد يتطلب التخضير أيضا الاستثمار في إعادة بناء المهارات وإعادة تعليم القوة العاملة.
إن التحرك نحو الاقتصاد الأخضر يحدث على مستوى غير مسبوق وبسرعة لم تعهد من قبل. فقد كان من المتوقع في العام 2010 أن تصل الاستثمارات الجديدة في الطاقة النظيفة إلى قيمة قياسية تبلغ 180-200 مليار دولار أميركي بزيادة عن قيمتها البالغة 162 مليار دولار أمريكي في العام 2009 و 173 مليار دولار أمريكي في العام 2008. وتدفع الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي عجلة التنمية بصورة متزايدة والتي ارتفعت حصتها من الاستثمار العالمي في مجالات الطاقة المتجددة من 29% في العام 2007 إلى 40% في العام 2008، يأتي معظمها من البرازيل والصين والهند.
ومن المتوقع أن يولد الاقتصاد الأخضر قدرا من النمو والوظائف يماثل أو يزيد عن سيناريو نهج العمل المعتاد الحالي ويفوق التوقعات الاقتصادية على المديين المتوسط والطويل في حين يؤدي إلى منافع اجتماعية وبيئية أكثر، ولكن مثل هذا التحول إلى الاقتصاد الأخضر لن يكون بلا مخاطر وتحديات من " تخضير " القطاعات البنية التقليدية إلى تلبية متطلبات السوق سريعة التغير في عالم يقيده الكربون، لذا يجب أن يتحد قادة العالم، والمجتمع المدني، والأعمال الرائدة، وأن يتعاونوا على التدبر في المقاييس التقليدية للثروة والرخاء والرفاهية وإعادة تعريفها، ومن الواضح أن أكبر المخاطر هو الاستمرار في الأمر الواقع.
مكونات الاقتصاد الأخضر
أولا: فرص خضراء جديدة
* خلق فرص اقتصادية واجتماعية جديدة بناء على أنشطة خضراء جديدة الت ين خلالها يتم:
* تحسين التدفقات التجارية مع التركيز على السلع والخدمات البيئية.
* إنتاج وتوزيع الطاقة المتجددة.
* دعم الابداع، البحث والتطوير ونقل التكنولوجيا.
* تشجيع ريادة الأعمال، التعليم وإعادة التدريب.
والفوائد المتوقعة تتمثل في التالي
* تعزيز الأنشطة المنخفضة الكربون.
* مجالات جديدة للنمو الاقتصادي.
* فرص عمل جديدة.
* مصادر جديدة للدخل.
* وظائف للشباب في قطاعات جديدة.
ثانيا: جعل الأنشطة الاقتصادية القائمة أكثر ملاءمة للبيئة:
* خلق فرص اقتصادية واجتماعية جديدة من خلال «تخضير» الأنشطة الاقتصادية القائمة من خلال:
* تعزيز النقل المستدام.
* تخضير البناء والتصميم.
* تخضير إنتاج الكهرباء.
* تحسين إدارة المياه وعمليات التحلية.
* تعزيز الزراعة العضوية.
ومن الفوائد المتوقعة:
* خفض انبعاثات الكربون.
* تحسين النقل العام.
* تقليص الاجهاد المائي.
* تحسين الأمن الغذائي.
* تخفيف تدهور الأراضي والتصحر.
لمحات عن مبادرات الاقتصاد الأخضر الوطنية
البلد
|
مبادرات الاقتصاد الأخضر
|
الصين
|
حدّدت هدفاً ترمي إليه لإنتاج ما نسبته 16 % من طاقتها الأولية من الموارد المتجدّدة بحلول العام 2020، وتضمّنت خطتها الخمسية للفترة 2006-2010 استثمارات ملحوظة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية وسائر مصادر الطاقة المتجدّدة، كما يتضمّن مشروع خطتها للفترة 2011-2015 المزيد من التدابير لتعزيز إنتاج الطاقة المتجدّدة واستخدامها.
|
مصر
|
تشتمل استراتيجية مصر للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر في صميمها على الكثير من مبادئ الاقتصاد الأخضر وأهدافه المنشودة. وترمي هذه الاستراتيجية العامة إلى توسيع مدى الأهداف المحدّدة لقطاعات معيّنة، ومنها مثلاً قطاع الطاقة. ويركّز آخر تقرير عن التنافسية صدر عن المجلس الوطني المصري للتنافسية على الاستراتيجيات والاستثمارات والسياسات العامة التي يمكن أن تدفع مسار التحوّل الاقتصادي الأخضر.
|
إثيوبيا
|
أعلنت خططاً لبدء إنتاج طاقة الرياح. ومن المتوقّع أن تسهم محطات توليد الكهرباء بطاقة الرياح في زيادة سبل الحصول على الطاقة في بلدٍ لا يتمتع فيه حالياً بتلك السبل سوى 25 % من سكانه. كما تنفّذ إثيوبيا سياسة عامة من أجل زيادة مساحة غطائها الحرجي وتحسين إدارة الأحراج الموجودة حالياً.
|
الأردن
|
يُعنى الأردن حالياً بالترويج لمجموعة متنوّعة من السياسات العامة والمبادرات والبرامج الرامية إلى تحقيق الاقتصاد الأخضر، ومنها مثلاً منتدى المدن البيئية وندوة التمويل البيئي ومشروع استصلاح منطقة نهر الزرقاء، إضافة إلى مجموعة من الحوافز الضريبية للترويج لمصادر الطاقة المتجدّدة وكفاءة استخدام الطاقة. ويبيّن البرنامج التنفيذي الصادر عام 2010 الهدف الخاص بتحويل البلد إلى مركز إقليمي للخدمات والصناعات الخضراء.
|
المكسيك
|
واحد من أوائل البلدان التي قطعت على نفسها التزاماً ببلوغ هدف تخفيض الانبعاثات الكربونية على نحو طوعي بالتعهّد بالتقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (الدفيئة) إلى النصف بحلول العام 2050. وتضطلع المكسيك أيضاً بعدد من السياسات العامة والمشاريع بشأن كفاءة استخدام الموارد. والطاقة النظيفة وغير ذلك من المجالات ذات الصلة بالاقتصاد الأخضر. وفي قطاع الطاقة نفسه، وضعت خططاً لإضافة 500 ميغاواط من القدرة الكهربائية المولّدة بطاقة الرياح إلى سعة الشبكة الكهربائية بحلول العام 2012.
|
جمهورية كوريا
|
اعتمدت استراتيجية وطنية وخطة خمسية بشأن النمو الأخضر للفترة 2009-2013، بتخصيص 2 % من ناتجها المحلي الإجمالي للاستثمار في عدّة قطاعات خضراء، كالطاقة المتجدّدة وكفاءة استخدام الطاقة والتكنولوجيا النظيفة والمياه.
|
المملكة المتحدة
|
اعتمدت خطة لخفض انبعاثات الكربون تسعى بها إلى تحقيق تخفيض بنسبة قدرها 34 % من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (الدفيئة) من مستويات عام 1990 بحلول العام 2020. وفي مايو 2010، أعلنت تدابير جديدة لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة في المنازل، وتخطّط لإقامة مصرف للاستثمارات الخضراء.
|
أوروغواي
|
اطلاق خططاً لإنتاج نصف إمدادات البلد بالطاقة من مصادر الطاقة المتجدّدة بحلول العام 2015، وتخطّط أيضاً لاقتطاع استهلاك الوقود الأحفوري بنسبة قدرها 15 % بحلول العام 2015.
|
نماذج ناجحة
* المدينة النموذجية «مصدر» في الإمارات العربية المتحدة
تم إنشاء مدينة نموذجية مستدامة منخفضة الاستهلاك للمياه والطاقة، ويتم فيها إعادة تدوير المياه العادمة للاستخدام في الري. واستخدام 200 ميجاواط من الطاقة النظيفة «بالطاقة الشمسية» مقابل أكثر من 800 ميجاواط بالنسبة لمدينة تقليدية بنفس الحجم. واستهلاك 8.000 متر مكعب من مياه التحلية يوميا مقارنة بأكثر من 2.0000 متر مكعب يوميا بالنسبة لمدينة تقليدية.
* الكهرباء بالطاقة الشمسية باليمن
لقد كان يصعب امداد خطوط الطاقة الكهربائية التقليدية إلى المناطق الريفية البعيدة بسبب التكلفة وخسارة الطاقة وغيرها من المعوقات، حيث كان البديل استخدام الطاقة الشمسية المجانية والمتجددة النظيفة والتي تتميز فيها اليمن بكميات هائلة، حيث أطلقت الإسكوا مباردة إنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الكهربائية الشمسية في المناطق الريفية النائية في اليمن والتي من بعدها تم توفير العديد من الخدمات للسكان منها تخزين الغذاء واستخدام التكنولوجيا وباء المدارس والمستوصفات.
تخفيف حدة الفقر
ان الاستراتيجية التي تعنى بالاقتصاد الأخضر يمكن أن تسهم في تحقيق النمو الأخضر وأن تعود بالنفع على البيئة من خلال تجديد رأس المال الطبيعي وتعزيزه، بالإضافة إلى التخفيف من حدة الفقر. وهنالك عدد من القطاعات الاقتصادية ذات الأهمية الوثيقة الصلة بالتخفيف من وطأة الفقر والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر. وعلى سبيل المثال، يعد قطاع مصائد الأسماك قطاعا أساسيا للتنمية الاقتصادية والعمالة والأمن الغذائي لصالح الملايين من البشر في العالم قاطبة. ذلك أن هذه الصناعة تدعم معيشة ما يقدر بنحو 520 مليون نسمة - من الأشخاص الذين يعملون في مصائد الأسماك بدوام كامل أو بدوام جزئي، ويعيل كل عامل صيد منهم ثلاثة أفراد، في التقدير المتوسط، من عائلته، ومع ذلك فإن استدامة جوانب كبيرة من هذه الصناعة باتت تتهددها المخاطر من جراء الممارسات والسياسات العامة المتبعة في صيد الأسماك في الوقت الراهن. كما أن تعزيز القطاع الزراعي بجعله قطاعا مستداما ومفعما بالنشاط عامل حاسم أيضا في التخفيف من حدة الفقر. كذلك فإن طرائق الزراعة المستدامة يمكن أن تزيد المساواة والإنصاف في توزيع الأغذية المنتجة، وفي الوقت نفسه تتيح الوسائل الكفيلة بتحقيق زيادات في غلال المحاصيل. ويمكن أن تكون ظواهر الجوع والفقر والصحة والبيئة وثيقة الارتباط بالممارسات المتبعة في الزراعة والناتج المستمد منها؛ ومن ثم فإن الزراعة المستدامة تنطوي على إمكانات جديرة بالاعتبار للارتقاء بنوعية الحياة في المجتمعات المحلية الريفية.
المنافع البيئية للاقتصاد الأخضر
النقلة إلى الاقتصاد الأخضر يمكن أن تؤدي إلى تخفيض ملحوظ في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ففي المخطط التصوري الاستثماري، الذي يستثمر فيه ما نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي في قطاعات رئيسية من الاقتصاد الأخضر، يخصص أكثر من نصف مقدار ذلك الاستثمار لزيادة كفاءة استخدام الطاقة وتوسيع إنتاج واستخدام موارد الطاقة المتجددة، بما في ذلك الجيل الثاني من الوقد الحيوي. والنتيجة هي تحقيق خفض بنسبة قدرها 36% في كثافة استخدام الطاقة على الصعيد العالمي، تقاس بملايين الأطنان من معادل النفط في كل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2030. وفي المخطط التصوري الاستثماري، من شأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ذات الصلة بالطاقة أن ينخفض حجمها من 30.6 جيغا طن في عام 2010 إلى 20.0 جيغا طن في عام 2050 ولذلك فإن الاستثمار في الاقتصاد المنخفض انبعاثات الكربون ينطوي على إمكانات كبيرة لمواجهة التحديات التي يفرزها تغير المناخ، مع أن من الضروري القيام باستثمارات إضافية واتخاذ تدابير في إطار السياسات العامة من أجل الحد من تركزات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى 450 جزءا من المليون أو أقل من ذلك.
ومن المنافع البيئية الإضافية التي تجنى من الاقتصاد الأخضر ما يمكن أن يتأتى من الاستفادة على نحو مستدام مما يسمى خدمات النظم الإيكولوجية. وتبين البحوث التي أجريت من أجل تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن الاقتصاد الأخضر كيف يتسنى إنجاز تقدم كبير نحو هذا الهدف من خلال القيام بمبادرات ترمي إلى إدارة الطلب على الخدمات المستفادة من النظم الإيكولوجية، على أن تكملها استثمارات من أجل تعزيز عرض تلك الخدمات وتوريدها طوال الفترة من الأجل المتوسط إلى الأجل الطويل. ذلك أن اتباع أسلوب أفضل وأكثر عناية بالاستدامة في إدارة الأحراج في العالم يمكن أن يؤدي إلى زيادة في أراضي الأحراج، مما يسهم في زيادة خصوبة التربة وتوافر المياه وخدمات تخزين انبعاثات الكربون. وعلاوة على ذلك، فإن تحسين كفاءة استخدام المياه يمكن أن يخفض بقدر كبير استهلاك المياه، كما إن تحسين إدارة الإمداد بالمياه وسبل الحصول عليها يمكن أن يساعد على الحفاظ على المياه الجوفية والمياه السطحية. وتبين دراسات النمذجة الاقتصادية التي أُجريت من أجل التقرير أن الاستثمارات في مجال إدارة وزيادة الإمدادات وتحسين سبل الحصول على المياه من شأنها أن تدعم الحفاظ على المياه الجوفية والمياه السطحية على حد سواء. وكذلك فإن الزراعة المستدامة يمكن أن تؤدي إلى رفع مستوى الغلال وتحسين خصوبة التربة والحد من إزالة الأحراج واستخدام المياه العذبة.
المصدر : مجلة بيئتنا -الهيئة العامة للبيئة - العدد 141