بتـــــاريخ : 7/4/2014 3:51:56 AM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1093 0


    كيف يتحقق لأنشطة الأعمال التأثير فى السياسات العامة؟

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : جون سوليفان | المصدر : www.cipe-arabia.org

    كلمات مفتاحية  :
    أنشطة الأعمال السياسات العامة

    http://www.attajdid.ma/image_info/20131221041230.jpg

    *     جون سوليفان هو المدير التنفيذي لمركز المشروعات الدولية الخاصة

    تمر الدول فى كافة أرجاء العالم بعملية تحول نحو الديمقراطية. وعلى الرغم من اختلاف نمط التنمية الديمقراطية فيما بين الدول، فإن عملية إضفاء الطابع الديمقراطى تؤدى إلى تغيير جوهرى فى العلاقة بين الحكومات وأنشطة الأعمال.
    وعلى سبيل المثال، فقد أدت عملية تحرير الانتخابات التى جرت مؤخراً فى المكسيك إلى توسيع  نطاق تمثيل أحزاب المعارضة فى البرلمان، ومن ثم، عملت على إنهاء سيطرة جناح السلطة التنفيذية على جانب التشريع  والسياسة.  ونتيجة لذلك، صار يتحقق لأنشطة الأعمال الصغيرة الآن فرص جديدة لإسماع أصواتها،   وهى التى لم تكن تولى فيما قبل اهتماماً خلال عملية وضع السياسات.  كما أصبحت الشركات المكسيكية ومنظمات الأعمال التى تتبعها يعيدون النظر فى سبل التعبير عن مصالحها إزاء الحكومة.  وكذلك فهناك تغييرات مماثلة تجرى فى دول مختلفة مثل : إندونسيا وبلغاريا ونيجريا.
    وعلى مدى السنوات الماضية،   عمل مركز المشروعات الدولية الخاصة مع العديد من منظمات الأعمال وتجمعات الخبرة ذات التوجه المؤيد لنظام السوق الحرة خلال اضطلاعها عمليتى الاصلاح السياسى والاقتصادى فى دولها.  وتنطوى هذه التجارب المتصلة بإيجاد شكل ديمقراطى لتمثيل أنشطة الأعمال لدى الحكومات على دروس للدول الأخرى التى تمر بتغيرات مماثلة ورد وصف لكثير من التجارب المشار إليها أدناه فى صفحة الشبكة الدولية للمعلومات مركز المشروعات الدولية الخاصة (http://www.cipe.org).
     

    اهتمامات ومصالح أنشطة الأعمال

    ليست أنشطة الأعمال متماثلة تماماً.  ففى كل دولة توجد درجة كبيرة من الاختلاف من حيث المصالح وأهداف السياسة لدى القطاعات المختلفة بمجتمع الأعمال.  فالشركات الصغيرة تختلف اهتماماتها ومصالحها درجة كبيرة عن اهتمامات ومصالح الشركات متعددة الجنسيات من حيث الجوانب المختلفة مثل: علاقات العمل،   والسياسات الضريبية والرعاية الصحية.  وتعبر درجة اختلاف اهتمامات ومصالح قطاعات الأعمال من حيث قضايا السياسة والمحسوبية أو غيرها من الأعمال عن مؤشر لدرجة الاختلاف فى اقتصاد السوق المعنى.
    وثمة جانب اختلاف فاصل بين الشركات التى تعتمد على الحماية من الاستيراد عن الشركات التى تعتمد على التجارة الدولة.  وفى كثير من الدول أسفرت عقود من الحماية عن نمو "صناعات البيت الساخنة" التى لا يمكنها المنافسة فى الأسواق العالمة،   وإنما تقنع بالمزايا المتوافرة داخل سوق الدولة الأم.  كما أن القوة التى يتمتع بها البيروقراطيون فى ظل هذه الترتيبات تساعد على نمو الفساد الادارى.  وتتمثل النتيجة فى شكل من أشكال اشتراك الدولة التى يكون المستفيد الرئيسى منها هو النخبة فى قطاع الأعمال التى تتمتع بشبكة اتصالات قوية،   ويستبعد من تلك المنافع أرباب الأعمال الحقيقيون والعاملون لديهم .
    كما تسفر الاختلافات عن التمييز بين الشركات التى تظل فى القطاع العام والشركات التى تمت خصخصتها وأخيراً الشركات التى تنتمى فى الأصل إلى القطاع الخاص.  ويتوافر لدى الشركات الباقية فى القطاع العام الحافز لاستمرار المطالبة الابقاء على الدعم،   والحماية،   والائتمان الرخيص.  وهى غالباً ما تستخدم القوى العاملة الكبيرة لديها لممارسة الضغوط ضد الاصلاح.  وخلافاً لهذا فإن الشركات الخاصة تميل إلى إيجاد مجتمع واقتصاد أكثر انفتاحاً وتنافسية.
    وثمة نمط أخر للتقسيم هو التقسيم إلى كيانات رسمية وكيانات غير رسمية  أو كيانات قانونية وأخرى غير قانونية.  ففى كثير من الدول،   يوجد نطاق واسع من الشركات التى تضطر لممارسة انشطتها بصورة لا تتفق والقواعد القانونية على الرغم من تمتعها باحترام فى المجتمع .
     وترتب على صور التميز هذه آثار هامة بالنسبة للكيفية التى تؤثر بها أنشطة الأعمال على عمية صنع السياسة.  ففى النظم السياسية المغلقة أو الشمولية،   تكون للشركة ذات الاتصالات القوية درجة معينة من  التأثير.  ولكن بمجرد أن يفسح النظام الشمولى الطريق للتحرر،   يكون لدى أنشطة الأعمال بصفة عامة مزيد من الفرص للمشاركة فى العملية الديمقراطية بالدولة .
     

    توحيد أنشطة الأعمال

    على الرغم من أن كل دولة وكل أقليم يعد ذا طابع فريد،   فإن أنشطة الأعمال يمكنها أن تتجمع لتكوين وضع  موحد تقريباً استناداً إلى أهداف قومية أو استراتيجية مشتركة.  ففى بعض دول أمريكا اللاتينية،   كونت منظمات الأعمال  قواعد العضوية بها من مجتمع الأنشطة الصغيرة،   أو الشركات التى تمارس أنشطة فى مجال التجارة الدولة، أو قادة الأعمال الذين يرغبون الاستثمار فى تكنولوجيا جديدة .
    وفى عدد قليل من الدول .. من بينها نكياراجوا والسلفادور، على سبيل المثال .. ساءت الأوضاع الاقتصادية إلى الدرجة التى دفعت بكافة أنشطة الأعمال إلى التوحد فى معارضتها للأوضاع القائمة،   على الرغم من اختلافاتهم التى كانت تظهر من لأخر بشأن أهدافهم المستقبلة.  وقد كان التحدى المماثل أمام تلك الأنشطة هو توحد كثر من أرباب الأعمال وغيرهم بهدف المطالبة بانفتاح الاقتصاد، وإصلاح السياسات المالية والضريبة وتنفيذ تغيرات أساسية أخرى .
    وفى المسكيك خلال الثمانينات قامت مؤسسة COPRAMEX،   وهى اتحاد أرباب الأعمال التطوعية  وعارضت هذه المنظمة السياسات الاقتصادية التدخلية التى تضطلع  بها الحكومة،   كما عارضت ممارسات تلك الشركات التى تتداخل اهتمامتها ومصالحها فى مجال الأعمال مع اهتمامات ومصالح الحكومة وكذا مع مصالح الحزب الثورى المؤسسى والذى حكم المكسيك لمدة تربو على نصف قرن .
    وخلال الثمانينات،   كانت منظمة COPRAMEX واحدة من التجمعات القليلة التى نادت بانضمام المكسيك إلى اتفاقية الجات،   وتنفيذ سياسة الاصلاح المالى والضريبى ،   وتنفيذ برنامج للاصلاح الاقتصادى.  واليوم،   تعد COPRAMEX قائدة فى مجال اللقاءات التعليمية العامة التى تضم أرباب الأعمال وتتناول دور أنشطة الأعمال فى مجتمع ديمقراطى،   وتقديم جدول أعمال للسياسة العامة وكذا، الاحتياج إلى مشروعات حرة .
    ومع اتجاه أمريكا اللاتينية،   وكذا الفلبين وغيرها من الدول نحو التخلى عن سياسة إحلال الواردات والتكيف إزاء أوضاع السوق العالمى،   صار على أنشطة الأعمال التكيف أيضاً.  ووفقاً لما ذكره هيرنان بوشى  Hernan Buchi وهو واحد ممن صاغوا  برنامج الاصلاح الاقتصادى فى شيلى،   فإن جانباً من أقوى المعارضين للاصلاح يأتى من جانب المشروعات التى تمتلكها الحكومة والشركات التى تعمل مع الحكومة ومع حدوث التكييف الشامل فى شيلى قامت تلك الشركات أيضاً بتكييف أوضاعها لمواكبة النظام الجديد.  وواقع الأمر،   أن اهتمامات الشركات بالنسبة للسياسة العامة لا تتسم بالثبات على نحو مستمر . فتلك الاهتمامات يمكن أن تشهد تغيراً كبيراً وفقاً للتغيرات التى تطرأ على الاقتصاد ككل واتجاهات الأسواق المحلية والأجنبية،   وقرارات قادة الأعمال.
    وثمة حالة مثيرة للانتباه فى هذا الصدد هى حالة التغيير الذى حدث بالهند والذى أدى إلى بدء برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى استهله راجيف غاندى،    وعمل على تعميقه فيما بعد وزير المالية الساعى للتجديد،  فانهوهان سينج.  وقد قاد التغيير العديد من أنشطة الأعمال بالهند، وخاصة الشركات الكبيرة،   حيث تمسك الجميع بالمنافع التى اقترنت بالاجراءات الحمائية التى أدخلها نهرو.  إلا أن بعض الشركات وخاصة الشركات المهنية بدأت بالدخول إلى الأسواق العالمة وتخلت عن الاعتماد على الواردات .. بدأت فى المطالبة بالتغير وبمرور الوقت،   بدأ تجمع هذه الشركات فى النمو وصار له تمثيل فى اتحاد الصناعة.
     

    أدوات إحداث التغيير

    الأجندة الوطنية لأنشطة الأعمال : تعد الأجندة الوطنية من الأدوات الشائعة للتأثير فى السياسة العامة.  وتحتوى هذه الأجندة على مجالات اصلاح السياسة التى تمثل أولوية بالنسبة لمجتمع الأعمال فى الأجل القصير.  وهى تحدد الاصلاح من حيث القوانين والاجراءات وتطرح مقترحات محددة لإجراءات التغيرات الضرورية.  والعنصر الأساسى فى الأجندة هو مفهوم المشاركة وعلى سبل المثال،   فإن اتحاد الصناعات المصرية قام بإعداد الأجندة الوطنية الخاصة به والتى تشتمل على الخطوات التالية :
    q                  تحليل السياسات ووضع التوصيات
    q                  اللقاء مع الأعضاء لايجاد منتديات لمناقشة البدائل
    q                  النشر فى وسائل الاعلام للحصول على آراء ومقترحات من الأطراف المعنية .
    q                  صياغة برامج اصلاح السياسات .
    q                  العمل على نشر الأجندة والاعلام بها .
    q                  المناداة باصلاحات معينة ورفع ذلك لدى السلطتين التنفيذية والبرلمانية .
    كما استخدمت منظمات أخرى الأجندات الوطنة لأنشطة الأعمال بغرض أعداد أجندة مشتركة للاصلاح.  فقد استخدم الاتحاد النيجيرى لغرف التجارة والصناعة والتعدين والزراعة (NACCIMA) الأجندة الخاصة به لسنوات عدة بغرض تنسيق الاصلاح الاقتصادى (أنظر مجلة الاصلاح الاقتصادى اليوم،  النسخة الدولية باللغة الانجليزية العدد الرابع،  1998).  وفى عام 1998،   أكتسبت  هذه الأجندة أهمية كبيرة نظراً لامكانات انفتاح الدولة على الديمقراطية وأخذاً فى الاعتبار للضغط  على الاتحاد من الذى واجهه الاتحاد نتيجة للتحول السياسى ولاستمرار الأزمة الاقتصادية ،   فقد صار بناء ونشر الأجندة الوطنية لأنشطة الأعمال علامة على القدرة الكبيرة للاتحاد فى مواجهة المصاعب الجمة القائمة أنذاك.
     
    البرامج الاستشارية التشريعية : تمثل هذه البرامج نوعية أخرى من أدوات تطوير أجندة  الاصلاح الاقتصادى وقد قام مركز التوجيه الاقتصادى  (Center for Economic Orientation CCEO) فى جمهورية الدومينيكان ببدء مثل هذا البرنامج بغرض مساندة عملية صنع القرار فى البرلمان.  ومثلما يحدث فى الدول الأخرى فإنه لم يتوافر للمشرعين فى الدومينيكان سوى القليل من الموارد اللازمة لتحليل التشريعات : إذ لم يتوافر المساعدون أو العاملون باللجان سوى بدرجة ضعيفة .
    ونتيجة لهذا، فقد كانت العملية التشريعية واقعة تحت رحمة البيروقراطية الحكومية،   من حيث تقدير الأثر الاقتصادى للتشريع.  وقد حاول المركز التغلب على مشكلة نقص الموارد هذه عن طريق تبسيط لغة التحليل الرسمى للمنافع والتكاليف ونشرها بين المشرعين والعامة.  وقد اكتسب المشروع شهرة وانتشاراً كبيرين لدى الحكومة والعامة على السواء.  كما قام عدد من منظمات الأعمال بانتهاج أنواع مماثلة من البرامج،   اشتملت فى أوقات مختلفة على : المجلسى الأعلى للمشروعات الخاصة فى نيكاراجوا Superior Council of Private Enterpriss والغرفة البولندية للتجارة والصناعة واتحاد رجال الأعمال بالقطاع الخاص فى بوليفنا (CEPB) .
    ومن شأن السمات التالية أن تعمل على زيادة فعالية البرنامج الاستشارى التشريعى:
    المصداقية : ينبغى أن يرتكز كل برنامج على اوراق بحثية ليقوم التكنوقراط وغيرهم بدراستها على نحو تفصيلى ومدقق .
    البساطة: يجب كتابة الملخصات بلغة واضحة،   وأن تصاغ بأسلوب يعبر عن المصالح والاهتمامات العامة للدولة بالمقارنة بمصالح واهتمامات مجموعات معينة،   مثل أنشطة الأعمال أو العمال .
    الاتاحة: يتعين طبع الملخصات وتوزيعها على نطاق واسع وحيثما أمكن،   يجب إجراء الترتيبات مع وسائل الاعلام بهدف توفير تغطية أوسع نطاقاً .
    حوار السياسة مع المسئولين الحكوميين : يمثل  البيروقراطيون فى دول كثيرة عائقاً كبيراً فى سبيل الاصلاح.  ولذا،   يتعين على منظمات الأعمال،   وهى فى غمار محاولاتها للتأثير على السياسة العامة،   أن تسعى إلى التأثير على المسئولين الحكوميين،   وأيضاً على المشرعين.
    وفى الهند، على سبيل المثال، على الرغم من أن تغيرات السياسة الاقتصادية قد تمت فإن المسئولين الحكوميين على مستوى الولايات فى حاجة إلى الاقتناع أن الاصلاحات ستحقق منافع لمجتمعاتهم قبل أن يسارعوا بابداء معارضتهم.  وقد قامت الغرفة التجارة الجديدة فى دلهى بتنظيم 31 حواراً بين أنشطة الأعمال والحكومة عقدت فى شمال الهند للوصول إلى المسئولين الحكوميين على مستوى الولياة،   وكذا لكبار رجال الأعمال والأكاديمين.  وقد عقدت الندوات لتحقق الأغراض التالية:
     
    ·        نشر اتجاه "القدرة على العمل" بدلاً من "عدم القدرة" فيما بين المسئولين الحكوميين
    ·        القضاء على أسلوب التفكير "المناهض للربح" والسائد بين الساسة فى الهند.
    ·        الاسراع بعملية إصدار التصاريح والتراخيص عن طريق إيجاد مراكز مجمعة فى مكاتب الولايات .
    وبينما لا يتسنى تغيير الاتجاهات وأساليب التفكير سوى على المدى الطويل،   فقد تمكنت غرفة دلهى من تحقيق نجاح فى هذا الاتجاه .
     بناء التحالفات: تمثل التحالفات الاستراتيجية أداة أخرى لدفع عمليات الاصلاح.  وفد أظهرت الدول التى تمر بمرحلة تحول والتى تنقسم فيها قطاعات الأعمال انقساماً واضحاً اهتماماً كبيراً بهذا الأسلوب .
    ففى رومانيا،   ينقسم قطاع وأنشطة الأعمال،   وكذا منظمات الأعمال،   وفقاً للتقسيمات التى نوقشت  أعلاه.  وقد قام المركز الدولى للدراسات  التنظيمية بوضع برنامج تطويرى قام على أساس تشكيل تحالف استراتيجى لمنظمات الأعمال Strategic Alliance of Business Associations (SABA) وفى غمار عملهم.  بدأ المركز فى العمل مع رجال الأعمال فرادى ووجد أن العديد من المنظمات القطاعية.  مثل مجمع البرمجيات وكذا الأنشطة الصغيرة والتى تتركز فى المناطق الواقعه بأطراف رومانيا تطالب بإيجاد اقتصاد سوق.  إلا أنها فرادى كانت تتسم بالضعف ولم يكن لدى أى منها فكرة عن جهود الأخرين.  وخلال برنامج تدريبى عن الادارة،   بدأ الاتحاد فى الظهور فى شكل مجموعة من المنظمات ذات التفكير المتماثل والغرض المشترك.  واليوم يقوم أعضاء التحالف بتنفيذ برنامج استشارى تشريعى على نحو تفصيلى.
     

    طرح الحجـة

    أن قدرة أنشطة الأعمال على صياغة حجتها من اجل الاصلاح يمكن ان تؤثر فى احتمالات النجاح فى المستقبل.  ومن ثم، يتعين على أنشطة الأعمال أن تقوم بتحديد القضايا المثارة فى الإطار العام الذى يثير اهتمام الغالبية،   ومن أمثلة تلك القضايا النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل،   وكذلك سياسات  إدارة وتوجيه الشركات Corporate Governance  والقضاء على الفساد الادارى .. وهى قضايا تلقى اهتماماً كبيراً من جانب أنشطة الأعمال ومن جانب المجتمع بصفة عامة .
    ويشير مصطلح Corporate Governance إلى مجموعة القوانين واللوائح التى تحدد التزامات ومسئوليات الأجهزة القائمة على الادارة.  وقد أكتسب موضوع نظم ادارة وتوجيه الشركات أهمية واضحة نتيجة لظهور العديد من العوامل.  ففى الولايات المتحدة، أدى الاخفاق المعلن عنه فى قطاع الادخار والاقراض إلى المناداة بادخال إصلاحات على مجالس الإدارات.  وبالاضافة إلى هذا،   فقد نتج عن تزايد أهمية أدوار المستثمرين المؤسسين، مثل صناديق المعاشات،  والذى اقترن بزيادة عمليات الاندماج والاستحواذ،   إلى وجود مستوى جديد لعمليات تقييم أداء كبار المسئولين التنفيذيين والمديرين الخارجيين .
    وأخيراً ،   فمع تزايد ادراك الشركات للحاجة إلى إدخال درجة من التنويع على مجال إداراتها على النحو الذى يعكس التغير فى دور المرأة وأدوار الأقليات فى المجتمع،   فقد بدأت تلك الشركات فى توجه مزيد  من الاهتمام نحو مجموعة من القضايا المتصلة بتعيين المديرين وتحديد أدوارهم.
    إلا أن الأزمتين الاقتصاديتين فى آسيا وروسيا هما اللتان أدتا إلى اثارة قضية نظم إدارة وتوجيه الشركات وجعلها تمثل الترتيب الأول من بين القضايا العامة.  فالعلاقات القوية المتبادلة بين الشركات فى  كوريا الجنوبية واندونيسا وغيرهما من الدول الأسيوية مقترنة بالافتقار إلى معايير ومتطلبات الافصاح،  كانت بمثابة عوامل أساسية أسهمت فى حدوث الأزمة الأسيوية  .
    وفى الوقت الراهن، يطالب البنك الدولى،   وصندوق النقد الدولى،   والمستثمرون العالميون والدوائر المحلية باحداث تغيير.  وبهذا  الصدد،   توجد لدى منظمات الأعمال فى كثير من الدول فرصة فريدة للدخول ودفع عمليات الاصلاح،   بهدف المساعدة على إعادة تشكيل هياكل بيئات الأنشطة التى تمثلها.  وإذا ما أخفقت المنظمات فى ذلك،   فسينجم عن ذلك تشكيل البيئة الاقتصادية لغير صالحهم .
    والاستراتيجية الأخرى لدفع الاصلاح الاقتصادى هى القضاء على الفساد الإدارى.  وفى هذا الشأن تقوم مؤسسة Transparency International وهى منظمة عالمية غير هادفة للربح بتعبئة قاعدة واسعة من المساندة لجهود إصلاح نظم المشتريات الحكومية عن طريق إيجاد ميثاق شرف لعمليات المشتريات الحكومية.
    وتضطلع المجموعات الأخرى غير الهادفة للربح بمحاربة الفساد الادارى داخل دولها.  وعلى سبيل المثال،   قامت جمعية رجال الأعمال فى أكوادور (ANE) مؤخراً ببدء تنفيذ  برنامج لمحاربة الفساد الأدارى ركز على الاسباب الجذرية للفساد.  وقد أسفر مسح القوانين واللوائح عن أن كثيراً منها يعد متعارضاً ومتداخلاً بعض مع البعض الأخر.  ولكن نظراً لأن أكوادور تستخدمCode Law فليس للمحاكم إدخال التعديلات  أو ألغاء القوانين التى تنطوى على تعارض أو أزدواجية  وإلى الحد الذى تتمكن منظمات الأعمال خلاله من الاضطلاع بجهود محاربة الفساد الادارى،   يكون بوسعها إيجاد السبل  التى تمكنها من دفع عمليات الاصلاح فى مجال السياسات .
    وهناك آثار بعيدة المدى للقرارات التى يتخذها قادة انشطة الأعمال بشأن المشاركة فى تشكيل وتنمية المؤسسات الديمقراطية.   ومن خلال الاجندات الوطنية لأنشطة الاعمال ومجمعات الخبرة وغيرها من المجموعات الممثلة لأنشطة الأعمال يمكن إيجاد قوى أساسية لتشكيل أجندات سابقة على عملية الاصلاح التى تؤدى بدورها إلى تشكيل بيئة ممارسة أنشطة الأعمال فى المستقبل .
    من شأن برنامج مكافحة الفساد الادارى الذى تضطلع به مؤسسة ANDE  ومثله جهود غرفة دلهى لعمليات الاصلاح على المستوى المحلى يتحقق منافع لاعضائها وأيضاً  للجيل المقبل من رجال الأعمال.  إذ ستعمل كل شركة وكل جمعية أعمال على تقرير الاستراتيجيات والتكتيكات استجابة لأنواع التحديات السائدة فى دولتها.  ومع دخول مزيد من الدول إلى السوق العالمية ومرورها بعملية تحول نحو الديمقراطية يتزايد ضرورة استجابة قادة الأعمال لتلك التحديات.


     

    كلمات مفتاحية  :
    أنشطة الأعمال السياسات العامة

    تعليقات الزوار ()