الصراع حقيقة كونية وجدت من قبل أن يخلق آدم عليه السلام " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالو أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء .. الآية " وذلك إشارة إلى الصراع الذي كان بين الجن قبل مجيئ آدم. واستمر الصراع بعد خلق آدم بين ذريته وذرية إبليس لعنه الله "وقلنا اهبطو بعضكم لبعض عدو..الآية" وكذلك بين أهل الإيمان وأهل الكفر وحتى بين أبناء الملة الواحدة والشواهد على ذلك كثيرة في الماضي والحاضر.
أما الصراع في المؤسسات ,وهو ما يهمنا بالدرجة الأولى, فهو حقيقة واقعة ومن الاستحالة تجنبها وهي موجودة في الفرق على جميع المستويات الإدارية. والصراع ليس دائما ذو آثار سلبية فهناك أيضا إيجابيات. وقد يكون من السهل تشكيل فريق ولكن أن تجعل أعضائه يعملون معا متعاونين فإنها مهمة شاقة. إذن ماهي حقيقة الصراع وماهي أسبابه وآثاره وكيف يمكن التعامل معه؟
الصراع...هو تضاد بين قوتين أو أكثر.. تعارك..شجار..تعارض في المصالح والمبادئ والمنهجيه والآراء..تنافر في الممارسات الشعور والنتائج..تداخل في الأحداث والأنشطة والبرامج الزمنية..كفاح ذهني ناجم عن متطلبات متعارضة أو مفاجئة.. تصادم. والصراع قد يكون داخل ذات الفرد أو بين أفراد أو بين فرد وجماعة أو بين جماعات.
وأسباب الصراع كثيرة منها: اختلاف الأهداف والقيم والأساليب من شخص لآخر..مشكلات في التواصل والتخاطب المتبادل..الانتمائات والولاءات الوظيفية والمهنية..التباين في الصفات والأنماط الشخصية..وسعي الأفراد في الحصول على مكانة بارزة بدلا من التركيز على مصلحة الفريق..وشهوة السيطرة على الفريق ..والإحباط الذي قد يصيب أعضاء الفريق لبقاء الصراع دون حل.
ومن المؤشرات أو الأعراض التي تدل على وجود الصراع: نفاذ صبر الأعضاء..تعرض الأفكار المطروحة للهجوم قبل استكمال عرضها والتعبير عنها..انحياز الأعضاء إلى تحالفات..إبداء الملاحظات والتعليقات بشكل انفعالي..التعبير عن الغضب وعدم الارتياح كلاميا أو بالإشارة.
ولا ننس أن للصراع آثار إيجابية كما له آثار سلبية فمن آثاره الإيجابية، شحذ الهمم وزيادة الإبداع..توضيح أو تفسير الأفكار..وزيادة فهم المسائل المطروحة..وتحسين القواعد الأساسية للتعامل داخل الفريق. أما الآثار السلبية للصراع فتشمل انخفاض الانتاجية..وضعف التواصل..والإحساس السلبي إزاء التعاون..وضعف في اتخاذ القرارات..وعلاقات عمل غير صحية..وإيذاء التحسين وعدم الثقة في تطبيقه.
ولكن كيف يمكن التعرف على الصراع المنتج من الصراع غير المنتج داخل الفريق؟ والإجابة في المقارنة التالية: الفريق يصل إلى قرارات وتوصيات مقابل الفريق يصل إلى طريق مسدود..المناخ السائد تعاوني مقابل مناخ تنافسي..عدم الاتفاق هي مشكلة عادية مقابل عدم الاتفاق بهدف خلق رابح-خاسر..الالتزام بأهداف الفريق مقابل الالتزام بأهداف شخصية..روح تضامنية عالية مقابل روح تضامنية ضعيفة..إنصات الأعضاء مقابل رؤية وجهة النظر الشخصية..الاختلاف الموضوعي على المسائل المطروحة مقابل الهجوم على الأشخاص.
أما فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الصراع ففيما يلي بعضا من مبادئ الحل البناء للصراع:
العقلانية....حاول الانفعال بمعقولية حتى مع شدة انفعال الطرف الآخر، واعرض موقفك بوضوح وهدوء وبالحقائق، وكن محددا ولا تعمم.
التفاهم....حاول فهم الطرف الآخر حتى لولم يفهمك، واسأل واستوضح. ابحث عن جذور الصراع هل هي حول الحقائق، أم القيم، أم المنهجية، أم الأهداف؟
التواصل....شاور الطرف الآخر قبل أخذ قرار يؤثر عليه، إمداده بالمعلومات سيشجع التواصل ويقلل مستوى الصراع.
الموثوقية....لاتخدع الطرف الآخر حتى لو حاول خداعك، واكشف عن كافة المعلومات ذات العلاقة.
التأثير غير القسري....لا تفرض أمورا على الطرف الآخر حتى ولو حاول هو ذلك، وتقبل محاولته لإقناعك كما حاول أنت إقناع الآخرين.
القبول....إقبل الطرف الآخر وانظر فيما يطرحه من أفكار حتى لو قام هو برفضك، كن ذا رغبة في التعلم.
النوايا الحسنة....قم بعمل ما فيه صالح العلاقة المتبادلة ومصلحة الطرفين بغض النظر عن موقف الطرف الآخر، حافظ على كرامة الآخرين وكن مخلصا وأمينا.