| أُحادٌ أمْ سُداسٌ في أُحَادِ |
لُيَيْلَتُنَا المَنُوطَةُ بالتّنادِي |
| كأنّ بَناتِ نَعْشٍ في دُجَاهَا |
خَرائِدُ سافراتٌ في حِداد |
| أُفَكّرُ في مُعاقَرَةِ المَنَايَا |
وقَوْدِ الخَيْلِ مُشرِفةَ الهَوادي |
| زَعيمٌ للقَنَا الخَطّيّ عَزْمي |
بسَفكِ دمِ الحَواضرِ والبَوادي |
| إلى كمْ ذا التخلّفُ والتّواني |
وكمْ هذا التّمادي في التّمادي |
| وشُغلُ النّفسِ عن طَلَبِ المَعالي |
ببَيعِ الشّعرِ في سوقِ الكَسادِ |
| وما ماضي الشّبابِ بمُسْتَرَدٍّ |
ولا يَوْمٌ يَمُرّ بمُسْتَعادِ |
| متى لحظَتْ بَياضَ الشّيبِ عيني |
فقد وَجَدَتْهُ منها في السّوَادِ |
| متى ما ازْدَدْتُ من بعدِ التّناهي |
فقد وقَعَ انْتِقاصي في ازْدِيَادي |
| أأرْضَى أنْ أعيشَ ولا أُكافي |
على ما للأميرِ مِنَ الأيادي |
| جَزَى الله المَسيرَ إلَيْهِ خَيْراً |
وإنْ تَرَكَ المَطَايا كالمَزادِ |
| فَلَمْ تَلقَ ابنَ إبْراهيمَ عَنْسِي |
وفيها قُوتُ يَوْمٍ للقُرادِ |
| ألَمْ يَكُ بَيْنَنا بَلَدٌ بَعيدٌ |
فَصَيّرَ طُولَهُ عَرْضَ النِّجادِ |
| وأبْعَدَ بُعْدَنا بُعْدَ التّداني |
وقَرّبَ قُرْبَنا قُرْبَ البِعَادِ |
| فَلَمّا جِئْتُهُ أعْلَى مَحَلّي |
وأجلَسَني على السّبْعِ الشِّدادِ |
| تَهَلّلَ قَبْلَ تَسليمي علَيْهِ |
وألْقَى مالَهُ قَبْلَ الوِسَادِ |
| نَلُومُكَ يا عَليّ لغَيرِ ذَنْبٍ |
لأنّكَ قد زَرَيْتَ على العِبَادِ |
| وأنّكَ لا تَجُودُ على جَوادٍ |
هِباتُكَ أنْ يُلَقَّبَ بالجَوادِ |
| كأنّ سَخاءَكَ الإسلامُ تَخشَى |
إذا ما حُلتَ عاقِبَةَ ارتِدادِ |
| كأنّ الهَامَ في الهَيْجَا عُيُونٌ |
وقد طُبِعتْ سُيُوفُكَ من رُقادِ |
| وقد صُغتَ الأسِنّةَ من هُمومٍ |
فَما يَخْطُرْنَ إلاّ في الفُؤادِ |
| ويوْمَ جَلَبْتَها شُعْثَ النّواصِي |
مُعَقَّدَةَ السّباسِبِ للطّرادِ |
| وحامَ بها الهَلاكُ على أُنَاسٍ |
لَهُمْ باللاّذِقِيّة بَغْيُ عَادِ |
| فكانَ الغَرْبُ بَحْراً مِن مِياهٍ |
وكانَ الشّرْقُ بَحراً من جِيادِ |
| وقد خَفَقَتْ لكَ الرّاياتُ فيهِ |
فَظَلّ يَمُوجُ بالبِيضِ الحِدادِ |
| لَقُوكَ بأكْبُدِ الإبِلِ الأبَايَا |
فسُقْتَهُمُ وحَدُّ السّيفِ حادِ |
| وقد مزّقتَ ثَوْبَ الغَيّ عنهُمْ |
وقَد ألْبَسْتَهُمْ ثَوْبَ الرّشَادِ |
| فَما تَرَكُوا الإمارَةَ لاخْتِيارٍ |
ولا انتَحَلوا وِدادَكَ من وِدادِ |
| ولا اسْتَفَلُوا لزُهْدٍ في التّعالي |
ولا انْقادوا سُرُوراً بانْقِيادِ |
| ولكن هَبّ خوْفُكَ في حَشاهُمْ |
هُبُوبَ الرّيحِ في رِجلِ الجَرادِ |
| وماتُوا قَبْلَ مَوْتِهِمِ فَلَمّا |
مَنَنْتَ أعَدْتَهُمْ قَبْلَ المَعادِ |
| غَمَدْتَ صَوارِماً لَوْ لم يَتُوبوا |
مَحَوْتَهُمُ بها مَحْوَ المِدادِ |
| وما الغضَبُ الطّريفُ وإنْ تَقَوّى |
بمُنْتَصِفٍ منَ الكَرَمِ التّلادِ |
| فَلا تَغْرُرْكَ ألْسِنَةٌ مَوالٍ |
تُقَلّبُهُنّ أفْئِدَةٌ أعادي |
| وكنْ كالمَوْتِ لا يَرْثي لباكٍ |
بكَى منهُ ويَرْوَى وهْوَ صادِ |
| فإنّ الجُرْحَ يَنْفِرُ بَعدَ حينٍ |
إذا كانَ البِناءُ على فَسادِ |
| وإنّ المَاءَ يَجْري مِنْ جَمادٍ |
وإنّ النّارَ تَخْرُجُ من زِنَادِ |
| وكيفَ يَبيتُ مُضْطَجِعاً جَبانٌ |
فَرَشْتَ لجَنْبِهِ شَوْكَ القَتادِ |
| يَرَى في النّوْمِ رُمحَكَ في كُلاهُ |
ويَخشَى أنْ يَراهُ في السُّهادِ |
| أشِرْتُ أبا الحُسَينِ بمَدحِ قوْمٍ |
نزَلتُ بهِمْ فسِرْتُ بغَيرِ زادِ |
| وظَنّوني مَدَحْتُهُمُ قَديماً |
وأنْتَ بما مَدَحتُهُمُ مُرادي |
| وإنّي عَنْكَ بَعدَ غَدٍ لَغَادٍ |
وقَلبي عَنْ فِنائِكَ غَيْرُ غَادِ |
| مُحِبُّكَ حَيثُما اتّجَهَتْ رِكابي |
وضَيفُكَ حيثُ كنتُ من البلادِ |