| أمّا الشّبَابُ فَقَدْ سُبِقْتَ بغَضّهِ، |
وَحَطَطْتَ رَحلَكَ مُسرِعاً عَن نَقضِهِ |
| وأفَاقَ مُشْتَاقٌ، وأقْصَرَ عاذِلٌ |
أرْضاهُ فيكَ الشّيبُ، إذْ لمْ تُرْضِهِ |
| شَعْرٌ صَحِبْتُ الدّهْرَ، حتّى جازَ بي |
مُسْوَدُّهُ الأقْصَى إلى مُبَيِّضهِ |
| فَعَلَى الصِّبَا الآنَ السّلامُ، وَلَوْعَةٌ |
تَثْني عَلَيْهِ الدّمْعَ في مُرْفَضّهِ |
| وَلْيَقْنَ تُفّاحُ الخُدودِ، فلَستُ من |
تَقبيلِهِ غَزِلاً، وَلاَ مِنْ عَضّهِ |
| وَمُكايِدٍ لِي بالمَغِيبِ رَمَيْتُهُ |
بِصَرِيمَةٍ، كالنّجْمِ في مُنْقَضّهِ |
| فَرَدَدْتُ ظُلْمَةَ يَوْمِهِ في أمْسِهِ، |
وأرَيْتُهُ إبْرَامَهُ في نَقْضِهِ |
| أمضَيْتُ ما أمضَيتُ فيهِ، وَلَوْ ثَنَى |
بإشارَةٍ، أمْضَيْتُ ما لمْ أُمْضِهِ |
| وَعِتَابِ خِلٍّ قد سَمعتُ، فلَمْ أكنْ |
جَلْدَ الضّميرِ على استِمَاعِ مُمِضّهِ |
| هذا أبُو الفَضْلِ الذي صَرْحُ النّدَى، |
في رَاحَتَيْهِ، مَشوبُهُ عَنْ مَحْضِهِ |
| لمْ نَخْتَدِعْ بِجَهَامِهِ عَنْ غَيمِهِ |
يَوْماً، وَلَمْ نَرَ خُلّباً مِنْ وَمْضِهِ |
| طافَ الوُشاةُ بهِ، فأحدَثَ ظُلْمَةً |
في جَوّهِ، وَوُعُورَةً في أرْضِهِ |
| غَضْبانُ حُمّلَ إحنَةً، لوْ حُمّلَتْ |
ثَبَجَ الصّباحِ، لَثَقّلتْ من نَهضِهِ |
| مَهْلاً! فِذاكَ أخُوكَ ذو ألْهَيْتَهُ |
عَنْ لَهْوِهِ، وَشَغَلْتَهُ عَنْ غُمضِهِ |
| خَزْيَانُ أكبَرَ أنْ تَظُنّ خِيَانَةً |
في بَسْطِهِ لصَدِيقِهِ، أو قَبْضِهِ |
| ماذا تَوَهّمَ أنْ يَقُولَ، وَقَوْلُهُ |
في نَفْسِهِ، وَلِسَانُهُ في عِرْضِهِ |
| أنَبَوْتُ عَنْكَ بزَعْمِهِمْ؟ وَمَتى نَبا |
في حَالَةٍ بَعضُ امرِىءٍ عَنْ بَعْضِهِ |
| أنَصَلْتُ مِنْ عَوْدِ الحَيَاءِ وَبَدْئِهِ، |
وَخَرَجْتُ من طُولِ الوَفَاءِ وَعَرْضِهِ |
| "المَذْحِجيّةُ" بَيْنَنَا مَوْصُولَةٌ |
بِنَوافِلِ الأدَبِ الأصِيلِ وَفَرْضِهِ |
| وَتَرَدّدٌ للكَأسِ أحْدَثَ حُرُمَةً |
أُخْرَى، وَحَقّاً ثالِثاً لمْ نَقْضِهِ |