تَبَسَّمُ عَنْ واضِحٍ ذي أشَرْ، |
وَتَنْظُرُ مِنْ فاتِرٍ ذي حَوَرْ |
وَتَهْتَزُّ هِزّةَ غُصْنِ الأرَاكِ |
عَارَضَهُ نشرُ رِيحٍ خَصِرْ |
وَمِمّا يُبَدّدُ لُبَّ الحَليمِ |
حُسْنُ القَوَامِ، وَفَترُ النّظَرْ |
وَمَا أنسَ لا أنْسَ عَهدَ الشّبَا |
بِ، وَعَلوَةَ، إذْ عَيّرَتني الكِبَرْ |
كَوَاكِبُ شَيْبٍ عَلِقْنَ الصّبَا |
فَقَلّلْنَ مِنْ حُسْنِهِ ما كَثُرْ |
وإنّي وَجَدتُ، فلا تَكذِبَنّ، |
سَوَادَ الهَوَى في بَياضِ الشّعَرْ |
وَلا بُدّ مِنْ تَرْكِ إحدَى اثنَتَينِ: |
إمّا الشّبابُ، وإمّا العُمُرْ |
ألَمْ تَرَ للبرقِ كَيْفَ انْبَرَى، |
وَطَيفِ البَخيلةِ كيفَ احتُضِرْ |
خيال آلم لها من سوى |
ونحن هجود على بطن مر |
وماذا أرَادتْ إلى مُحرِمِينَ، |
يَجُرّونَ وَهْناً فُضُولَ الأُزُرْ |
سرَوْا مُوجِفِينَ لسَعيِ الصّفَا، |
وَرَمْيِ الجِمَارِ، وَمَسحِ الحجَرْ |
حَجَجْنا البَنِيّةَ شُكْراً لِمَا |
حَبَانَا بهِ الله في المُنتَصِرْ |
من الحِلمِ عندَ انتِقَاضِ الحُلُومِ، |
والحَزْمِ عندَ انتِقَاضِ المِرَرْ |
تَطَوّلَ بالعدْلِ لَمّا قَضَى، |
وأجْمَلَ في العَفوِ لمّا قَدَرْ |
وَدامَ على خُلُقٍ واحِدٍ، |
عَظيمَ الغَنَاءِ، جَليلَ الخَطَرْ |
وَلم يسعَ في المُلْكِ سَعيَ امرِىءٍ |
تَبَدّا بِخَيْرٍ، وَثَنّى بِخيَرّ |
وَلاَ كَانَ مُختَلِفَ الحَالَتَينِ، |
يَرُوحُ بنَفعٍ، ويَغْدُو بِضُرّ |
وَلَكِنْ مُصَفَّى كَمَاءِ الغَمَا |
مِ، طابَتْ أوَائِلُهُ والأُخَرْ |
تَلاَفَى الَرعِيّةَ مِنْ فِتْنَةٍ، |
أظَلَّهُمُ لَيْلُهَا المُعتَكِرْ |
وَلَمّا ادْلَهَمّتْ دَيَاجِيرُها |
تَبَلّجَ فيها فَكانَ القَمَرْ |
بحَزْمٍ يُجَلّي الدّجَى والعَمَى، |
وَعَزْمٍ يُقيمُ الصَّغَا والصَّعَرْ |
شُدادٍ فَتَلْتَ بهِ يومَ ذَا |
كَ حَبلَ الخِلاَفَةِ حتّى استَمَرّ |
وَسَطْوٍ ثَبَتَّ بهِ قَائِماً |
على كاهلِ الملكِ، حتّى استَقَرّ |
وَلَوْ كَانَ غَيرُكَ لم يَنتَهِضْ |
بتلكَ الخُطُوبِ، وَلَمْ يَقتَدِرْ |
رَدَدْتَ المَظالِمَ، واستَرجعَتْ |
يَداكَ الحُقُوقَ لِمَنْ قَد قُهِرْ |
وآلُ أبي طالِبٍ بَعْدَ مَا |
أُذِيع بِسِرْبِهِمِ فابْذَعَرّ |
وَنَالَتْ أدانِيهِمُ جَفْوَةٌ، |
تَكَادُ السَّمَاءُ لهَا تَنْفَطِر |
وَصَلْتَ شوابكَ أرحامِهِم |
وقد أوشَكَ الحَبلُ أن يَنبَترْ |
فَقَرّبْتَ مِنْ حَظّهِمْ ما نَأى، |
وَصَفّيتَ من شُرْبِهِمْ ما كَدَرْ |
وأينَ بِكُمْ عَنْهُمُ، واللّقَا |
ء لا عَنْ تناءٍ وَلاَ عَنْ عَفَرْ |
قَرَابَتُكُمْ بَلْ إشِقّاؤكُمْ، |
وإخْوَتُكُمْ دونَ هذا البَشَرْ |
وَمَنْ هُمْ وأنْتُمْ يَدَا نُصْرَةٍ، |
وَحَدّا حُسامٍ، قَديمِ الأثَرْ |
يُشادُ بتَقديمكُمْ في الكِتَابِ، |
وَتُتْلَى فَضَائِلُكُمْ في السّوَرْ |
وإنّ عَلِيّاً لأوْلى بِكُمْ، |
وأزْكَى يَداً عِندَكُمْ من عُمَرْ |
وَكُلٌّ لَهُ فَضْلُهُ والحُجُولُ |
يَوْمَ التّفَاضُلِ، دُونَ الغُرَرْ |
بَقِيتَ إمَامَ الهُدَى للهُدَى، |
تُجَدِّدُ مِنْ نَهْجِهِ ما دَثَرْ |