هارون الرشيد
المفتري عليه
قالوا : انه كان يتعاطي الخمر و يسكر مع الندماء و ابرزوه علي صفحات التاريخ في صورة العربيد الذي لا يفيق و افاضوا في الحديث عن وصف مجالس اللهو و المجون التي كانت تعقد في قصره الي طلوع الشمس حتي التصقت قصة الف ليلة و ليلة بحياة الرشيد.
و الان دعونا نمسح من ذاكرتنا تلك الاقاويل و نبحث في نشاة هذا الرجل فاذا كان الفتي ابن بيئته فاننا نجد ان الرشيد ولد و تربي في بيت يحرص اهله علي التقيد باحكام
الشريعة الاسلامية حيث كان جده ابو جعفر المنصور من كبار فقهاء عصره و كان ابوه محمد المهدي من اشد الخلفاء طاعة لرجال الدين و اعنفهم علي الزنادقة و المارقين اما
اساتذته فانه درس علي ايدي كبار الشيوخ الذين عرفوا بالورع و التقوي امثال بن حمزة الكسائي احد شيوخ القراءات السبع و امام ائمة اهل الكوفة في اللغة و النحو و
الاخبار كما جالس في شبابه فقهاء عصره الذين منهم ابو يوسف القاضي صاحب الامام ابي حنيفة و محمد بن الحسن و غيرهما من العلماء و القضاة و ظل علي صلة وثيقة
بهم حتي اخر ايامه
و علي الرغم من ان المصادر الموثوق بها من كتب التاريخ ابرزت جانب الصلاح و التقوي لهارون الرشيد فاننا نجد الرغبة الملحة في تشويه سمعته و الاعتماد علي الروايات
المدسوسة التي تغض من كرامة الرشيد و تحط من قدره لان النفوس مولعة دائما بالشر تتلقف قالة السوء لتسرع في نشرها و الوقوف ورائها
و سوف انقل في المداخلة التالية طائفة من اقوال ائمة المؤرخين المسلمين التي وجدت في كتبهم........و زاحمها في هذه الكتب روايات اخري تسيء الي سمعة الرشيد و تشكك ايضا في اقدار المؤرخين الذين اظهرهم الدساسون في صورة المتناقضين مع انفسهم في حكمهم علي هارون الرشيد و امثاله من العمالقة في تاريخ المسلمين.