بتـــــاريخ : 9/14/2008 11:04:14 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1506 0


    الغريب عند نهاية الأمواج

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    الشمسُ من ذهبٍ على سفحِ الغروبْ

    وفؤادها المحمرُّ فوق الجمرِ

    يسبحُ في مياهِ النهدِ كالقنديلِ

    قدّيساً على قمرِ السهوبْ.

    الشمسُ من ذهبٍ أصابعها

    تذيبُ سنابلَ الصابونِ في أفقٍ من الخرُّوبِ

    أو تشتقُّ كحلَ الليلِ من أهدابِ مريمْ.

    شمسٌ مذهّبةُ الضفائرِ في حقولِ المغربِ الشفافِ

    ترفعها أكفُّ الناي فوقَ أنينها المبحوحِ

    ثم يردُّها جسدُ الهلالِ العذبُ

    عن ندمِ السماواتِ المحرَّمْ.

    وتغوصُ في ماءِ الفراتِ الصعبِ

    كالسيفِ المضاءِ بحزنهِ النهديِّ

    بينا تلمحُ الفتياتُ

    أجراساً تعرّي قلبها المبيضَّ

    للحزنِ الحسينيّ الذي يمتدّ

    خلفَ شقائقِ النعمانِ

    من أقصى الشهورِ إلى محرَّمْ!

    فتشقُّ قمصانَ النبيِّ حمامةٌ

    مذبوحةٌ في حقلِ دمْ.

    وتطيرُ ما بين الغيومِ البيضِ

    تبحثُ عن سماواتٍ محنَّاةٍ بحزنِ الروحِ

    لكنَّ الأعالي لا تجيدُ الحزنَ

    والفرحَ الكذوبْ.

    والشمسُ من ذهبٍ على سفحِ الغروبْ.

    الموجُ يشهقُ تحتَ مبسمها المعشَّقِ بالكآبةِ..

    والكماناتُ العتيقةُ تستغيثُ

    لكي تكنّي بالدموعِ عقيقها المخضرَّ..

    والناياتُ شاخصةٌ تراقبُ من

    جذوعِ الضوءِ

    مريمَ وهي جالسة بهيئتها الحزينةِ

    في بحيراتِ الشموعْ!

    والدمعُ ينشجُ بالبكاءِ الصعبِ

    بين أصابعِ الجيتارِ

    محمولاً على لهب الغناءِ المرّ كالنيرانِ..

    فيما تتركُ الأيدي أصابعها

    ميبّسةً على المزمارِ

    كي تنشقَّ كالصبارِ عن شجرٍ يجوعْ.

    شمسٌ من الخرّوبِ

    تُغري قلبكَ الحزنانَ بالرمانِ

    والقمرُ الجميلٌ مدوّرٌ

    كالمنجل الفضيّ في أفقِ

    الحصادِ الطلقِ

    يشربُ خمرةً ذهبيةً،

    ويضيءُ أسحارَ اليسوعْ.

    متأمّلاً ذاكَ الجمالَ العذبَ

    ألمحُ سيفَهُ الياقوتَ

    مشنوقاً على الآهاتِ..

    ترفعهُ ذراعُ الاحمرارِ إلى أنينِ غروبها القاني،

    وتهرقهُ العشيَّةُ كالدموعْ!

    فيروزُ نائيةٌ على جبلٍ بعيدٍ

    والغريبُ محدّقُ في اللانهايهْ..

    في ذلكَ الماسِ اللبابيّ المقطّرِ

    في بحارِ الروحِ

    يبحثُ عن معانٍ ضائعهْ.

    عن لحظةٍ هزمتها أجراسُ الكهولةِ..

    عن (مواويلٍ) مشرّعةٍ على النسيانِ..

    عن طفلٍ يشيّعُ قلبه الباكي

    قراهُ الرائعهْ.

    هل هذه المدنُ المصابةُ بالفراقِ

    محجّةَ الغرباءِ،

    أم إيماءةُ الماضي التي

    يمشي الغريبُ وراءها

    ليرى سوادَ الموتِ

    تحملهُ على الأكتافِ أجسادُ الندامةِ

    منذ آلاف السنينْ؟!

    أم أنها متغزّلٌ لليأسِ

    عند نهايةِ الأمواجِ

    يقصدهُ الغريبُ بقلبهِ الأعمى

    ***

    ليجلسَ رائياً كالبحرِ

    ما بينَ السكينةِ والسكينْ؟!

    هل هذه الريحُ الجريحةُ معزفُ الشعراءِ

    في المدنِ الغريبةِ،

    أم طواحُ أراملِ البدو الثكالى

    في المغاربْ؟

    الأرضُ موحشةٌ ودربكَ غادرٌ نادِ المدينةَ كي تراكَ غريبها

    يابنَ (الغرايبْ)!

    نادِ الحزينةَ كي تحلَّ سوادها

    وتقيكَ أحزانَ الرحيلِ

    وكي تطلَّ عليكَ من عليائها

    في اللَّيلِ أقمارُ الحبايبْ!

    قلْ للغريبةِ أن تقصَّ ضفيرةَ

    الأحزانِ من ندمٍ عليكَ..

    فقد بكتكَ اليوم أرملةُ الخريفِ،

    وعمَّرتْ أصنامَ حزنكَ

    من بكاءِ الريحِ أرملةُ الثعالبْ!

    ***

    متوحّداً بالنايِ

    أسمعُ في المغيبِ تنهّدَ النائينَ..

    ألمحُ في المدى

    وجهاً فراتيّاً يميلُ بحزنهِ المحروقِ

    فوقَ مضاربِ البدو القدامى..

    ألمحُ امرأةً تسرّحُ شعرها الأمواجُ

    أمشاطاً لليلِ العاشقينْ.

    من شرفةٍ مهجورةٍ

    يتأمّلُ الرجلُ الغريبُ طيورَ عزلتهِ

    تجدّفُ في غروبِ الشمسِ

    حاملةً ضريحاً شاغراً للخاطئينْ.

    أبداً يحدّقُ شاعرٌ في ذلكَ

    الأُفقِ الحزينِ لزهرةِ الحنّاءِ

    منتظراً دنوَ الموتِ من دمهِ..

    ليحني جذعه المسكورَ فوقَ السيفِ

    منتحراً على كرسيّه المتروكِ في أقصى السنينْ.

    أبداً يحدّقُ شاعرٌ في ذلك

    المتعزّل النائي لحزنِ الروحِ

    ***

    مأخوذاً بجوهرةِ العزاءِ الكربلائيِّ الكليمةِ

    وهي تلمعُ في صدورِ الغائبينْ.

    لكأنما أخذَ الغريبُ كتابَ وحشةِ العميقةِ

    واستدارَ إليَّ الغروبِ

    لكي يراقبَ من كوى الماضي

    جداريّاتِ أحزانِ الحسينْ!

    مرفوعةً فوقَ الأذانِ المرّ للجمعاتِ..

    تلطمَ صدرها الحجريّ أجراسُ المراثي الناحبةْ.

    وتضيئها شمسُ العطشْ.

    منحوتةٌ من جوعهم للنايِ

    والنغمِ الحسينيّ الأشفِّ..

    ومن جمالِ السيفِ..

    من أحزانِ زينبَ

    وهي تشعلُ شمعها الموؤودَ

    في وجهِ الغبشْ.

    فكأنما هذي المدينةُ لا تقاضي ساكنيها أو يتاماها

    بأحزانِ العشيّةِ عندما يبكونَ منفردينَ

    في مقهى الكآبةِ..

    ***

    عازفينَ عن الحياة بخمرها..

    الأشجارُ ترحلُ باتجاهِ الليلِ

    والأشياءُ تهرمُ فجأةً في القلبِ

    والسمّارُ ينصرفونَ فرداً إِثرَ آخرَ

    تاركينَ النايَ مبحوحاً يصرّخُ لا تغيبوا!

    يا أيها الرجلُ الكئيبُ!

    كلُّ الذينَ تحبهم بلغوا الفراتَ

    وما أصابوا الماءَ ما شربوا..

    وظلَّ النهرُ يتبعهم بغصّتهِ

    إلى أن أصبحوا كتباً مؤجلةً على رفوفِ الليلِ

    فاندثروا وأخفاهمْ غيابُ.

    هل علّقوا أجراسهمْ في العتمِ

    وانحازوا إلى نُصبٍ تحملقُ في فراغٍ

    مبهمٍ؟

    أم أنهم سلكوا طريقاً (آخراً) لليأسِ

    لا يمضي إلى جهة الشمالِ

    وليسَ ترجعهُ الجنوبُ؟

    فاحملْ ربابتكَ العتيقةَ وانتبذْ

    ركناً قصياً في شعابِ الأرضِ

    إن الروحَ ضائقةٌ

    (وأرضُ الله واسعةٌ)

    وشأنكَ من بحارِ الحزنِ أغنية

    ترددها

    لتسقطَ من خطيئتك الذنوبُ

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()