بتـــــاريخ : 9/14/2008 11:42:58 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1472 0


    لاميّة لليأس

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    لكأنَّ ليْ لاميّةً لليأسِ‏

    في هذا الحدادْ!‏

    * * *‏

    لكأنَّ لي منحونةً للحزنِ تشبهني،‏

    وتشبهُ عزلتي في الليلِ‏

    أجثمُ قربها كالبومِ منتظراً‏

    عذاباتِ السوادْ!‏

    * * *‏

    منحوتةٌ للحزنِ‏

    تبكيني فأبكيها‏

    وترثيني فأرثيها..‏

    نعانقُ بعضنا بعضاً،‏

    لتحتملَ الكهولةُ يأسنا العالي‏

    ونغرقُ في الكآبةِ والرمادْ!‏

    * * *‏

    يا ليلُ فانحتْ لي بقلبكَ إخوةً‏

    كي يؤنسوني!،‏

    هيكلاً للذئبِ‏

    كي يبكي على تيني وزيتوني..‏

    أباً.. لأقولَ يا أبتي قليلُ!‏

    الريحُ خلف الريحِ...‏

    والناياتُ كالناياتِ..‏

    لكن ليسَ يكفينا هديلُ.‏

    نحنُ المواويلُ التي مرّتْ ببالِ الليلِ‏

    من بعدِ الدموعِ‏

    وراحَ يُصديها النخيلُ.‏

    لكأننا والحزنُ في أرواحنا نَحْتٌ عراقيٌّ‏

    لتمثالِ الغريبِ المرِّ‏

    ينحتنا الرحيلُ!‏

    وكأنني والروحُ مفردةٌ‏

    على قبرِ الهديل‏

    جبلّةُ الآلامِ في هذا العذابْ!‏

    * * *‏

    يا ليلُ فانحتْ لي بقلبكَ إخوةً‏

    كي يؤنسوني في الغيابْ!‏

    واحفرْ على الصلصالِ‏

    شكلَ شقائيَ المشؤومَ‏

    حزني غائصٌ في الطينِ..‏

    في جسدِ السآمةِ واليبابْ!‏

    * * *‏

    فأنا رهابُ اليأسِ‏

    يشنقني سوادي‏

    فوقَ أضرحةِ الخرابْ!‏

    وأنا الأخُ الثاني لأرملةِ الغرابْ.‏

    * * *‏

    أبكي على نفسي فلا تبكي بحمّاها عليّْ!‏

    وأدقُّ أبوابَ القبورِ‏

    فلا يجيبُ ندائيَ المبحوحَ‏

    من قبرٍ نبيّْ‏

    * * *‏

    وأقومُ أرثيهمْ‏

    وأشعلُ طائرَ الفينيقِ خلفَ غيابهمْ‏

    فلعلّهمْ يأتونْ.‏

    وأصيحُ فوق ضريحهمْ كي (يسمعونْ).‏

    لكنما أحزانهم‏

    هيَ من تغلُّ يديْإليّْ.‏

    * * *‏

    يا أختي المنحوتةَ الثكلى‏

    كأنَّ الروحَ تضربُ في فلاةِ الموتِ‏

    هائمةً على أحزانها‏

    والحزنُ يطعنُ في كهولةِ نفسهِ‏

    الثكلى.. ليشنقهُ الندمْ.‏

    * * *‏

    وكأنَّ أحزانَ الخليقةِ كلّها شاختْ‏

    وأدركها الهرمْ‏

    * * *‏

    فجمعتُ أصداءَ المواويلِ العتيقةِ‏

    من مراثيها،‏

    وماءً من مباكيها‏

    وحين تقمّصتْ روحي كهولةَ شؤمها‏

    نصّبتُ بالفخّارِ مريمها على عرشِ السوادْ!‏

    * * *‏

    ووقفتُ قربَ نحيبها‏

    فزّاعةً لليأسِ في هذا الحدادْ!‏

    * * *‏

    وقعدتُ أبكي حذوَ نفسي‏

    صائحاً أبتي، أبي:‏

    خذني معكْ!‏

    لأشيلَ موتكَ راضياً‏

    أن أتبعكْ!‏

    لو أنتَ تعرفُ أن طفلكَ‏

    في زمانِ اليأس‏

    حاملُ مقتلكْ!‏

    أنتَ الذي حينَ اقترفتُ‏

    خطيئةَ الأشعارِ من بؤسٍ هلكْ!‏

    لو كنتَ تعرفُ يا أبي‏

    -إن نامَ قلبي قربَ فاختةٍ‏

    ليبكي ما مضى-‏

    ما أجملكْ!‏

    * * *‏

    حفرٌ على الفخّارِ هذا اليأسُ‏

    والأحزانُ نَحْتٌ بالأظافرِ‏

    في جدارِ الليلِ‏

    من يبكي لأقعدَ قربهُ؟‏

    وأقولَ يا أبتي غبارٌ في غبارْ:‏

    ندمي غبارٌ..‏

    شؤمُ غرباني غبارٌ..‏

    نأمةُ الحبِّ الصغيرةُ في فؤادِ صبيّةٍ..‏

    قمرُ العشيّةِ فوقَ صحنِ النبعِ..‏

    رائحةُ الحليبِ على شفاهِ الطفلِ..‏

    أوّلُ قبلةٍ في الحبِّ‏

    آخرُ نظرةٍ في العشقِ‏

    كلّهمْ غبارْ!‏

    * * *‏

    وأنا وحيدكَ يا أبي،‏

    وقريبُ روحكَ،‏

    والذي يبكيكَ عندَ الجامعِ الأمويِّ‏

    آخرةَ النهارْ!‏

    * * *‏

    وأنا الذي يندسُّ كالظلماءِ‏

    في جوفِ الجرارِ‏

    إذا بكى في العالمينْ!‏

    * * *‏

    قلبي طواحٌ أرمنيٌّ خالصُ الأحزانِ‏

    ينبضُ بالنواحِ المرّ في الآحادِ‏

    فانحتْ هيكلاً للذئب يا أبتي‏

    ليحرسَ هيكلي المجبولَ من خمرٍ وطينْ!‏

    * * *‏

    وارفعْ غناءكَ من ضياعي!..‏

    كيفَ يتّسعُ الفؤادُ لكلّ هذا الحزنِ؟..‏

    وا أسفاهُ..‏

    لم يتبقّ غيرُ روائحِ الأيامِ‏

    والناي الذي يرثي زماناً ضاعَ مغربُهُ..‏

    ويبكيهِ بكاءَ الفاقدينْ.‏

    وسمعتُ أجراسَ الفراقِ‏

    وراءَ ظهركَ يا أبي‏

    تنعى الأحبّةَ في ظلامِ الليلِ‏

    : لم يأتوا، ولن يأتوا.‏

    * * *‏

    شاختْ حجارةُ قبركَ السوداءُ يا أبتي‏

    وإني كالليالي السودِ‏

    أغزلُ وقتيَ البالي،‏

    وأسهرُ قربَ قبركَ حارساً‏

    ما يحرسُ الصمتُ.‏

    * * *‏

    وأنامُ ملءَ الليلِ‏

    تحتَ سكينةِ الأسلافِ قدّيسا‏

    ويغفو قربيَ الموتُ!‏

    * * *‏

    لكأنني صَنَمٌ لشخصِ الموتِ‏

    نصّبني الفراغُ على طريقِ الليلِ‏

    انظرُ في جمالِ هلاله المعبودِ‏

    مذهولاً،‏

    وأصرخُ من أنا؟‏

    من يحرسُ الأشباحَ من شؤمي هنا؟‏

    أم لستُ حيّاً.. لستُ ميتاً‏

    لستُ إلا وحشة يبكي على أبوابها‏

    الوقتُ!‏

    * * *‏

    يا توأمي الطينيّ، يا بنَ خطيئتي‏

    يا أختي المنحوتة الصمّاء‏

    من يبكي علينا‏

    موتنا أم وقتنا الميتُ؟‏

    * * *‏

    أم أن هذا العمرَ أجراسٌ على الأجراسِ..‏

    أبوابٌ على الأبوابِ‏

    في مدنِ السرابْ؟‏

    * * *‏

    أم أنني فزّاعةٌ محشوّةٌ بالقشّ‏

    في حقلِ الخرابْ؟‏

    * * *‏

    أبتاهُ.. يا أبتي‏

    توخّى وحشتي!‏

    فأنا غرابُ اليأسِ مشنوقٌ‏

    على حبل الغياب!

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()