دور الأب أثناء فترة الحمل
أسوة بالأحداث العظيمة التي تقع، فإنّ معرفة الرّجل بأنّه لن يلبث أن يغدو أبًا كفيلة بإدخال الفرح والسعادة إلى قلبه، فيتبدّل نمط حياته، ويأخذ ينتظر الساعة بلهفة وتشوّق.
سيعلم الأب أنّ الوعد بالولد، كالريح يهب نسيمها، فالحمل فضل من الله آتاه الإنسان ليحفظ نسله، فهذا الحدث لابد وأن يهيّج أشواقه ، خصوصا إذا كان الأوّل.. فينتظر وجه الغائب على أحرّ من الجمر.
فليسهر على قرينته ، ولا يختصر ما يستطيع أن يؤديه لها. فالحامل متعرّضة لتغيّرات جمّة، كيميائيّة وغدّية، هي في الواقع رفيقة طبيعيّة للحمل في مطلعه ومستهلّه، وبعد قطع شوط منه. وهو قادر أحيانّا على إحداث الدمار وإشاعة الخراب، قادر على العبث والإفساد بجسم امرأته، وكذلك بأحاسيسها ومشاعرها.
فهي على سبيل المثال قد تُقاسي الغثيان، وقد تتعرّض للعذاب. قد تصل الأوج بفرحها وسعادتها، وقد تسقط إلى الحضيض بيأسها وقنوطها. مشاعرها متفاعلة كتفاعل النأمة التي سكنت أحشاءها. وهذا كلّه يمكن أن يشيع الذهول في نفسه. على أنّه يجب أن يتمالك جأشه ونفسه، وأن يفهم ويتفهّم، وأن يؤيّد ويُساند ويخفف ويلطّف، ويعطف ويحبّ، فليس أمرّ ولا أكثر تدميرًا للزواج من حالة تضجّ في طياتها ردود الفعل السلبيّة . الأمّ تتعرّض لهذا التحوّل، والأب يتعرّض لتحوّل عاطفي ، وجدير به إذن أن يبقى ثابت الجنان، رابط الجأش، حنونًا، بعيدًا عن الخصام، قريبًا كل القرب من الوئام.
نساء تبقى خلجات العلاقة الجسديّة جيّاشة في صدورهن أثناء الحمل بل حتى إلى نهايته، ونساء يعتريهن فتور وصدوف وعزوف. ومهما كانت المرأة من هذا وذاك، فرغبتها يجب أن تُحترم، وأن تُعطى الأفضلية في الفكر والاعتبار. ولا تسلم المرأة هذه من الخوف، تخاف من زوال العلاقة الحميمة، وتخاف من تبدّلها، وكل هذا باطل لا أساس له. وهمٌ تصوّره الهواجس. فالحمل فترة فريدة، أثناءه يتمثّل حب المرأة والرّجل وعطفهما ووفاؤهما بأساليب جديدة ، فيها رقّة ونبل ويقين، فلا يصيب العلاقة الزوجيّة خلل واضطراب كما قد يتبادر إلى ذهنه أو ذهنها، بل يعمّق جذور الحب الذي تبادلاه وتعاهدا عليه بالقول والفعل والتصميم.
وتحتاج الأم إلى الوقت تتكيّف أثناءه مع التبدلات التي طرأت وتطرأ. فإن هي على سبيل المثال كانت معتادة على روتين العمل وما ييسره من زملاء وصديقات، فقد تشعر بالوحشة ، وتشتاق إلى ما انقطعت عنه، والعلاج الأمثل هو الحديث اللطيف المُتبادل يوميًا بين الزّوجين، فهو الكفيل بإحداث التعديل النفسي المبتغى، الذي سُرعان ما يتبعه تفاؤل عظيم في اللهفة إلى الماضي أو الحنين له.