عندما أسدل الستار معلنا عن النهاية..بدا ممزقا كأنما عبثت به، وربما طيلة العرض، أنياب القوارض، التي بدا أنها غادرت قبل إسدال الستار...
وقتها لم يغادر الجمهور، بل بدا أنه استعذب العرض الحقيقي.وربما انبهر..
كان الممثلون مثل الأطفال في باب المدرسة جاثمين على ركبهم..مطمئنين..
كانوا يقتسمون أمخاخا (ما) مثلما تقتسم الحلوى الملفوفة على قضيب خيزران أجوف، كان يستعاض عنه، في بعض الأحيان، بقناة بلاستيكية جوفاء..
كان بائع الحلوى، التي تسمى "جبان كل وبان"، بارعا في اقتطاع الأقساط بسكين قصيرة مقابل سنتيمات يتفاوت القدر الذي يقابلها حسب قيمة المبلغ المدفوع، وكثيرا ما يعطف على أحد الأطفال فيعطيه ما بقي من الفتات...
وقتها كذلك سقط المخرج الغافي لما أكلت قوائم كرسيه دابة العرض الحقيقي..وكان نصيبه ينتظره مجمدا..وعندما ارتطم رأسه بالركح استفاق...
كان القسط الأوفر من الحلوى محنطا..ملفوفا..
الجمهور يضحك ملء فيه..
لما صفقت كفي معا لسخافة العرض الحقيقي..ظنه الجمهور تصفيق إعجاب، فصفق بحرارة انحنى لها الممثلون، وازدادوا حماسا ونهما في أكل الأمخاخ وقول حماقات وفعل سخافات..
هممت بالخروج فتلتني هتافات الاحتجاج والصفير وبعض الأحذية الملمعة من الصفوف الأمامية وبعض المطلية بالوحل من خلف...
عند الباب المؤدي إلى خارج قاعة العرض وقفت لحظة، وما تزال الأحذية من مختلف الأحجام والألوان تتهاطل علي..
التفتت إلى الحضور، وكان الأمر يتطلب مني جهدا: لتفادي الضربات ولإيصال صوتي...
لما تعذر علي الأمر، أومأت للجمهور بما يفيد تحسس اليافوخ...
من حسن حظي أني نجحت في إبلاغ إيمائي، وبحث جل الحاضرين عن أمخاخهم، بينما بقي البعض منتشيا ببقايا العرض...