جريدة الأيام الخميس 18 ديسمبر 2003 - 24 شوال 1424هج (ملحق الأسرة) بقلم - سلوى المؤيد: مماطلة الأطفال في تلبية ما يطلبه اباؤهم منهم.. تعد من أكثر العادات السلبية التي يرسخها الآباء في سلوك ابنائهم.. وهي كثيرا ما تحدث في مجتمعاتنا العربية. خالد يعلم من والده أن عليه اولا إنهاء واجباته قبل ان يشاهد التلفزيون.. لكنه لم يفعل ذلك.. حيث بدأ يشاهده قبل الانتهاء من واجباته المدرسية. قال والده معلقا (خالد.. عليك الانتهاء من واجباتك.. ثم مشاهدة التلفزيون) رد خالد (لكن يا أبي.. هل يجب ان انهي جميع دروسي..
لقد انتهيت من نصفها حتى الان؟« أجاب والده موضحا »عندما تنتهي من مشاهدة التلفزيون سيكون الوقت متأخرا.. لتنهي الباقي من واجباتك) قال خالد متوسلا (أرجوك يا أبي.. سأشاهد هذا البرنامج فقط ثم انهي بقية واجباتي) قال والده يحاول إغرائه بإكمال واجبه (إذا أنهيت واجباتك كلها الآن فسأدعك تظل ساعة أكثر من كل يوم). (لكن يا أبي هل إذا انهيت واجباً آخر الان وتركت الباقي بعد الساعة الثامنة ستدعني أتأخر ساعة ايضا؟. رد الاب متأففا »لقد تعبت وانا اتحدث في نفس الموضوع) هنا.. لاحظ خالد ضعف والده فدخل من هذه الثغرة ليستخدمها لصالحه: (أرجوك يا أبي.. وأعدك انني سأنتهي من دروسي الساعة التاسعة مساء).
أجاب الاب بعد ان فقد صبره تماما.. (طيب سأدعك هذه المرة لكن غدا لا تعد لي هذا الموال إذا كان لديك واجب) رد خالد فرحا بانتصاره (واعدك بان أفعل ذلك) هل سمع الابن أي رسالة في هذا المثال من الاب ان اداء واجبه المدرسي قبل مشاهدة التلفزيون امر واجب. خالد لم يسمع هذه الرسالة ولا نحن.. بل بالعكس.. جعل الاب الامر قابلاً للمناقشة والتفاوض مع ابنه.. بالنسبة للاطفال.. التفاوض معناه فرص للاختيار.. وخالد حاول ان يدرك الى أي حد يستطيع ان يستغل الفرصة التي سنحها له والده.. والآباء الذين يتركون اولادهم يماطلونهم بالنسبة لحدودهم.. كأنهم يشجعونهم على ان يقوموا بذلك.. وهذا ما فعله والد خالد معه الجدال والنقاش: هذه إحدى الاساليب السلبية التي يستخدمها الآباء في تربية ابنائهم..
واليكم مثال عليه حتى يمكننا ان ندركها لنتجنبها مع اطفالنا. سهى فتاة في التاسعة من عمرها.. كان عليها ترتيب غرفتها قبل ان تذهب للعب مع صديقتها.. خصوصا وان الخادمة قامت بتنظيفها صباحا كعادتها. قالت سهى معترضة على طلب والدتها (لا ادري لماذا على ان ارتب غرفتي قبل ان أذهب.. إذا كنت أنت لا ترتبينها عندما تخرجين مع والدي مساء. رد عليها الاب (غرفتنا نظيفة.. نفذي ما قلناه لك). أجابت سهى مجادلة (سريركما غير مرتب وكذلك الغرفة). قال الاب بإصرار (أمك رتبت الغرفة.. الآن افعلي ما طلبته منك) واحتجت الابنة قائلة (هذا ليس بعدل.. انتما تختاران الوقت الذي تقومان فيه بترتيب غرفتكما خلاله .. وأنا لا ستطيع). أجاب الاب بعد ان بدأ يفقد صبره مع ابنته ومماطلتها (لقد سمعت ما فيه الكفاية منك.. ومللت من سماع شكاويك.. انت تعرفين القواعد في هذا البيت فافعلي ما قلته لك). دعونا نحلل هذا الموقف التربوي لندرك اين يوجد الخطأ فيه؟! رسالة الاب للابنة واجهتها بالجدال والنقاش حول القواعد التي وضعها لها.. وما حدث اثناء ذلك ان سهى لم تقم بتنظيف غرفتها.. ولن تقوم بذلك الا بعد ان ينتهي ذلك التوتر.. وهذا النوع من النقاش قد يستمر فترة اطول.. ومعنى ذلك ان القواعد او الحدود التي يضعها الاب لتسير عليها ابنته هي موضوع قابل للمناقشة والجدال. ودون ان يقصد.. كان الاب يشجع صراع القوة لتشجيع سهى لكي تختبر حدوده وتطيل فترة ممارستها لسلوكها السيء والى الأسبوع القادم. لنذكر المزيد من الاساليب المتساهلة والسلبية حتى لا يقع في شباكها الآباء فتتطور علاقتهم بأبنائهم ويعم الهدوء والسلام الجو الاسري