: (الاب يشرّق والام تغرّب( مقولة تلخص نموذجا تربويا سيئا بشهادة جميع المختصين، وهي تقال وصفا لحالة بعض الآباء تجاه ابنائهم، اذا كان كل طرف منهما يجر الحبل في اتجاهه انها الاشكالية التربوية التي سيكون فيها الوالدان غير متفقين على نموذج تربوي موحد، فهذا ينهى وذاك يسمح، هذا يعاقب والاخر يداعب، هذا يوبخ والاخر يطبطب.. قديما قال الاجداد: (ولد الدلع ما يعيش، ولي عاش، يعيش قليل صحة( هذه المقولة وعلى بداءتها تلخص حيزا كبيرا من النتائج التي وصل اليها الطب النفسي فيما يخص تربية الاطفال والطرق التي يجب على الابوين اتباعها في ذلك. انعدام الرؤية التربوية الموحدة بين الاب والام اتجاه الطفل، تسبب شقوقا فجة ومتعددة في الجدار الاسري، توفر فرصا لا حصر لها امام الطفل للانسلال من الرقابة الابوية، ولنا بعد ذلك ان نخمن في النتائج التي سيسفر عنها هذا الانسلال، لأهل العلم قول في هذا المجال ولكن قبل ذلك اليكم هذه الشهادات من استطلاع سريع عبر الانترنت من مختلف الدول العربية. تقول مها العوضي طالبة (مملكة البحرين) وصفا للطريقة التي ينهجها اخوها وزوجته في تربية ابنيهما داخل البيت الذي يؤويهم جميعا: (لا اقول ان لهما طريقة واحدة، بل طرق متعددة موزعة بين الطرفين، الاب (اخي) والام (زوجته) ولا رابط يجمع بينهما، الام ترفض وتتذمر من اي شخص يتدخل ناهيا او آمرا لاحد الولدين ولو كان هذا المتدخل احد اعمامه الذين يكبرونه سنا ويعيش معهم تحت سقف واحد وكلهم على درجة من الوعي والتكوين، ويكون تصرفها بعد التدخل عبارة عن اشباع لطفلها ضربا بطريقة جنونية، لا تتوقف عنها الا بعد ان يملأ صراخه البيت، ولسانها يتلفظ بألفاظ نابية سامة مثل: (فضحتيني وخليتي الي ما يتكلم، يتكلم).. الخ اذ الغرض من ضربها له ليست الا اسماع صوتها للعم بأن لا دخل له في شئون طفليها، واذا صادف ذلك دخول اخي (الزوج) فإنه ينخرط معها في صراع لا ينتهي الا بخصومة معها وقطع للكلام مع افراد الاسرة متهما اياها بعدم حبها لابنيها، ليصل الطفل بعد ذلك الى مبتغاه الكل مقاطع الكل، ولا احد يتدخل فيه، ليفعل بعدها ما يحلو له، ونتيجة لذلك، اصبح هو ذاته مع العلم انه يبلغ من العمر 10 سنوات يختلق المشاكل ولو بالكذب على أمه واثقا من انها ستحمل وشايته على محمل الجد، أما اخي فحرصه على ابنيه وصل الى حد مبالغ فيه جدا وكأنه هو وحده الاب في العالم المعجب بابنيه، يخاف عليهما من اي شيء ويحرمهما تبعا لذلك من كل شيء بدعوى الحرص، مع العلم انه لا يوفر لهم اية بدائل، فالسنة بأكملها يقضونها بالبيت، بما في ذلك ايام العطل رغم الفرص التي تتاح لهما ولابناء عمومتهم، هؤلاء الذين يستغلونها في السفر والمخيمات الخ، وان انت مثلا، فضلت عدم نهي احد ابنيه عن عمل ما وتوجهت اليه مباشرة، تجده وزوجته دائما ينصفان الابن عليك.. النتيجة الآن ان الطفل فاشل في الدراسة، وتصلنا دائما شكايات من المعلمين بهذا الخصوص فضلا عن انكماشه وخوفه الشديد من الظلام او المكوث وحيدا في البيت او الحجرة الا اذا نام اخوه جانبه، مشاداته المتكررة مع الاطفال الذين يصغرونه سنا في المدرسة تنتهي بالعراك، ليكون هو الباكي المشتكي دائما واستدرارا لعطف مواليه ودرءا (للعقاب!(. أولادي غير مدلعين.. علي بكري، رسام وأب أسرة من (سوريا) يقول: (أنا أؤمن بالاعتدال في اي شيء، واحبذ الى حد التقديس ضرورة تقسيم الادوار التربوية بين الآباء، فالاب يجب ان يكون في نظري ممثلا لعنصر الردع داخل الاسرة اي ان يكون شديدا ولكن بدون قسوة، والام بحكم تركيبتها السيكولوجية تمثل عنصر الحنان واذا اختلت هذه الموازين في هذه العلاقة ضاعت التربية، وبظني ان التربية المختلة تفرز اطفالا مشوهين اخلاقيا الى حد التطرف، فإما تجدهم مكبوتين كليا او مندفعين الى حد الاستهتار، وعلى ذكر تقسيم الادوار، اظن انه لا يجب على طرف في ثنائية العلاقة الابوية ان يتدخل في طريقة، تعامل الطرف الاخر مع ابنائه، حتى يعتاد الطفل منذ صغره على هذه العلاقة ويضبط تصرفاته وفقها، ويعرف اين تبدأ حريته واين تنتهي فأنا مثلا، لا اسمح لزوجتي ان تتدخل لتطلب مني التراجع عن موقف صارم اتخذته تجاه احد ابنائي، لان تمكين الطفل من تغطية حمائية من هذا النوع يعني ان عنصر الردع لديه سينهار وبعدها يمكن ان يفعل ما بدا له والعكس ايضا صحيح، وبهذه الطريقة، ولداي ناجحان في الدراسة منفتحان يحبان الرياضة يتقنان لغات اجنبية وايضا غير دلوعين ويتحملان المسئولية لذلك اعتقد ان اختلاط الادوار يوفر منافذ كثيرة للطفل للتحلل من التزاماته وواجباته). من شب على شيء شاب عليه.. محمد الياسي موظف في وزارة التعليم (دولة الامارات المتحدة) واب لطفلة يقول: (اعتقد ان التربية يجب ان تتغير حسب السن، فليس هناك قالب جاهز وصالح لكل فترة من فترات العمر، رغم ان الطفولة تعد اهم هذه الفترات، إذ من شب على شيء شاب عليه، وبالتالي فمن الضروري في نظري ان نعود الطفل على نمط معين من السلوك منذ الصغر، نمط يكون الابوان متفقين عليه تماما ضمانا لتوازن الطفل وتجنيبه اي صدمات، فأبي انا مثلا ارتكب اخطاء في حقي، اذ كان قد عودني على العطاء والسخاء بلا حدود، ولكن عندما تقاعد وصادف انني لم استطع متابعة دراستي العليا، انقلبت معاملته فجأة تجاهي وتحول العطاء الى تقتير وتقشف، والتفاهم الى سلطة لا حدود لها، وصارت العلاقات بيننا مستحيلة على التفاهم، لذلك انا الان لا احب الشدة ولا اللين المبالغ فيهما، وأميل دائما الى الوسطية في كل شيء، وعنصر الردع اذا لم يحسن استعماله يتحول بعد مدة الى كراهية مطلقة لذلك قلت ان كل شيء نتعلمه منذ الصغر،فأنا الان لم اعد احس نحو ابي بأي شعور، امي مضغوط عليها ولا حق لها في التعبير، تتألم في صمت وتسلط ابي يقهرها، وهو قد لا يتورع في فك ارتباطه بها ولو بعد 30 سنة من العشرة، رسالته نحونا يختصرها في توفير الاكل والشرب فقط، ان هذا النموذج هو الذي لا احبه ان يتكرر مع ابنتي الان، انا لي دوري وامها لها دور كذلك وكل يمارس دوره، وان كنت احيانا اعاتب هذه الاخيرة على بعض تصرفاتها فأحيانا اجد نفسي وبدافع الحنان الذي حرمت منه، مملوكا برغبة اعطاء ابنتي كل ما تشتهيه لكن زوجتي تقف معارضة لرغبتي هذه، لا لسبب جاد يقنعني بهذا الرفض، وبالطبع ردة فعلي الطبيعية تكون هي التحدي وتنفيد رغبتي، خاصة وانني لا ارى ابنتي كثيرا بحكم انشغالاتي خارج البيت، رغم كوني احس انني انهج طريقة غير صحيحة في تربيتها بهذا الفعل، لكني مع ذلك لا استطيع كبت احساس الابوة الذي حرمت منه من اغداقه عليها). آثار التناقض في الأساليب التربوية بين الأبناء.. وفي هذا الصدد يتحدث الباحث التربوي الاستاذ نادر الملاح موضحا أن تربية النشء هي الرسالة التي يؤديها الابوان للمجتمع ولعظم هذه الرسالة ومكانتها اوجب الله تعالى في مقابلها على الابناء الطاعة للوالدين واحترامهما وعدم جرح مشاعرهما ولو بالشيء اليسير لقوله تعالى (ولا تقل لهما أف...)، وقوله (وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا...)، وكلمة (أف) هي اصغر كلمة يمكن ان يتلفظ بها الانسان للاعراب عن تذمره وعدم رضاه، ويواصل قائلا (وما اود التركيز عليه هنا هو (كما ربياني صغيرا) وفيها اشارة واضحة على قدسية هذه الرسالة وجلالة قدرها لدرجة ان يقرن الله سبحانه وتعالى طاعته من طاعة الوالدين لذا فإنه ينبغي على الوالدين ان ينتبها الى هذا الامر وان يأخذا هذه الرسالة على محمل الجد ويعطيانها من الاهمية ما يتناسب وحجم النتائج المترتبة عليها سلبا او ايجابا، ان اختلاف المنهجية التربوية التي يتبناها الابوان امر بالغ الاهمية ويحمل كبير الاثر على النشء ولكن قبل الخوض في تلك الاثار لا بد ان نفهم معنى الاختلاف في هذا السياق ونعي مظاهره فالمقصود في اختلاف المنهجية التربوية هو تبني كل طرف (الاب والام) لأسلوب تربوي يتناقض مع الاخر، كأن يكون احد الابوين على سبيل المثال (شديدا جدا) في التعاطي مع ابنائه في حين يكون الطرف الاخر لينا ليناً مفرطاً او ان يتبنى احدهما اسلوب الحرمان والاخر اسلوب التدليل وهكذا.. هذا التناقض في الاساليب التربوية يتسبب في حدوث حالة من الاعتلال والاضطراب في شخصية الطفل بصفته (المتلقي) حيث يتحتم عليه ان يتعاطى مع كل طرف بما يناسبه وبما يضمن له تحقيق مآربه ومقاصده الامر الذي يتسبب في خلق حالة من الصراع الداخلي في نفس الطفل والذي يعبر عنه هذا الاخير بصورة سلوكيات غير مرغوبة ولو تناولنا بعض الآثار المحتملة لقيام حالة التناقض في الاساليب التربوية بين الابوين فإننا نجد ان ابرزها: 1. ظهور حالة من التذبذب، وعدم الثقة في النفس وعدم القدرة على اتخاذ القرار عند الطفل. 2. ظهور حالة من القلق المرضي بسبب عدم قدرة الطفل على توقع ردود الافعال من الابوين او احدهما وذلك نتيجة عدم نضجه وضحالة خبرته. 3. قد تقود هذه الحالة الى ظهور حالة الانحراف السلوكي عند الابناء سواء بدافع الانتقام اللا ارادي او بسبب الاحساس بعدم اهتمام الابوين اتجاهه بالاخص وان حالة التناقض هذه تصاحبها حالة من ضعف الرقابة الاسرية من الغالب. 4. ان الانسان بطبيعته ينزع الى الهروب من القتل والتسليم له ومع قيام حالة التناقض هذه نجد ان الطفل عندما يرتكب خطأ ما وهو امر طبيعي على اعتبار ان الطفل يمر بمرحلة تعلم واكتساب خبرة نجد ان كلا الابوين يحاول التنصل من تقصيره ويرمي بالاتهام على الطرف الاخر فلو رسب الابن في المدرسة وكان ابوه قاسيا وامه تدلله فإننا نجد الاب يعزو سبب الرسوب الى تدليل الام لابنها، فيما تبرر الام ذلك بقسوة الاب على الابن، ما يدفع في نفسه الخوف، وتستمر حالة التنصل هذه ويكون الابن هو الضحية وقد يهرب الابوان من اخطائهما. 5. من الآثار السلبية ايضا لمثل هذا الاتجاه في التربية فقدان الابوين لمصداقيتهما امام الطفل الامر الذي يجعل عملية التوجيه والتربية صعبة او ربما غير ممكنة الى حد ما فالابن يصل الى حالة من الادراك او القناعة بأن اي قرار يتخذه ابوه يمكن ان يكسره باللجوء الى امه والعكس صحيح وفي هذه الحالة تكون الارض خصبة ومهيأة لاتجاه الابناء نحو الانحرافات السلوكية. 6. من الاثار المستقبلية المحتملة ان يتبنى الابناء نفس الاتجاه التربوي عندما يصلون الى سن الزواج وتكوين الاسرة على اعتبار ان هذا الاسلوب هو الاسلوب الذي تربوا عليه وبهذا تستمر حالة التناقض وتنتقل من جيل الى آخر وبالتالي تستمر عملية انتاج عناصر غير فاعلة او ربما هدامة في المجتمع. وحّدوا استراتيجتكم التربوية.. من جانب آخر على الصعيد العالمي ترى الباحثة الامريكية (ماري وين) في كتابها (الطفل والادمان التلفزيوني) عند حديثها عن الطرق الحديثة لتربية الطفل عموما، بأن تنشئة طفل صغير ليست عملا هينا، فنشاط طفل وفضوله ولا معقوليته وإلحاحه وتقلبه الانفعالي والاهم من ذلك عدم امكان التنبؤ بأفعاله وكلها خصائص النمو الطبيعي كثيرا ما تجعل تربية الطفل عملا شاقا، على الرغم من أن اساليب تنشئة الطفل قد تغيرت من فترة تاريخية الى اخرى، وتضيف ان الاتجاهات نحو الاطفال مرَّت بثورة فعلية اذ بإمكاننا ان نفترض ان الحاجات والسلوكيات للاطفال في سنواتهم الاولى لم تتغير وان اطفال الماضي تصرفوا خلال الخمس السنوات الاولى من حياتهم بأساليب لا تختلف كثيرا عن الاساليب التي يتصرف بها الاطفال حاليا وهو ما يعني انهم كانوا في احيان كثيرة مزعجين بحكم طبيعة عدم نضجهم ذاته، اما الذي تغير الى حد بعيد فهو سلوك الآباء نحو الاطفال. وفي هذا الصدد تقول الباحثة: (مثلما ادى تغيير الشعور فيما يتعلق بالمرأة اليوم الى تغييرات عميقة في سلوك الرجال نحو النساء وسلوك النساء نحو الرجال ونحو بعضهم البعض). احدثت الافكار الجديدة بشأن الطفولة، والاطفال ثورة حقيقية في رعاية الطفل، ثورة تميزت بالانتقال من التأكيد على حاجات الطفل المعترف بها حديثا، لقد بزغ اسلوب للمشاركة الوجدانية في تنشئة الاطفال، كانت له اصداؤه ليس في اساليب تعامل الآباء الجديدة مع سلوك الاطفال فحسب بل ايضا في اساليب تصرف وتكييف الاطفال انفسهم وبدلا من استخدام العقاب البدني، والحرمان من الطعام، والوعيد وغيرها من المعاملات السيكولوجية القوية، بدأ الآباء في التحول الى اساليب تأديبية اكثر سيكولوجية (الحجج والبراهين والاقناع والملاطفة، وصرف الانتباه وسحب الموافقة) وما الى ذلك. وعن هذه الاساليب نجد في مؤلف: (كتاب الطفل) لمؤلفيه الدكتورين هيربيرت برانت وكينيث شولت تصنيفا للنصائح المقدمة للآباء فيما يخص التربية الواجب اتباعها للطفل، تتركز كلها حول ضرورة توحيد الاستراتيجية التربوية المقدمة من خلال النصيحة التي اورداها والقائلة : (يجب ان تختاري مع شريكك قواعد التربية التي يجب تطبيقها فالطفل لا يفهم ولا يتقبل ان يسمح له احد الوالدين فعل شيء، في حين ان الاخر يمنعه منه، اذ ان مثل هذه الوضعيات المتناقضة تسبب قلقا له، تجنبي إن اقدم ابنك على فعل قبيح ان تحذريه بقولك (سأخبر اباك عندما يحضر) لان ذلك سيحول هذا الاب (او الام) الى انسان مرعب، مخيف، او على العكس سينتفي لهذه التحذيرات اي دور او جدوى، اذا نسيت تحذيراتك هذه او اذا استخف رفيقك بها او لم يعرها انتباها ولم يبد بالتالي اي ردة فعل اتجاه الطفل، وفي جميع الاحوال اعلمي ان تأخير معاقبة الطفل بعد عدة ساعات من فعله تصرف لا معنى له ولا يمكن او يؤدي الى نتائج ايجابية). النفسانيون: انعدام الاتفاق قد يؤدي إلى انحراف الطفل.. ان انعدام الاستراتيجية الموحدة بين الابوين في تربية الطفل ذات انعكاسات سيئة على هذا الاخير، اذ من المهم فيما يخص تربية الطفل ان تكون القرارات التربوية التي يتخذها الابوان تجاهه ذات صورة واحدة وموحدة، لان الطفل اذا اتضح له ان كلا الابوين، سواء الام او الاب، غير متفقين على اتخاذ قرار معين يخص تصرفا يجب ان يعمل به، او موقفا موحدا يتعلق بفعل بدر منه، فذاك يعني بالنسبة اليه ان احدهما ليس على صواب، واذا كان الامر كذلك، فمعناه ايضا ان هناك خللا في الاستراتيجية التربوية وهذا ما سوف يوفر للطفل منافذ متعددة للانفلات من رقابة الوالدين، اي ان الطفل (سيلعب) على عدم الاتفاق هذا ليفعل بعد ذلك ما يحلو له، او بمعنى آخر سيعمد إلى استغلال الظرف لصالحه، ومن ثم يزج بالمسألة التربوية في درب عسير ومأزق كبير يصعب حله، اذ سيصبح الطفل مستغلا للتناقض الحاصل بين الوالدين، فيقول لهذا كلاما ولذلك كلاما آخر. ويمكن اعتبار انعدام الاستراتيجية التربوية الموحدة بين الوالدين عاملا لايستهان به اذا تحالف مع عوامل اخرى قد يؤدي بالطفل إلى الانحراف والضياع ذلك ان نضج شخصية الطفل في ظروف عادية مسألة تتطلب عدة عناصر تتعلق بعقله الباطني، فعندما لا يتحقق نوع من التوازن بين الانا الاعلى والهو والانا السفلى المشكلة بثلاثتها لهذا العقل الباطني، تتولد المشاكل، ومن بين المسائل المهمة التي تضمن التوازن المرغوب لشخصية الطفل، وضوح التوجيهات التي يتلقاها من طرف الوالدين سواء كانت اوامر او نواهي، ولا يمكنها ان تكون كذلك الا اذا حصل الاتفاق بينهما، اما اذا كان الامر غير ذلك، فيمكن ان تؤدي اذا تحالفت مع عوامل اخرى إلى الانحراف. كما ان طفل (الدلع) وهو الطفل الذي لم ترسم له وفي الوقت المناسب الحدود التي يجب الا يتجاوزها ولم يلقن المسائل التربوية التي يجب عليه اداراكها في سن معينة يصاب بخلل غير مرغوب فيه في بناء شخصيته وهذا ما يفرز عنه اطفال منكمشين على ذواتهم، انطوائيين، يجدون صعوبة كبيرة في التأقلم مع المحيط، او بالعكس نجد اطفال عدوانيين، والتالي لكي نضمن النمو الطبيعي والتدريجي لشخصية الطفل علينا ان نلقنه التربية السليمة في فترة الطفولة وبشكلها الصحيح، اذن لكل مرحلة خطابها الذي يجب ان يستوعبه جيدا ضمانا لمرور جيد إلى مرحلة اخرى. الحذر من الابتزاز العاطفي للطفل!! ان تماسك وحدة الرأي بين الزوج والزوجة اتجاه ابنائهما يشكل احد اعمدة تكوين شخصية الاطفال وذلك منذ الشهور الاولى بعد الولادة إلى الوصول بهم إلى بر الامان الذي يتشكل في فترة ما بعد المراهقة لاحتمال الشخصية. وافادت الدراسات العالمية انه وحده الحنان العائلي يشكل ٠٧٪ من مكونات البناء النفسي للطفل وبالتالي من ناحية العقاب عند اقتراف الطفل لبعض الاخطاء، وينصح بالتالي: (يجب على الابوين ان يتماسكا في اخذ القرار لتجاوز اعادة الخطأ من طرف الطفل، وبالنسبة للطفل اذا اتضح له ان الاب ليس موافقا على قرار الام او العكس سيجعله يستغل هذه الفجوة ليعمق من هذا الخلل وبالتالي يسير في طريقه إلى الخطأ، وهذا ما يسمى بالابتزاز العاطفي، وتوضح احصائيات فيما يخص تعاطي الاطفال والشباب للمخدرات ان ذلك ناتج في ٠٦٪ سبب عدم التماسك الاسري، وعدم اتفاق الزوجين في طريقة تدبير تربية الطفل ٠٪.