لأجيال خلت أعتقد الفيزيائيون أنه لا توجد سرعة أكبر من سرعة الضوء في الفراغ، حيث يسير بسرعة 300ألف كم/ثانية. ولكن تجربة أجريت في برنستون نيوجيرسي أرسل الفيزيائيون نبضة من ضوء الليزر عبر حجرة فيها بخار السيزيوم فكانت سريعة بحيث خرجت كلها من الحجرة قبل أن ينتهي دخولها إليها!!.
لقد تحركت النبضة مسافة تقدر ب310 أضعاف تلك التي كانت ستتحركها عبر الحجرة لو كانت تحوي فراغا بدل السيزيوم. ويقول الباحثون أن هذا هو أكثر العروض إقناعا بأن سرعة الضوء التي كانت تعتبر أحد الثوابت المتينة في الطبيعة، يمكن دفعها إلى ما بعد الحدود المعروفة، على الأقل تحت ظروف مخبرية خاصة. يقول ليجون وانغ الباحث في معهدNEC الخاص:"لا يمكن استخدام هذه الظاهرة لإرسال المعلومات إلى الزمن الماضي، غيران تجربتنا تثبت أن الاعتقاد واسع الانتشار والقائل بأن لا شيء يمكنه أن يسير بسرعة أكبر من الضوء في الفراغ هو اعتقاد خاطئ". وقد نشرت نتائج البحث الذي قام به وانغ والكسندر كوزمتش وآرثر دوغاريو في عدد الخميس20/7/2000 من مجلة NATURE . ورغم أنه لا توجد تطبيقات عملية لهذا الإنجاز حتى الآن، إلا أن تجارب كهذه قد أثارت قدرا كبيرا من الإثارة والاهتمام في أوساط المجتمع الدولي الصغير من الفيزيائيين النظريين0
ويقول ريموند تشياو الفيزيائي في جامعة كاليفورينا في بيركلي والذي لم يشارك في هذا البحث:"إن هذا لفتح جديد كان يعتقد الناس أنه مستحيل". وقد أجرى تشياو تجارب مماثلة باستخدام المجالات الكهربائية.
لقد طور باحثو NEC في التجربة المذكورة جهازا يطلق نبضة ليزر إلى حجرة زجاجية مملوءة ببخار من ذرات السيريوم. ويقول هؤلاء الباحثون أن هذا الجهاز هو نوع من مضخمات الضوء التي يمكنها دفع النبضة للأمام. وفي السابق كانت هذه التجارب تجرى بحيث يمتلك الضوء ما يسمى سرعات فوق تألقية. لكن الضوء كان يخرج مشوها مما يثير الشكوك في تمكن العلماء حقا من إحراز هذا الاختراق.
أما في تجربة NEC فالليزر يخرج من الحجرة بنفس شكل دخوله تقريبا، لكن بشدة أقل كما يقول وانغ. وربما يكون شكل النبضة كحزمة مستقيمة لكنها تتصرف كموجة من جسميات الضوء (الفوتونات). ويستطيع الضوء أن يخرج من الحجرة قبل أن يتم دخولها لأن ذرات السيزيوم تغير خصائص الضوء لتجعله يخرج بأسرع مما لو كان في الفراغ.
وتمتلك الواجهة الأمامية من النبضة الضوئية كل المعلومات اللازمة لإعادة تكوين النبضة على الجهة الأخرى من حجرة السيزيوم مما يغني عن دخول النبضة كاملة إلى الحجرة لتخرج من الجانب الآخر. وفي التجربة تخرج من الحجرة نبضة مماثلة لتلك الداخلة و تقطع مسافة 20 مترا قبل أن يكون الجزء الرئيسي من النبضة الساقطة قد أنهى دخوله للحجرة. ويضيف وانغ:"إن هذه الظاهرة ممكنة فقط لأن الضوء لا كتلة له، فلا يمكن حدوث نفس الشيء للأجسام العادية".
إن تجربة برنستون هذه و مثيلاتها تختبر حدود سريان نظرية النسبية التي وضعها البرت آينشتاين قبل قرن مضى. فحسب النسبية الخاصة تعتبر سرعة الفوتونات الضوئية في الفراغ كما في الفضاء الخارجي هي القيمة الوحيدة المطلقة في الكون بينما يجب قياس سرعة أي شيء آخر من الصواريخ إلى الديدان نسبة إلى المراقب حسبما يوضح آينشتاين.
من جهة أخرى يقول إفرايم شتاينبرغ، وهو فيزيائي في جامعة تورنتو:"إن فوتونات الضوء الخارجة من حجرة السيزيوم ربما لا تكون نفسها التي دخلت الحجرة"، مما يطرح التساؤل حول اختراق حاجز سرعة الضوء. لكنه يضيف أن هذه التجربة مهمة فالمثير هو كيف أمكن لهذه الحجرة أن تنتج فوتونات تبدو مماثلة تماما لأخرى لم تصل لموقعها بعد؟
وحيث أن الفوتونات الداخلة نفسها لم تخرج من الجدار الآخر للحجرة فهذا يعني أن" المعلومات" فقط ربما انتقلت بسرعة أكبر من سرعة الضوء، وهذا لا يعارض نظرية النسبية الخاصة التي تحدد السرعة القصوى "للمادة والطاقة" فقط في الفراغ بسرعة الضوء. وربما كان مفيدا أن نلاحظ أنه في النظرية الكهرمغناطيسية يمكن لسرعة الطور في الموجة أن تتجاوز سرعة الضوء.
تحياتى للجميع ،،،،،،،،،