بتـــــاريخ : 10/14/2008 4:58:50 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1205 0


    كرمٌ على درب

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : ناجي طاهر | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة كرم درب

     
     
    كرمٌ على درب.
     

     

     
    أبو فرحات مزارع عادي من قريتنا. تعرفه من حدبة صغيرة ترتفع قليلاً فوق كتفه الأيسر، فيبدو قريب الشبه الى أحدب نوتردام.

     

     
    كرمه على درب.دائماً ما تراه منهمكاً في مهمة ما. تارة يداوي تينة شقت الحشرات الضارة مسلكاً في جزعها. و على الحائط الحجري المتعرج، يشفّف فروع دالية فتية، يتفقد عناقيدها، عنقوداً عنقوداً، يستأصل حبةً كانت رزق نحلات طائشات مررن قبل مجيئه.

     

     
    الصيف بكل حرّه يكوي السهول و التلال المتعرجة. كمطرة تتعرق في صحراء لاهبة، تتلبد حبيباتٌ شفافة على جبينه، لتتساقط في خط مستقيم نحو التربة السمراء.

     

     
    و بين الفينة و الأخرى، تجده يتلفت من حوله، علّه يكتشف مصدر خطر يداهم صفاء كرمه.كرم على درب.

     

     
    لم يكن داعي لفتاته ذلك اليوم، حرصٌ زائدٌ، أو طير عطش أو جائع، إذ اتضحت الجلبة أخيراً، و هي تقترب من أطراف الكرم المحاذية للدرب القادومي**، الذي يصل بين القرى المحاذية. إنها امرأة تلف أهداب الدرب الترابي بين عباءتها.

     

     
    - العافية يا حاج!

     

     
    نادته و عينها على مطرة الماء الزرقاء الممتلئة. هانئة تتكىء على جذع البلوطة. باردة تغري، و اللعاب يسيل. و الشمس لهيب سوط يكوي التراب و الحصى.

     

     
    رفع رأسه عمّا كان بين يديه، و رفع يده كأنه ينهر ذبابة تحاول رغم تبرمه و ضيق خلقه، أن تحط على جبينه.

     

     
    و المطرة تحت البلوطة ، عين واحة في صحراء الخيال، في وسط الطريق بين قريتين، لم تقوَ على مقاومة حاجات الجسد و شغب التراب:

     

     
    - شربة ماء يا حاج!

     

     
    - لا ماء عندي للشرب، امشي في طريقك، امشي!

     

     
    ردّ من موقعه بين التين و الزيتون و العنب.

     

     
    لكن آمنة هجمت على المطرة تشرب و تشرب، تروي ضمأ الدروب بين القرى المشلوحة على أكتاف التلال و الوديان، و أبو فرحات يصيح:

     

     
    - تشربي آكلة*، تشربي آكلة، امشي يا بنت ..!

     

     
    شربت ما استطاعت على عجل و مضت مسرعة تلملم خطاها ..

     

     
    مرّت  الأيام ،و لم تفّوت آمنة فيها فرصة سانحة، لتسأل عن سر هذا الرجل الغريب..غير أن جل مَن كانت تلتقيهم كانوا يستغربون كلامها، و يتحدثون عن طيبة أبي فرحات المعروفة، رجل في حاله و كرمه. لا يؤذي نملة، و ليس له صلة بثرثرات أهل القرى و همساتهم..كانوا يقولون.

     

     
     ذات يوم مرّ أحد أبناء قرية أبي فرحات، قرب بيت آمنة، فسألها شربة ماء، قبل ان  يسلك الدرب الوعر متجهاً الى قريته .

     

     
     أحضرت المرأة  إبريق الماء و صحنين من التين و العنب..

     

     
     و ما أن هبّ الرجل ليمضي في طريقه، قالت له آمنة مازحة:

     

     
    سوف تمر من قرب كرم ابي فرحات، فهلاّ بلغته سلاماً من آمنة و ليس آكلة.

     

     
    فابتسم  الرجل و أومأ برأسه.

     

     

     

     
    * الآكلة : على الأرجح حيوان يأكل كل ما يقع أمامه. تستعمل غالباً، بمثابة الدعاء على الشخص الذي يقوم بفعل غير لائق

    كلمات مفتاحية  :
    قصة كرم درب

    تعليقات الزوار ()