بتـــــاريخ : 10/15/2008 9:44:58 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1320 0


    زواج لم يتم

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : محمد بروحو | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة زواج لم يتم

     

    ( إلى كل اللواتي ضعن في متاهات الزمن .

     

    إليكن هذا النص , في أحداث عايشتها شاهدا في زمان ومكان...)

     

    في قرية من  رى الشمال ، القابعة في جوف الجبال الريفية...

     

    كانت تعيش " مارية " ، وهي تجتر خيبة أملها. حينما اكتشفت أنها حامل... فكل هذه السنين ، التي طوت من حياتها ، ضاعت منها ، فطارت أحلامها ، كما طار ريش الحمام ، برياح الشتاء العاتية...

     

    هي بنت من عائلة كريمة ، شريفة بالأصالة والوراثة . عاشت كباقي قريناتها فلاحة... خطيبها -إبن عمها-  موظف بالمدينة ، ذو مركز محترم.. يحبها كحبه للحياة.. لكن في لحظة ، تهدمت أحلامها التي بنت ، بشهوة شبقاء.. فغدت كعصفورة مكسرة الجناح.. لا تستطيع التحليق ، في فضاء الكون ، ممزقة القلب ، محبطة النفس.

     

    لا أحد يعرف سرها ، ولا سر حملها.. ولا يحس بحسرتها ، إلا خفقان قلبها الطاهر البريء..

     

    لقد عاشت حياتها بطهر وعفاف ، راعية للغنم.. كباقي قريناتها ، في قرى المنطقة.. فلا ضير ، على فتات صغيرة السن مثلها ، إذا كلفت بمهمة الرعي.. حينما يلجأ الأولاد للكتاتيب ، يحفظون  ما تيسر من القرآن الكريم ..

     

    هي بنت سدجة بطبعها ، هادئة في تصرفاتها.. عفوية في سلوكها.. زواجها من إبن عمها ، هو كل همها ، فكان حلمها ، الذي عاشت من أجله ، وكرست له حياتها رغم بساطة عقلها ، وقلة ذرايتها..

     

    كان  إحساسها بالحسرة ، على فقدان أعز ما لديها ، يذبلها يوما بعد يوم . فأضحت كزهرة بلا رائحة ، أو كينبوع بلا ماء ..

     

    يتسابق الأحباب ، يتهيؤون لحفل زفافها . فبدخول الصيف ، تبدأ أصوات المزامير والطبول ، تدوي وتجلجل في فساحة القرية . خطيبها يقدرها كما يقدر هذا الكون ، فهي من دمه ونسبه.. لكنها الآن هي مترددة وخائفة .. إنها ناقمة على نفسها ..

     

    حملها هو سبب تعاستها وشقائها .. أيكون ذاك من خطيبها ..؟ أو ..

     

    تسائل نفسها مرات ، في لحظات خلوتها ، فتبدو حزينة قنوطة .. حائرة و يائسة .. شحوب وجهها ، يخبر عن حالتها .. فيعلن عن إحباطها وضياعها ..  

     

    بدأ الأهل يهيؤون لأيام الزفاف السبعة ، التي تبدأ بليلة الحناء ، وتنتهي بليلة الدخلة .. يعود الخطيب وابن العم ، في نفس الوقت ، من سفره بالمدينة ، فرحا نشوانا .. فحفل زفافه كحفل الوجهاء ..

     

    يناقش أباه في أمور الزفاف .. يبدأ في ترتيب حاجيات ومتطلبات الحفل . يداعب خطيبته .. تقابله بجفاء ، يستفسرها .. ترد بخوف واضطراب .. إنها تحس بشيء يتحرك في أحشائها .. تتأزم حالتها النفسية .. تدور أسئلة كبيرة برأسها .. أسئلة نغصت عيشها . فتتساءل :  هل تخبر عائلتها أم خطيبها ..؟

     

    الأم بحدسها وحنو قلبها ، أحست بألم ابنتها وشقائها .. تسألها عن سر ضياعها وشحوب وجهها وعذابها .. لكن مارية ، تظل صامتة لا تجيب .. متسمرة لا تتحرك .. تعاهدها على أن تكتم سرها ، لكن دون جدوى ..

     

    كانت تشمئز نفسها ، كلما ذكرت دار عمها ، أهل خطيبها.. اقترب وقت الزفاف.. لكن مارية شاردة .. يسألها فتظل صامتة .. بدأ الخطيب ، يقرأ في عين خطيبته حزنا وألما ، فصمتها هذا سر يثقل صدرها ..

     

    يسألها بعينين دامعتين ، وبوجه يعلوه احمرار ، وكأن قلبه أخبره بأمر فظيع ، حدث أثناء غيابه .. بكل تردد أجابت مارية .. أنا حامل ..!

     

    صعق الخطيب لهول ما سمع .. صدمه الخبر ، فهو يعرف عفة خطيبته ، لكن كيف حدث ذلك ؟ .

     

    وصل الخبر أهل القرية ، وبدأت تلوكه ألسنتهم .. فقرر الخطيب ، عدم الزواج من بنت عمه وخطيبته. 

     

    لكن رغم كل ذاك ، فأبوه يحثه على إتمام الزواج .. يصر الخطيب ، على أن الحمل ليس منه . ومارية لم تخبره لحد الآن ، عن الذي شاركها خطيئتها .

     

    ارتكبت خطأها ، مع شخص لا يعرفه ، فمن يكون ..؟  السر عند مارية ؟. تحاول عائلتها جاهدة ، إجبارها على سرد الحقيقة..

     

    تريد الوصول ، إلى هذا الذي سقط معها ، أو ربما أسقطها ، في ارتكاب هذه الخطيئة .. فهي الصغيرة الساذجة ، القليلة الدراية والحيلة ، الخائفة المترددة ..

     

    تحاول العائلة - عائلتها – مرات ثم مرات ، الوقوف على الحقيقة .

     

    هاهي ذي تقبع في صمتها ، لا تتحرك ولا تتكلم . جوابها ، نظراتها الشاردة ، ودموعها الغزيرة ..

     

    في ليلة ، بظلامها وعتمة ليلها .. حينما كانت تحاول أم مارية ، التسلل لبيت عم مارية. ولما وطأت قدماها ، باب البيت ، ولم يشعر بوجودها أحد .. سمعت في تلك اللحظة ، حوارا على شكل جدال وعتاب . كان يدور بين عم مارية وزوجته .. حينها علمت أم مارية السر .. لقد تعرفت من خلاله ، على الذي تسبب في ضياع كرامة ابنتها . أحست   بدوران رأسها ، حتى كادت تسقط مغشيا عليها ، من هول ما سمعت .

     

     هرولت نحو البيت ، نادت ابنتها مارية ، وكانت في شهرها السابع ، حذقت في عينيها الذابلتين ثم قبلتها ، وضمتها إلى صدرها ، والدموع تنزل من مقلتيها ، وهي تخاطبها :

     

    - ظلموك ، أيتها البريئة الطاهرة .. ظلموك !

     

    فعاشت مارية ، مع سرها وجنينها ، في قريتها ، تطوي أيامها الرتيبة ..
    كلمات مفتاحية  :
    قصة زواج لم يتم

    تعليقات الزوار ()