من رائحة الخبز العابقة بأيدي أمي
|
يخرج دلعونا
|
* * * * *
|
دلعونا
|
طفلٌ أشقى من أطفالي
|
ولدٌ يتسلّل لحقولي
|
يتمدّدُ فوق العشب الطالع بيني
|
وبين رؤاي
|
دلعونا
|
تطريزٌ آخر للأشياء
|
ينقرُ كالعصفور مواعيدَ العشقِ
|
فتقْطُرُ أجنحةُ رحيقٍ فوق أصابعنا
|
ولذلك نخجلُ
|
حين نمدُّ يدينا
|
لأيادي المحبوبات .
|
...
|
دلعونا
|
نهرٌ جَمَعَ منازلنا
|
في ضمّة زهر ٍ حوله
|
قلبٌ يتّسع لآلاف الشهداء
|
آهٍ دلعونا
|
كم نبتَ "اْللُّوتَسُ" (1) بين أصابع "شَبَّابَتِكَ" (2)
|
وكم نَبَضَ القلب
|
كم أرهقتَ جفونَك
|
كي تهدي كلَّ عريسٍ كُوفِيَّة
|
أذكرُ
|
كيف تُحَمِّم جسمَك في ضوء القمر الخمريّ
|
وتمسحهُ بمخيم
|
وأذكرُ
|
كيف لديك القدرة أن تحفظ أسماءَ الناس
|
وتواريخَ الميلاد لكل مدينة
|
دلعونا كان يُهَدْهِدُنَا بعد حصادٍ مُتْعَب
|
دلعونا كان يُجَمِّعَنَا حول سراجٍ
|
يسكبُ ضوءاً أصفرَ في عينينا
|
فيجيءُ إلينا
|
وبصوتٍ شاد
|
يزرع داخل تلك الصفرة سهرتنا
|
كنَّا ننبتُ حول حكاياه
|
ونقرفص
|
حين يَمَسُ براعمنا .
|
...
|
دلعونا أقدم أصحابي
|
يعرفني حين أهاجر عن نبضي
|
فيناجي القلب
|
يعرفني حين أَفُكُّ يديَّ من الأرض
|
فيضوعُ "عَتَابَا " (3)
|
يعرفني حين أَمُرّ
|
فيفتحُ خارطةَ فلسطين أمامي
|
ويُعَطِّرُنِي " دَبْكَة " (4) .
|
...
|
أعرفُ دلعونا
|
دلعونا كالخندق
|
يمشي وحده
|
وحمامٌ يلتقط الْحَبَّ الهارب من كِيسِ "الهيئة" (5)
|
دلعونا
|
أجملُ من يرقص في عرسي
|
ويشدّ قواي
|
يُوقفني جانب نخلته
|
ويلوِّح
|
دلعونا أجمل من " يَدْبُك " (6)
|
يقفز دلعونا
|
يجتاز حواجزنا الرملية
|
يطلقنا من كفيّه طيوراً
|
نحو فلسطي
|
قِمَََّةِ دلعونا .
|
_________
|
22 / 6 / 1992
|
1- دلعونا : من ألوان الغناء الشعبي الفلسطيني .
|
2- اللوتس : زهرة مائية من الزهور المقدسة في حضارات الشرق الأوسط .
|
3- الشبابة : الناي .
|
4- عتابا : من ألوان الغناء الشعبي الفلسطيني .
|
5- الدبكة : رقصة شامية .
|
6- الهيئة : هيئة الأمم المتحدة ( وكالة غوث وتشغيل اللاجئين )
|
7- يدبك : يرقص الدبكة
|