جَدٌّ كمئذنةٍ أطلّ
|
فاتنٌ بالبسملة
|
زاخرٌ بالخير والدعوات والحلوى
|
يقرئهم سلاماً
|
وسؤالاتٍ عِذاب
|
كلهم - أحفادُه - قاموا إليه
|
يتعلقونَ عليه لبلاباً وشوقاً
|
يتسلقونَ بروجَهُ
|
فامتدَّ نعناعٌ عليه
|
يرتوِي ضحكاتهم
|
أُنظرْ إليهِ
|
جُيُوبُهُ احتلَّتها أيديَهم
|
تُفَتِّشُ في فضولٍ
|
كومةَ الأوراقِ والصور الصغيرة والنقود
|
فاغرورقتْ عيناهُ بالوجدِ
|
هذا البِنَاءُ من المشاعر
|
قامةٌ من زَقْزَقَة
|
تسكنهُ عصافيرٌ كثيرة
|
صاخبُ الأعشاش والنشوى
|
كل عُشٍّ لحفيد
|
وكل نبضٍ لرؤاه .
|
...
|
داخِلٌ للدار
|
حاملٌ كتفيْه أنهاراً مُهَيَّأَةً لقفز صغاره فيها
|
فارِداً كفّيه فانطلقتْ فراشاتٌ ملونةٌ كثيرة
|
واستراحتْ فوق أجفنِهم
|
فضاءً من حكايا .
|
...
|
داخِلٌ
|
أعلىَ من الأضواء والشجر القديم
|
انْحَنَى غُصْناً مليئاً بالفواكه
|
ظِلُّهُ قُبَلٌ تضمُّ نحولَهم حُبّاً
|
وتجمعهم إليه كضمتيّ ريحان
|
يا ظلَّه
|
يا ضوءَ تُربتهم
|
ودفءَ عروقهم
|
ياواسعاً بحُنُوِّكَ العالي
|
يستريحُ على محيطكَ لغوُهم أسرابَ ( لُوتس )
|
يتفيَّأُ الضحكُ الجميلُ لثغرهم نبراتِ صوتك .
|
...
|
داخلٌ
|
وبسمتهُ نهار ٌدافيءٌ
|
شمسٌ خفيفة
|
لامستْ أحفادَه
|
قَبَّلَتِ الجفونَ فمرَّ طيفٌ من رُؤى
|
بسمتهُ
|
حماماتٌ تحطّ على أياديهم
|
تُقَبِّلُ حلمهم
|
وتلتقطُ النسيمَ من الأصابع .
|
...
|
مضيافُ هذا الجَدّ
|
لا يدخل الدار َإلاّ حاملاً ضيفاً من السِّيَرِ القديمة
|
يُجْلِسْهُ في الوجدان
|
يُسْكِنْهُ حول جِنانهم
|
بطلاً يمرُّ على حصانٍ مارقٍ كالسهم من جنب الرؤوس
|
يهتزُّ شَعر جبينهم من ريح هذا السهم
|
كم مرة ركبوا بساطَ الريح
|
كم مرةً سلُّوا لعنتر سيفه وهو في كنف الضيافة
|
كم مرةً رحلوا مع الأفكار في مدن البخور
|
هاموا
|
ولولا القبضتان على الخدود
|
لنسوا رؤوسَهم الصغيرة في الخيال ،
|
مضيافُ هذا الجدّ
|
قسماتُهُ
|
آثارُ أنهارٍ عتيقة
|
نحتتْ قساوتَها وغاضتْ
|
في أيِّ قرنٍ صافحتْ هذا المدى عرقاً وبؤساً
|
في أي يومٍ خدَّش الحزنُ جبينَه
|
وجهُ هذا الجدّ أرضٌ جائعة
|
تُسْقَى
|
إذا لعب الصغار ُعلى ثراها
|
يسحبون بلغْوِهم تلك الخطوط
|
ويفردون الكَرْمَشَة
|
وجه هذا الجدّ أرضٌ جائعة
|
تُسْقَى ببسمتِه إليهم .
|
...
|
بسمةُ الجَدّ
|
سحابٌ لامعٌٌ
|
بلّل الزغبَ المطرّز جلدَهم
|
فتضاحكوا وتدافعوا وتسابقوا
|
حول ماءٍ يستحمُّ على يديه
|
قرنفلا .
|
...
|
بسمة الجدّ
|
غصونُ كمثرَى تَمِيلُ من الحلاوة
|
حقلُ كَرْزٍ باهرٍ
|
سحبٌ ثقالٌ من عذوبة
|
يتظللُ الأطفالُ من قيظٍ طويلٍ تحتها
|
ظِلُّ بسمته
|
شِغافٌ لُفَّ حول قلوبهم
|
فتفيّؤوا بالنبضِ عُمراً كاملاً
|
ظِلُّ بسمته نسيمٌ منعشٌ
|
يتنافسون ليلقطوه
|
ويسكبوا أجسادَهم فيه كحبات الندى
|
ظلّ بسمته حواديتٌ صغيرة
|
يزرعَها بتربتهم زهوراً وحبق .
|
...
|
بسمة الجدّ
|
فرعُ لوز ٍ
|
مُدَّتْ محاليق إليه
|
فاستراحتْ هذه الكرماتُ دهراً من سرور
|
واخضرّت رُؤَى .
|