أظلمَ الليلُ بعد المغيبِ
|
وطالَ غيابُ النديمْ .
|
أظلمَ الليلُ وانغلقَ الباب ُ
|
مثل كتابٍ قديمْ .
|
زمّليني بثوبِ صلاتكِ يا أَمَةََ الحزنِ
|
إني ضريرُ السوادِ
|
و أعمى الليالي .
|
لا أرى غير غيبوبةِ الموتِ ،
|
غير غديرِ المدامعِ في الليل ،
|
غير مذلّةِ نفسي
|
وخسرانِ حالي .
|
زمّليني إلى مطلع الفجر
|
كي أتكوّرَ في رحمِ الليل ..
|
بين الضلوعِ الحنونةِ مرتعشاً
|
كاليتيمْ !
|
فأنا المتألّمُ في عزلتي
|
والمعذّبُ نفسي
|
أصيرُ إلى شبحٍ زائلٍ كالأغاني العتيقة
|
واحسرتاه !
|
وأنا صاحب ُالموتِ مأوى عذاباته ِ
|
وصديقُ آساهْ !
|
لست أسمعُ في الحجراتِ
|
سوى حسرات ِنفوسٍ تجوس
|
ظلاميّةَ الليل ..
|
ريحِ الخريف على شجر
|
شاهقِ اليأس ِعالي .
|
لستُ أسمعُ في الريح غير أناشيد ِ وحشتهِ
|
وأنينِ صداهْ !
|
فاقرئي من مراثيك ِما يملأُ الروحَ
|
بالوجد
|
كي تتساقطَ منّي الدموعُ
|
وتغسلني غصّة غصةً
|
من خطيئة حزني الزنيمْ !
|
رتِّليها بنبرةِ راثٍ
|
لتسبح َنفسيَ في سكراتِ المنيّة
|
من أوّلِ الليل حتى بياضِ السديمْ !
|
وحشةً وحشةً يتسلّلُ عبر الشبابيك
|
صوتُ غناءٍ قديمْ !
|
صوتُ ناءٍ غريبٍ على الأرض
|
يدفنُ بين قفار الليالي العميقة
|
عزلتَهُ الخالده ..
|
صوتُ عميانَ أربعةٍ
|
يعبرونَ طريق السكوت
|
وصولا ًالى سكتاتِ الظُّلَم ْ ..
|
صوتُ حادٍ يغنّي على مسمعِ الأبجدية
|
ما يجعلُ الريح َترفع ُأذرعها
|
لتمزّق صدرَ السكون الأصمّْ ..
|
صوتُ محتضرٍ تتوجّع ُمن موتهِ الأرضُ
|
في حشرجاتِ الصدى الراعده ..
|
صوتُ باكٍ ترعرع ُنبرتَهُ الريحُ
|
في رجع ناي ٍحطيمْ ..
|
وحشةً وحشةً
|
يتسلّلُ عبر الشبابيك صوت غناء قديمْ !
|
متعباً وجريحاً
|
يقطّعُ أشجانه وترًا وترًا في المواويل
|
عندَ احتدامِ الألمْ !
|
حاملاً حزنَ أغربةِ الأرضِ
|
والشهقاتِ التي تتألّمُ في غصصِ الروحِ
|
دمعاً ودمْ !
|
فتشيعُ مع الريحِ رائحةُ الحزنِ
|
ينذرفُ الدمع ُمن كلّ عينْ !
|
وتجيءُ العذاباتُ رجعَ صدى
|
نائحاً وحزينْ !
|
هل يطيبُ مع الليل غيرُ الحنين إلى لحنِ نَمْ ؟
|
: لأهزَّ سريركَ فوق كرومِ الينابيعِ ،
|
بين الحمائم والياسمينْ !
|
نَمْ في حرير الطفولة ِ
|
تحت سماء الأنوثةِ
|
بين ضفاف البحيرات طائرَ تمْ !
|
تتغنى به كالرسولة ِراضيةَ الروحِ
|
أمْ .
|
لحنُ نَمْ
|
صيَّرتهُ المهودُ الصغيرة هدهدة ًعذبةَ الهمسات
|
لأطفالها النائمينْ ..
|
صيّرتهُ الدوالي
|
عناقيدَ مسكرةً تتدلى على كلّ فمْ .
|
لكأنَّ الأغاني العتيقةَ شجرةُ حزنٍ
|
تهزُّ غدائرها السودَ فوق نعاس
|
اليتيم ْ .
|
لحنُ نمْ
|
ذائب ُالحزن في صوتِ أمْ .
|
لحنُ نمْ
|
أحرفُ الأبجديّةِ وهي تزقزق ُمثل العصافير
|
بين عرائشِ غيمْ ..
|
لحنُ نمْ
|
طائرٌ تتساقطُ آهاتُهُ ريشةً ريشة ً
|
في احتراق هواءِ الندمْ ..
|
لحنُ نمْ قطراتُ حليب ٍمعطّرةٍ
|
تتلألأُ فوق شقائقِ فمْ ..
|
لحن نمْ
|
قمرٌ صامتٌ
|
يذرفُ الدمعَ في كأسِ دمْ ...
|
لحنُ نم ْ
|
نجمةٌ في سماءِ السكينةِ سهرانةً
|
كفؤادٍ كريمْ .
|
كفّنيني بأعشاب ِشعركِ
|
كي أتأمّلَ هذا السواد الحميمْ !
|
كفنيني..
|
فقد أظلمَ الليلُ وانغلقَ البابُ مثل كتابٍ قديمْ
|