قادني الحراسُ إلى هولاكو
|
كان متربعاً على عرشِهِ الضخمِ
|
وبين يديهِ حشدٌ من الوزراءِ والشعراءِ والجواري
|
سألني لماذا لمْ تمدحني
|
ارتجفتُ مرتبكاً هلعاً: يا سيدي أنا شاعرُ قصيدةِ نثر
|
أبتسمَ واثقاً مهيباً:
|
لا يهمكَ ذلك..
|
ثم أشارَ لسيافِهِ الأسودِ ضاحكاً:
|
علمْهُ إذاً كيف يكتبُ شعراً عمودياً بشطرِ رأسِهِ
|
إلى شطرٍ وعجزٍ
|
وإياكَ أن تخلَّ بالوزنِ
|
وإياكَ من الزحافِ والعللِ
|
امسكني السيافُ من ياقتي المرتجفةِ،
|
وهوى بسيفِهِ الضخمِ
|
على عنقي
|
فتدحرجَ رأسي،
|
واصطدم بالنافذةِ التي انفتحتْ من هولِ الصدمةِ.
|
فاستيقظتُ هلعاً يابس الحلق، لأرى عنقي مبللاً بالعرق، وكتابَ الطبري ما زالَ جاثماً على صدري، وقد اندعكت أوراقه تحت سنابكِ خيولِ هولاكو التي كانت تنهب الممالك والقلاع، وأمامي وشيشُ التلفزيونِ الذي انتهى بَثُّهُ بنهايةِ خطابِ الرئيسِ الطويلِ
|
قفزتُ مرعوباً
|
رأيت فراشي ملطخاً بدمِ الكتبِ التي جرفها نهرُ دجلة، ممتزجاً بالطمي والجهشات
|
حاولتُ أن أجمعَ شطري رأسي اللذَين التصقا بجانبي التلفزيون
|
وأصبحا أشبه بسماعتين يبثُّانِ الوشيشَ نفسَهَ.
|
في الصباحِ…….
|
على غيرِ العادةِ ،لم اقرأ نعيي في الجريدةِ ،
|
ولمْ تقفْ سيارةُ الحرسِ أمامَ البيتِ وعليها جنازتي
|
ولمْ أعرفْ تفاصيلَ ما حدثَ
|
ذلك لأنَّ هولاكو ضجرَ من الوشيشِ
|
فقامَ بنفسِهِ وأطفأَ التلفزيونَ
|
وعادَ إلى كتابِ الطبريِّ ثانيةً،
|
مبتسماً واثقاً مهيباً ،
|
بعد أن رفسني بخصيتي
|
لأنني نمتُ
|
قبل أن أكملَ بقيةَ سيرتِهِ
|