يا أمّ َ مُشتاقَ قد ضجّتْ مَنايانا |
ترْمِي الخطايا ولا نرمي خطايانا |
وأنّ منْ بعدِ هذا الليل ِ شارقة ً |
وأنّ من بعدِ هذا الهدْم ِ عمْرَانا |
وأنّ من بعدِ هذا النوح ِ أُغنِيَة ً |
وأنّ من بعدِ هذا الكفرِ إيمانا |
يا أمّ مشتاقَ ماذا قالَ قائلُهم ؟ |
فقدْ تبدّدَ شئ ٌ مِنْ خفايانا |
وهل عرَفتُم مَدى ما راعَ أنفسَنا |
وهل عرَفتُم أبي خيونَ ماعانى؟ |
وهل نرى بعدَ ذاكَ الوِزرِ مغفِرة ً |
وهل سيلقى قتيلُ البُعْدِ رِضوانا؟ |
أمسى بعيداً مدارُ الشمس ِ عن سكني |
وأمستْ البيدُ تلوَ البيدِ سُكّانا |
يا أمّ مشتاقَ مَنْ يدري بلَيْلَتِِنا |
ماذا ستطوي ومَنْ يدري بدُنيانا |
وإنّهُ طالما أعْيَتْ سرائرُهُ |
أفكارَنا فأرَدْنا منهُ هِجْرانا |
يا أمّ مشتاقَ يا أشواقَ قريتِنا |
ويا نخيلَ بني سَعْدٍ و شُطآنا |
والزارِعونَ إذا سَبُّوا سنابلَنا |
جاءتْ نسائمُ مِسْكٍ من سَجَايانا |
ماذا نقولُ وماذا في دفاتِرِنا ؟ |
وما سيقرأ ُ بعدَ الآن مَوْتانا ؟ |
فإنْ تفارقَ جسمانا على عجل ٍ |
فما تفارقَ لا و اللهِ قلبانا |
هنا و وَجْهُكِ مفقودٌ تُسائِلُني |
عنكِ الرؤى وأماس ٍ صرنَ نيرانا |
أ أصبحَ الصُبحُ في ذي قارَ يذكرُنا |
أمْ نذكرُ الصُبْحَ أشواقاً فينسانا |
وتعلمينَ الذي تطوي رسائِلُنا |
واللهُ يعلمُ ما تنوي نوايانا |
وكيفَ صبرُ فؤادٍ لا سواكِ بهِ |
وكم سيَحْمِلُ أوجاعاً وأحزانا |
وحدي أُقاسي ووحدي أستطيرُ أسىً |
والقلبُ ينشُبُ بُركاناً فبُركانا |
ولستُ أوّلَ مَنْ خانَ الزمانُ بهِ |
ولسْتُ أوّلَ مَنْ فيهِ الهوى خانا |
والبيتُ أصبحَ أطلالاً مُبَعْثرَة ً |
يصطادُ بعدَ طيورِ الحبِّ غِربانا |
يا أمّ مشتاقَ يا أُختاهُ ما بيَدي |
أخفى الأكارمَ صدّامٌ فأخفانا |
يا أُمّ مشتاقَ صدّقْنا وإنْ كَذبُوا |
تلكَ الأقاويلَ مضموناً وعنوانا |
وليسَ قبحٌ بنا لو طارَ طائِرُنا |
ولا لحُسْن ٍ بنا لو عادَ يهوانا |
أعطيتُ كلّ َ دمي طِيباً ومعذرة ً |
فقدْ جُزيتُ بهِ غدراً ونُكرانا |
مرّ الشِتاءُ و عادَ الصيفُ ثانِيَة ً |
وثمّ أفنيتُ أكواناً و أكوانا |
لا تسْألي كيفَ أصبحْنا بمَوْطِنِنا |
إنّا أسِفْنا لأنّ اللهَ أبقانا |
هنا و وَجْهُكِ مفقودٌ تُسائِلُني |
عنكِ الرؤى وأماس ٍ صرنَ نيرانا |
إياكِ قلبي و أسوارٌ تُمانِعُني |
وكانَ قلبُكِ قبلَ اليوم ِ إيّانا |
أ أصبحَ الصُبحُ في ذي قارَ يذكرُنا |
أمْ نذكرُ الصُبْحَ أشواقاً فينسانا |
بعضُ الأحايين ِ في ذكراكِ أختِمُها |
وثمّ أصرفُ قلبي عنكِ أحيانا |
وتعلمينَ الذي تطوي رسائِلُنا |
واللهُ يعلمُ ما تنوي نوايانا |
كيفَ القيامُ بوادٍ لا سوايَ بهِ |
ومَنْ تعوّدْتُ أنْ ألقاهُ قد بانا |
وكيفَ صبرُ فؤادٍ لا سواكِ بهِ |
وكم سيَحْمِلُ أوجاعاً وأحزانا |
أمّا الأحِبّة ُ يا قلبي فقد رحَلوا |
وإنّ َ حيناً توَقّعْناهُ قد حانا |
وحدي أُقاسي ووحدي أستطيرُ أسىً |
والقلبُ ينشُبُ بُركاناً فبُركانا |
ولستُ أوّلَ مَنْ أشقاهُ خالِقُهُ |
ولستُ آخِرَ مَنْ قاسى و مَنْ عانى |
ولستُ أوّلَ مَنْ خانَ الزمانُ بهِ |
ولسْتُ أوّلَ مَنْ فيهِ الهوى خانا |
أمّا القلوبُ فشتّى صارَ واحِدُها |
وأصبحَتْ بعدَ ذاكَ اللون ِ ألوانا |
والبيتُ أصبحَ أطلالاً مُبَعْثرَة ً |
يصطادُ بعدَ طيورِ الحبِّ غِربانا |
وها أنا حينما لم تعرِفِي أحداً |
تَلقينني عندَ فقدِ الناس ِ إنسانا |
يا أمّ مشتاقَ يا أُختاهُ ما بيَدي |
أخفى الأكارمَ صدّامٌ فأخفانا |
يجري الظلامُ فتستلقي قواعِدُهُ |
مثلَ الشياطين ِ أرواحاً و أبْدانا |
يا أُمّ مشتاقَ صدّقْنا وإنْ كَذبُوا |
تلكَ الأقاويلَ مضموناً وعنوانا |
فنحنُ أعذبُ ألفاظاً وأندِية ً |
ونحنُ أثبتُ أفكاراً و أركانا |
وليسَ قبحٌ بنا لو طارَ طائِرُنا |
ولا لحُسْن ٍ بنا لو عادَ يهوانا |
قد نالَ عهدُ الهوى مني ومِن جسَدي |
عُضواً فعضواً وشرياناً فشِريانا |
أعطيتُ كلّ َ دمي طِيباً ومعذرة ً |
فقدْ جُزيتُ بهِ غدراً ونُكرانا |
يا أُمّ مُشتاقَ عُذراً ساءَ خاطِرَتي |
نوءُ العواصِفِ أحقاباً و أزمانا |
مرّ الشِتاءُ و عادَ الصيفُ ثانِيَة ً |
وثمّ أفنيتُ أكواناً و أكوانا |
يا أمّ مشتاقَ لا نُخْفيكِ زوبعَة ً |
مَرّتْ فزادَتْ على النيران ِ نيرانا |
لا تسْألي كيفَ أصبحْنا بمَوْطِنِنا |
إنّا أسِفْنا لأنّ اللهَ أبقانا |