بتـــــاريخ : 6/7/2008 10:49:43 AM
الفــــــــئة
  • الحـــــــــــاسب
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2183 0


    الإنترنت والعولمة ... اختراق للحدود ، وللقوميات أيضا

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. جون أندرسون | المصدر : www.bab.com

    كلمات مفتاحية  :
    انترنت

    واشنطن - د. جون أندرسون (رئيس مشروع المعلوماتية العربية بمركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون الأمريكية

     تفرض ثورة المعلومات حاليا واقعا جديدا على السيادات الوطنية والقوميات من خلال جعلها العالم قرية كونية صغيرة، الأمر الذي جعل الدولة بشكلها الحديث تعاني من مشكلات تزيد عما عانته خلال القرنين الماضيين. فعالم اليوم يسير بسرعة نحو ما سماه أحد مهندسيه، «والتر ريستون»، الرئيس السابق لشركة «سيتي كورب»، بـ «انحطاط السيادة الوطنية».
    إن الزمن والمسافة يتأثران اليوم بانتشار تكنولوجيا الاتصالات في مختلف مجالات الحياة من الاقتصاد الدولي إلى التجارة الإقليمية، من التعليم إلى الترفيه، في كل من الثقافة الجماهيرية العامة والثقافة المتخصصة، من تجارة السندات إلى العلم الديني. "ريستون" رأى العولمة من وجهة نظر اقتصادية تمتد من التمويل إلى التجارة إلى الاقتصاد السياسي.

    هوية قومية فضائية

    انتقلت عملية تحديد الهوية الوطنية وتوجيه الدولة إلى الأثير في فترة نشوء الجيل الماضي والآن تنتقل هذه العملية إلى الإنترنت حيث يعاد تشكيل الهوية وتوجيه الدولة من خلال تكنولوجيا المعلومات الأكثر حداثة.
    بالنسبة للجيل السابق، كان التلفزيون والإعلام الجماهيري، الآن الإنترنت هو رمز تكنولوجيا الاتصال، ويتمثل الإنترنت في كونه شبكة عالمية للمعلومات ووسيلة اتصال فتنت الصحفيين والأكاديميين وبدؤوا يستخدموها لتوسيع مجموعاتهم المتخصصة. على الصعيد الاجتماعي، إن لم يكن التكنولوجي، الإنترنت جاء إلى الدول النامية ليصاحب البث الفضائي والهواتف الجوالة لتصبح جميعا قنوات مفتوحة للاتصال وأيضا للمشاركة في الساحات العامة التي خلقتها الوسائل الجديدة وتتمدد بشكل مستمر.

    تأثير الفضاء الحر

    كما تبين حديثا في الدراسة التي حررتها بالاشتراك مع ديل إيكيلمان بعنوان «الوسائل الجديدة في العالم الإسلامي» والتي نشرت في كتاب صدر عن جامعة إنديانا، هذه التكنولوجيات لها تأثيران يكمل بعضهما البعض. الأول هو الفرصة التي تتسع تدريجيا للمزيد من الناس للمشاركة في الإعلام الجماهيري ابتداء من المجالات الاقتصادية إلى الثقافية. الأثر الآخر هو توسع فرص المشاركة خارج حدود الزمن والمساحة التي كانت موجودة سابقا. على سبيل المثال، الهواتف الجوالة والتي تنتشر بسرعة في الدول العربية ليست فقط وسيلة لمتابعة الأمور المتعلقة بالعمل بل أيضا وسيلة للحفاظ على الاتصال الدائم بالأسرة والأصدقاء عندما يكون الأفراد خارج البيت. البث الفضائي فتح الكثير من الخيارات، كما لم يكن متاحا من قبل، أمام مساحات الثقافة العربية من خلال التلفزيون بما يعكس تنوع المجتمع العربي بعد أن كانت هذه المساحات مغلقة بسبب احتكار البث التلفزيوني.
    إنترنت ثورية

    بنفس الطريقة يوسع الإنترنت مجال المشاركة في كل شيء يلامسه. منذ عدة سنوات وحتى الآن، قامت مجموعة حيوية، وإن كانت في تغير دائم، من الطلاب والمتخصصين الفلسطينيين بنقل النقاش حول التحديات التي تواجه بناء الأمة الفلسطينية إلى الإنترنت. وبينما ما تزال المعارضة السياسية على الإنترنت جذابة للانتباه، فإن هناك أوجها وجهودا أكثر انتشارا بكثير تتمثل في محاولة استعمال الإنترنت لتخيل وإعادة تخيل العالم العربي البديل. بعض هذه الجهود أدبية وبعضها ثقافية، بعضها مرتبط بالماضي وبعضها يتخيل المستقبل. هذه الجهود تأتي لمحاولة الإجابة عن السؤال «من وما هو العربي؟».
    تعدد وتخصص الإجابات على هذا السؤال تعكس إمكانيات التكنولوجيا التي أوجدت جمهورا أكبر وأكثر مشاركة. «ما هو العربي؟» و«من هو العربي؟» تصبح لها أهمية جديدة مع فرصة أكبر متعددة الأشكال.
    مع وجود كل أنواع تكنولوجيا الاتصالات في الإعلام الجماهيري وجمهوره الواسع، هناك أصوات قليلة محددة مسبقا وتحمل مؤهلات معينة تستطيع استخدام منبر الإعلام لتتحدث للجمهور الواسع، وهؤلاء كانوا في العادة يتحدثون عن الأمة وهوية الأمة بمصطلحات فردية. اليوم عدد الناس الذين يستطيعون المشاركة من خلال تكنولوجيا الاتصال الحديثة أكثر بكثير من الناس الذين كانوا يستطيعون المشاركة من خلال البث التقليدي أو الطباعة، وذلك لأن المهارات المطلوبة لمرسل الرسالة على الإنترنت لا تزيد كثيرا عن تلك المهارات التي يحتاجها مستقبل الرسالة.
    هذا خلق على ما يبدو أزمة مفاجئة في تحديد المؤهلات التي تجعل الشخص مرسلا للرسالة وليس فقط متلقيا كما هو الحال في الإعلام التقليدي.
    هذه الديناميكية جعلت من الممكن، على سبيل المثال، مشاركة فلسطينيي المهجر في مشروع بناء الدولة عن طريق ما يطرحه من أفكار عبر الإنترنت.

    بعد ثقافي جديد

    الإنترنت بما له من ميزات الارتباط برغبات مستقبل الرسالة وفتح باب المشاركة للجمهور جعل من الممكن، كما لم يكن ممكنا من قبل، إدخال هؤلاء الذين يعيشون وراء البحار، كما جعل من الممكن لأولئك المغتربين أن يؤكدوا على حقهم في أن يكونوا جزءا من الإطار. من الطريف، أن هذه التكنولوجيا نفسها والتي يخاف الكثيرون منها على أنها ستسبب ضعف الثقافة ستجعل العكس تماما ممكنا، حين تفتح الباب لإثراء ثقافي يعمل على اتجاهين بين المنفى والوطن من خلال وسائل المشاركة التي هي بالضرورة ثنائية الاتجاه.
    الدراسات التي بدأت في مشروع المعلوماتية العربية في جامعة جورج تاون تشير إلى أن العولمة في فلك المعلومات لا تؤدي لعكس اتجاه بعض التيارات المرتبطة بمرحلة تنامي الوطنية.
    ثقافة أوسع
    لقد منح عالم الإنترنت العلاقات العابرة للحدود والمتعددة التمدد إلى ثقافات أخرى، ولكن أول ما يتمدد هو الثقافة الوطنية نفسها، وهذا يشمل الثقافات العربية ومشروعات بناء الأمم والحلم الوطني أيضا. من المحتمل أن تنمو حياة جديدة لهذه المشروعات والتي بمساعدة الإنترنت تضم أناسا جددا أو على الأقل توسع دائرة النقاش العام. إن المثال الدراماتيكي والمتطرف في مخاطبة الجمهور الدولي لن يتمثل فقط في السياسة المعارضة التي تنتقل لعالم الإنترنت بحثا عن ساحات دولية بل أيضا يتمثل في تلك الأصوات التي لا تخاطب الجمهور الدولي.
    وبناء على ذلك، فأثر الإنترنت لن يكون إضعاف الوطنية، على الأقل على المدى القصير، بل تأكيدها وتقديم نوافذ جديدة لها وفتح فرص جديدة لمتابعتها، وفوق كل ذلك جماهير جديدة أو إضافية لتشارك في نقاشها.
    هل الإنترنت خطر على الوطنية؟

    يلاحظ هنا أن القلق العام من كون تكنولوجيا المعلومات الجديدة كالإنترنت تسبب التفرق والتعددية المتطرفة يقيس في الأساس على نموذج الإعلام الجماهيري التقليدي الذي يقرن تفرق الجماهير بالبيروكيالية (الارتباط بفكرة ضيقة محددة) الثقافية والعرقية. بالنسبة للبعض يبدو مشروع الوطنية وكأن هناك من يهدمه بمشاركة المزيد من الناس في تحديده. بعض الراديكاليين يتنبأ بـ«مابعد الوطنية» حيث مجموعات المصالح الخاصة ستأتي كبديل لهوية يندمج تحت مظلتها مجموعات أكبر من الناس مثل «الدولة». ولكن ربما هذه مجموعات المصالح الخاصة هي «خاصة» بالفعل، وبعيدا عن فئة صغيرة جدا من المتحمسين، الفضاء الإلكتروني لن يأتي كبديل للعالم الحقيقي.
    قومية عربية جديدة

    لو كان الإنترنت مكانا، فإنه سيكون -مثل أي مكان آخر- مكانا يستحضر الناس فيه قيمهم ومصالحهم، وبين أول هذه القيم والمصالح حتى الآن هو تجمع أبناء الأمة والدين الواحد. مع ذلك، هذه تكنولوجيا جديدة، وجزء من تاريخ تكنولوجيا المعلومات حديثة النشوء. خلال القرن الماضي في الشرق الأوسط العربي كان تقديم ساحات جديدة حيث يتم مناقشة قضايا الهوية العربية. بدأ ذلك من خلال الصحافة في أول هذا القرن ومن خلال الإعلام الجماهيري في منتصف القرن. حاليا، هناك فرصة جديدة، وقد يمكن للشخص أن يتنبأ بجزء من رد الفعل لهذه الفرصة بأنه سيكون قومية عربية جديدة أو مجددة. في أي فلك هذا سيحصل قد يكون أمرا يستحق الانتظار .

    كلمات مفتاحية  :
    انترنت

    تعليقات الزوار ()