بسم الله الرحمن الرحيم
أحياة بعد الموت؟؟؟
من رواية لغز قرون الذهب.
بمكتبات جرير ، تهامة ومكتبات العبيكان وغيرها
قال يوسف للأمير قندير بعد أن سأله الأمير إن كان هناك حقاً حياة بعد الموت.
زرت مرة بدوياً في الصحراء وكان الوقت ربيعاً والأرض تزينها شجيرات وبقع خضراء متناثرة على البساط الرملي. وتسلقت بعض تلك الشجيرات على أطراف الجبال الصخرية الصغيرة , وقد أطلت تلك الجبال برئوسها الحجرية من تحت الأرض وكأنها رؤوس حيتان ضخمة صعدت من تحت الماء واخترقت صفحته لتتنفس الهواء فتجمدت في مكانها بلونها الداكن. كانت الأرض باردة في المساء والخيام ترفع أطرافها و تغتسل في نسيم ربيعي خفيف قبل الغروب.وبالليل وعندما ملأت صفحة السماء نجومها وأخذت عيونها البراقة تتغامز من فوقنا وقد استلقينا على الرمل الناعم، ومن تحتنا نامت فرشات صوفية رقيقة تقوست وتشكلت مع الرمال حسب راحة أجسامنا و بينما حلقت أروحانا تتبع أبصارنا إلى المسافات الامتناهية في السماء، خرج صوت رقيق من ابن البدوي الأوسط واسمه صالح . وعلى صوته هبطنا من تحليقنا في السماء إلى حلقتنا البشرية على الأرض، كان صوت الفتى على صورة سؤال عفوي مباشر .. " أبي هل هناك حقاً حياة بعد الموت ؟ " ونظر الإخوة الباقين إلى أبيهم يبحثون بأعينهم عن نفس الجواب. واختصر الأب مدة الصمت واخترق صوته سكون الليل ليقول.." كنت انتظر هذا السؤال من أخوتك الكبار لأني كنت على اتفاق مسبق معك ومعهم على أن يسألني كل واحد منكم بعد ولادته وبلوغه الرشد هذا السؤال وقد أتفقت معكم على جوابه ألا تذكرون ذلك الإتفاق؟ " فأجاب كل واحد منهم في تردد وحيرة أنهم لايذكرون شيئاَ من ذلك فقال الرجل موجهاَ كلامه إلى ابنه صالح فقال .. " إن لي يابني اسلوب خاص في رعايتكم من قبل أن تولدوا وهو أني أدخل إليكم في بطن أمكم قبل أن تخرجوا إلى الدنيا من رحمها الصغير، وذلك في شهر الحمل الأخير وتلك طريقة خاصة عندي لاتسألوني عنها حتى أنتهي من حديثي معكم" وأكمل يوسف يقول.."وتربع الرجل في جلسته وقد جلس صالح أمامه وبقية الإخوة من حوله وأنا من خلف صالح يأخذني الذهول فيما أسمع ثم أكمل البدوي يقول .." بعد دخولي إلى بطن أمكم صغيراَ في حجمٍ أصغر من الجنين أقتربُ من الواحد منكم وهو يطفو في كيس الرحم, فلما أقبلتُ عليك ياصالح فتحت عينيك في دهشة وسألتني .." من أنت؟" فقلت لك .." أبوك" فسألت مرة أخرى.." ومن أبي؟" فقلت لك.." أنا منبع وجودك في هذا المكان أودعتك في بطن أمك قبل تسعة أشهر" فعدت تسأل.. " أمي؟ ومن أمي؟ فأجبتك.." أمك شريكتي في وجودك هنا وهي تحملك في بطنها منذ تسعة أشهر ويغذيك جسمها مما تأكل هي وتشرب، ويأتيك كل ذلك عن طريق هذا الحبل اللحمي الملتصق بك في وسط بطنك و00" ولكنك قاطعتني بسؤال آخر.." ماذا تعني بتحملني هل معنى هذا أني في داخل شخص آخر بمعنى أني أعيش داخله؟" وقبل أن أجيبك سألت مرة أخرى ..
" اين تسكن هي؟ ومن أين جئت أنت و00" فقاطعتك أنا هذه المرة.." يابني خارج عالمك الصغير هذا حياة أخرى مختلفة كل الإختلاف عن عالمك الذي تعرفه، فهناك أرض" فقاطعتني..
" أرض؟" ففسرت لك.." نعم جرم سماوي ضخم جداَ يسبح في الفضاء الشاسع الذي ليس له نهاية، وتدور الأرض مع غيرها من الكواكب الأكبر منها والأصغر بسرعة فائقة في مدار محكم حول الشمس" وعدت تقاطعني.." الشمس؟ " فوضحت لك.." نعم نعم، نجم أكبر من الأرض يشع حرارة ونور لتتغذى من نوره الأشجار على الأرض، وتأكل من تلك الأشجار حيوانات نعيش نأكل منها ونركب عليها، فنحن البشر نأكل من الأشجار والحيوانات و00" ولكنك يابني لم تصبر حتى أكمل وعدت تسأل.." أشجار؟ حيوانات؟ بشر؟ ماهذا؟ كل هذا في عالم غير عالمي هذا؟ " فقلت لك .." نعم وما الغريب في هذا إنه حقاَ موجود " ولكنك لم تصدقني ونظرت إلي بنظرة غريبة وقلتها صريحة.." أنت تحكي عن أشياء غريبة لا أراها الآن ولن أصدق بها. أنا لا أعرف ولا أصدق إلا بعالمي هذا الذي أعيش فيه و000" فأردت أن أثبت لك صدق قولي فأكملت لك التوضيح بسؤال.." حسناَ يابني أنظر إلى نفسك ألا ترى أن هناك أجزاء منك غريبة لا تستخدمها هنا في عالمك الصغير ويبدو أنها معدة لعالم آخر؟" فسألتني.."مثل ماذا؟" فقلت لك في حماس.." مثل هذه الأرجل التي تضمها إلى صدرك وهي أداة مشي وتنقل ستمشي بها على الأرض وليس هنا، وهذه السواعد واليدين لمسك الأشياء وقطف الثمار ، وتلك الأكياس داخل صدرك لتصفي بها الهواء وتأخذ منه ما تريده عندما تخرج إلى العالم الآخر ، وهذه العيون لتبصر بها البعيد والقريب عندما تمشي عل الأرض وتحذر من دعس ودهس المخلوقات التي هي أصغر منك "... وتوقفت انا عن الكلام لتجيبني ولكنك عدت تسأل.." أنت قلت لي أني أعيش هنا من غذاء أمي يأتيني من هذا الحبل فهل سأخرج وهو متصل بي؟ وكيف سأعيش من دونه سأهلك ستنقطع عني أسباب الحياة ؟ ".. فأسرعت أخفف من روعك.." لا يابني كما قلت لك ستعيش حياة أخرى مختلفة تماماَ بل وحياة أفضل وأطول حتى بعد فصل هذا الحبل السري، مصدر حياتك، عنك" فقلت منزعجاَ .." لا كيف سأعيش وقد انقطعت عني سبل الحياة التي أعيش بها الآن، لا أريد أن أغادر هذا المكان أنا آمنٌ فيه دعوني وشأني" فقلت لك مطمئناً.." لا تخف يابني ولكن لا بد لك من أن تغادر هذا المكان فسيصبح ضيقاً عليك وستصبح خطراً على أمك و00 " فسألتني "وكيف سأغادره؟" فأجبتك وأنا خائف عليك.." عبر هذا الممر الضيق جداَ فقد تختلف أضلاعك وأنت تخرج منه" فقلت مذعوراَ.. " تًقطع عني أسباب الحياة وأًضغط عبر هذا المكان الضيق وتدعي أني سأعيش بعد ذلك لا بد أنك تهزأ مني فأسرعت أضيف إلى الطين بله.." أود أن أخبرك أن هناك حياة أخرى هي بعد الحياة التي ستخرج إليها وهي أكبر وأفضل وأطول حياة " وبدى عليك الذهول مرة أخرى فقلت لي في صوت هادئ.." لن أصدق أي شيئ تخبرني به حتى أرى بعيني دلائل على ما وصفته عن خروجي من هنا والعالم الذي سأخرج إليه" فقلت لك ببتسامة.." حسناَ سأصبر حتى تخرج من عالمك المحسوس هذ إلى حياتنا خارجه، عالمُ الغيب عندك، وسأصبر عليك حتى تكبر وتصدق ماأخبرتك عنه الآن عندها ستسألني عن الحياة بعدها فهل ستصدقني إن أخبرتك بأن هناك حياة بعدها؟" فأجبتني واثقاَ .." نعم إن خرجت من هنا كما وصفت لي ورأيت العالم الأوسع كما ذكرت، فسأصدق أن هناك حياة أخرى بعدها، ولكن عندي سؤال كيف سأخرج من الحياة القادمة إلى الحياة بعدها؟" فصمتُ قليلاَ ثم أجبتك.. " عبر مكان ضيق تختلف فيه أضلاعك أيضاَ، اسمه القبر "000 وعاد يوسف ليقول ياسادة ياكرام " رفع البدوي بصره إلى السماء ثم عاد ببصره و بوجهه العطوف نحو ابنه صالح ثم أجابه.."
نعم يابني هناك حياة لنا بعد أن نموت ونغادر هذه الدنيا
لأن وجودنا في هذه الحياة هو المعجزة وما بعده فكله معقول".
مع تحياتي ومحبتي للجميع
© صالح عبدالله الزاحم