قصة / حسن الشيخ
دخل الحمام و علق الفانوس الصغير , على الجدار الطيني
بيد مرتعشة . بينما راح برد الشتاء القارص , يجول في عضامه
الدقيقة , بجنون معربد .
تحسس ( طشت ) الماء البارد بإصبعه , ففكر في تأجيل
اغتساله الى يوم آخر . لا يدري متى . ربما بعد شهر
او ربما بعد انقضاء الشتاء . إلا انه عندما زحف الصرصار متسلقا أصابع قدمه , لم يبعده .
بل حدق إليه في صمت , و ظل جالسا على ( دكة ) الحمام
بهدوء . راودته أفكار حمقاء , و هو يرى هذا الصرصار الكسول
يتسلق ساقه الهزيلة ببطي .
اغترف غرفة من الماء . رش بها جسده. فا نتفض كطير صغير
قد بلله المطر . قطرات الماء استفزت اعضاءه التي ماتت منذ
سنين , بعد ان انهكها سأم الانتظار .
الحمام لا يدفئه , بألواح بابه المهترئه , و لا رائحته تستهويه
ايضا . و للحضة احس انه يمشي يطير مع سرب من الطيور
المهاجرة الى أقاصي الشمال . إلا انه ظل الطريق . فانفجر
ضاحكا . ثم غضب , لما نفخت الريح من جديد داخل عظامه .
قال عبود الأول و هو يحتضن كرشه الصغيرة المرتجفة :
- لماذا لا أستطيع الوصول , رغم إصرار أقدامي على المسير .
فأجابه عبود الثاني ضاحكا :
- كفى غباء و انظر الى الصرصار الآخر الذي بدأ في
الدنو منك . ألا تشعر بالتقزز و الندم !
التفت عبود الأول الى الخلف دون مبالاة و ردد :
- الندم .. و لماذا الندم . ماهي جريمتي ! ان الدرب طويل ..
والمسيرة شائكة ..هذا كل ما هنالك .
تحرك صرصار آخر , و تسلق جسد عبود من الخلف , بينما وصل
صرصاران الى البطن , و إستقرا هناك , يحركان قرونهما بخيلاء
وتكبر . أما في الركن الأيمن من الحمام , فقد استعدت كتيبة من
الصراصير في البدء بهجوم جديد .
صاح عبود الثاني محذرا :
- عبود .. أبعد زحف الصراصير الدنيء عنك !
نظر الى الخارج من بين فجوات ألواح الباب الواسعة . ثم ألقي
بجذعه على الجدار . فأجاب بهدوء :
- تعني تلك المخلوقات التي تحيط بي , وترقص رقصاتها
الجنائزية على جسدي ! دعها تشعر بالأمان و الطمأنينة .
أراد عبود الأول أن يضيف أشياء أخرى , إلا انه لم يفعل . فكر
في الفائدة من النحيب . الصمت هو الأجدى . بضعة أسابيع
ويقبل الربيع , صرصار يحيى و آخر يموت. لا لن يكابر في ظل
شتاء قارص . و ليدفئ الصراصير الكسولة في صدره .
أدار رأسه حوله مفتشا على عبود الثاني فلم يجده . رفع يديه
الى الأعلى ثم أنزلهما سريعا . فهمس في خوف الى نفسه .
منذ زمن طويل , قد أعطيتهم لحمي , لكي يتدفئوا به . أما
دمي , فهو رخيص كماء مستنقع آسن .
حرك الماء بيديه و هو ينصت لرياح المربعانية الباردة . وتسائل .
لماذا تتكاثر الصراصير هنا ! ثم تغزو , مطبخي , غرفة نومي
و تندس بين أغطيتي .. وبعدها تنطفئ الحواس جميعا فجأة .
هكذا كمصابيح شوارع قريتنا !
تأكد مرة أخرى , من برودة ماء ( الطشت ) . فقرر أخيرا ارتداء
ملابسه . تطلع حوله باحثا عنها . لكنه لم يجدها . إلا انه لا حظ إن
الصراصير ترتدي ملابسا شبيه بها .
[all1=FF0000]الشاطر هوا اللي يفهم اللي عاوز يتقال
ومحدش يسأل اييه هوا اللي عوزين نقولة
عشان مش عاوزين مصايب[/all1]
سلاااااااااااااام
[all1=33FF00]تحياااااااااتي
الـــســــهــــــــل المـمـتـنـع[/all1]