الزواج من نعم الله على عباده
الحقيقة الظاهرة لنا ان الحياة على الارض اذا خلت من المتعة، كانت جافة قاسية، لذلك احاطت حكمة الله -تعالى- كل غرائز البقاء بأسباب المتعة، وان تدبّر هذه الحكمة يجعل الانسان على بينة من الغاية منها، انها ليست هدفاً لذاتها، وانما وسيلة إلى أهداف كريمة؛ فإن الفرع الكريم لا يأتي إلا من أصل كريم (الحياة الزوجية).
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً"
كانت المرأة تعتبر في القديم حيواناً لا روح له، ولم تكن زوجة، فلما أرادوا إنصافها في المؤتمر الفرنسي سنة 586 كان جهد ما قرروه لها أنها انسان وليست بحيوان ... انسان خلق لخدمة الرجل!
ونحن بإزاء آية كريمة تنطق نوراً ورقةً، وتروع صدقاً وقوة، مما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم- منذ أربعة عشر قرناً؛ فهي تقرر أن المرأة آية من آيات الله.. خلقها من أنفس الرجال، لا من طينة أخرى... وخلقها لتكون زوجة لا لتكون خادماً، وذلك قوله- سبحانه-: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً "
وخلق تلك الزوجة ليسكن إليها.. والسكن أمر نفساني، وسرٌّ وجداني، يجد فيه المرء سعادة لشمل المجتمع، وأنس الخلوة التي لا تكلُّفَ فيها. وذلك من الضرورات المعنوية التي لا يجدها المرء إلا في ظل المرأة. ( المرأة بين البيت والمجتمع للبهي الخولي ص 37)
" هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها " الاعراف 189
إن القرآن بهذا النص يضع أسس الحياة العاطفية الهانئة الهادئة؛ فالزوجة مــلاذ الزوج يأوي إليها بعد جهاده اليومي في سبيل تحصيل لقمة العيش، ويركن إلى مؤانستها بعد كدّه وجهده، وسعيه ودأبه.. يلقى في نهاية مطافه بمتاعبه إلى هذا المـــلاذ.. إلى زوجته التي ينبغي أن تتلقاه فرحة مرحة، طلقة الوجه، ضاحكة الأسارير.. يجد منها آنئذ أذنا صاغية وقلباً حانياً، وحديثاً رقيقاً حلواً يخفف عنه.. ويُذهب ما به.
فالزوجة سكنٌ لزوجها يسكن إليها ليروي ظمأه العاطفي في ظلال من الحب والمودة والطهارة، فيسكن القلب عن الحرام، وتسكن الجوارح عن التردّي في حمأة الرذيلة والانزلاق في مهاوي الخطيئة! ( الاسلام والحياة الجنسية- محمود بن الشريف)
تُرى هل تستطيع الزوجة أن تعمل خارج البيت الساعات الطويلة في الأعمال المتعبة، أن تقوم بمهمة مواساة الزوج والتخفيف من همومه وأتعابه؟!!