اسم الكتاب: Intranet Resource Kit .
(مجموعة مزودات إنترانت)
تأليف: مجموعة من المختصين.
تحرير: د. براكاش أمبير جاونكار
عرض وتقديم: د. علي بن محمد العبيدي (رئيس مركز الحاسب الآلي بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني)
يبدو واضحاً من القراءة السريعة لفهرس هذا الكتاب الضخم (480 صفحة) أن المؤلفين قرروا أن يكتبوا كتاباً جامعاً لكل ما يحتاج إليه القارئ في موضوع الإنترانت بحيث لا يحتاج معه إلى أي مصدر آخر في موضوعه.
كما تفيد المقدمة القصيرة بأن المحرر مقتنع (حتى الثمالة!) بتقنية الحاسب والمعلومات (وبخاصة الإنترنت) التي أصبحت تنقل المعلومات محطمة الحواجز الجغرافية والطبيعية لتنشئ ما أصبح معروفاً بالاقتصاد الرقمي (Digital Economy).
ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي قام على تأليفه فريق من الدكاترة المتخصصين فـــي تقنيات الإنترنت، بـل إن محرر الكتاب (د. براكاش) يمتلك شركة متخصصة في هذا المجال سبق أن اخترعت بعض تلك التقنيات.
جاء الكتاب في أحد عشر باباً كل منها يمكن أن يكون كتاباً مستقلاً من حيث الأهمية والتفاصيل الواردة فيه. فبعد أن يعرّف بمصطلح الإنترانت في بداية الفصل الأول يذكر الحلول التي يمكن أن تقدمها الإنترانت في قطاع الأعمال المؤسساتي (حكومية أوخاصة) ويرسم صورتين لنوعين من المؤسسات: إحداهما صورة قاتمة تسير فيها المعلومات ببطء شديد وتنظيم بائس تاركة كثيراً من العاملين بعيدين عن المشاركة في اتخاذ القرارات ومخلفة تكاليف غير ملحوظة. ويقابل هذه الصورة صورة أخرى لمؤسسة نشرت كل معلوماتها المفيدة على الإنترانت الخاصة بها فأصبح كل فرد فيها قادراً على المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار بناء على توفر المعلومات الصحيحة لديه بأيسر طريقة. ثم يرد في الباب بعد ذلك آفاق رائعة جداً يمكن من خلالها زيادة إنتاجية المؤسسة العاملة باستخدام الإنترانت.
واحتوى الباب الثاني على معلومات تفصيلية عن تاريخ الإنترنت منذ ولادة أجدادها القدامى عام 1957م حتى كان آخرهم (شبكة آربانت Arbanet) عام 1972م مع مرور سريع بالبروتكول الرائع الذي اتفق عليه العالم وهو TCP/IP ثم ميلاد الوورلد وايد ويب (WWW) على يد ذلك الشاب العبقري: تيموثي بيرنرز - لي (يبدو أنه أسم شرقي!) والذي أصبح اختراعه للوورلد وايد ويب WWW بمنزلة اختراع السيارة السريعة بعد اكتشاف الأسفلت ولولا أحدهما لما برع الآخر.
وبعد أن يشرح تفصيلات فنية عن الوورلد وايد ويب (WWW) يستطرد في فوائد الإنترنت والـ WWW في مجالات عديدة مثل التسويق، الإعلانات، المبيعات، الدعم الفني، الأبحاث، الموارد البشرية. ثم يتعمق في متطلبات الاتصال بالإنترنت على مستوى الأفراد والمؤسسات مؤكداً اعتبارات فنية يجب أخذها في الحسبان عند استخدام الإنترانت.
وفي الباب الثالث: شرح فني مفصل عن محتويات شبكة الإنترانت في موقع ما. حيث عنون لهذا الباب بالسؤال التالي: ما الذي تتكون منه الإنترانت ذات الويب المركزي؟ ويكمن القول أن طبيعة هذا الباب تتخذ الطابع الفني المتخصص مع أن عامة المشتغلين بالحاسب يمكن أن يفيدوا من هذا النوع من الشرح ليكوّنوا في النهاية مفهوماً متقدماً جداً عن الإنترانت، وقد تطرق الباب إلى العناصر الأساسية المكونة للإنترانت، وكيف تعمل على الشبكة الموجودة في المؤسسة أصلاً وما هي أفضل أدوات تطوير المواقع على الإنترانت/ الإنترنت ونبذة عن منتجات رائعة جداً تساعد في البحث في محتويات الإنترانت.
تطرق الباب الرابع إلى موضوع هام جداً يهم المديرين والمسؤولين الطامحين في استخدام الإنترانت في مؤسساتهم: كيف يمكن أن تؤثر الثقافة الموجودة لدى منسوبي المؤسسة على استخدام الإنترانت؟ هل هو تحد حقيقي فعلاً؟ ما هو حجم هذا التحدي؟ كيف يمكن التغلب عليه؟ ما هي الحلول المختلفة المتوفرة وكيف يتم الاختيار بينها؟ إنه باب شيق جداً لكل من واجه ظاهرة رفض تقنيات الحاسب حينما تغزو مؤسسة ما، خصوصاً أنه في نهاية الباب قد تم وضع أمثلة من المدارس، الجامعات، المستشفيات وغيرها تساعد على ابتكار الأساليب لإنشاء إنترانت فعالة في موسسة ما وتفعيلها.
ويجيب الباب الخامس عن أسئلة مهمة كذلك من حيث إدارة الإنترانت وتشغيلها فيوضح الدور الذي يقوم به أعضاء فريق الإنترانت ومؤهلاتهم ثم يتساءل: هل الأفضل استئجار أعضاء ذلك الفريق (دواماً جزئياً؟) أم تعيينهم بصفة دائمة؟ ثم يشرح الباب الأسلوب الأمثل لتجميع البيانات التي توضع على الإنترانت خصوصاً في المؤسسات الكبيرة وأخيراً يناقش مَنْ مِن المستخدمين يدخل على ماذا من المعلومات؟ كل ذلك في محاولة جادة ومفصلة لتقديم خطة عمل واضحة المعالم لكل المسؤولين عن شبكات الإنترانت (أقصد المسؤولين الإداريين لا الفنيين).
وجرياً على قاعدة «ليس الخبر كالمعاينة) فقد أورد الباب السادس قصصاً لحالات ناجحة (CASE STUDIES) استخدمت فيها الإنترانت بفعالية فاقت كل التوقعات. لقد استطاعات المؤسسات المذكورة في هذا الباب الإفادة من الإنترانت وتحقيق نقلة نوعية وقدرة كبيرة على المنافسة والتطوير وأنصح كل من لم يقنع بعد بفوائد الإنترانت أن يقرأ هذا الباب، والنتيجة قناعة حتمية -في نظري.
ومن قراءة الباب السابع يستطيع المتخصصون أن يحصلوا على معلومات غزيرة تغنيهم ربما عن حضور دورة مكثفة حول قضايا فنية كبيرة ومعقدة مثل: كيف يستطيع مدير النظام تهيئة الإنترانت؟ (Setup an intranet) وكيف يشرك الناس في المعلومات حسب مواقعهم وطبيعة المعلومات التي يحتاجونها؟ وكيف يتم ربط الإنترانت بقواعد البيانات الحالية كمصدر معلوماتي حي؟ وما هي الأجهزة المطلوبة لتهيئة الإنترانت؟ ثم كيف يتم توصيل الإنترانت مع الإنترنت؟.. إنها مواضيع كبيرة يدرك من يعرف تفاصيلها أنها ذات قيمة عالية جداً للمختص. ولئن كان الباب الرابع والخامس يهمان الإداري بصفة أكثر فإن الباب السابع يهم المدير الفني لمشروع الإنترانت.
أما الباب الثامن فيشرح للمختصين كذلك بتفاصيل دقيقة الأسلوب الفني لتحويل البيانات (التي جمعها الفريق الإداري) إلى صفحات ويب على الشبكة بحيث يكوّن مجموعها إنترانت فعالة. إنه باب يحتوي على كثير من البرمجة والتفاصيل الفنية التي لا غنى لمبرمجي الإنترانت عنها.
وبعد أن تم إنشاء الإنترانت إدارياً وفنياً في الأبواب السابقة يأتي موضوع الباب التاسع ليتحدث عن أمن شبكة الإنترانت فيبدأ أولاً بأهمية الأمن المعلوماتي ويستطرد في ذكر التهديدات التي تحيط بمعلومات الشبكات ثم يضع البدائل المهمة التي يجب على الفنيين وضعها لضمان معلومات الشبكة سواء كانت تلك المعلومات ثابتة (حقائق معينة) أو معلومات متحركة من المستخدم وإليه (أرقام البطاقات البنكية مثلاً)؛ وما هي أفضل السبل في تشفير تلك البيانات وإرسالها بتواقيع إلكترونية متخصصة؟ ثم ما هي أفضل البروتوكولات المستخدمة للتشفير والسرية؟
أما الباب العاشر فيطمئن الذين لديهم شبكة حاسب وقواعد بيانات قديمة أن فرصتهم في استخدام الإنترانت أفضل من غيرهم بكثير بسبب وجود مصادر المعلومات لديهم ثم يشرح لهم أفضل الطرق لتحقيق ذلك.
وخاتمة المطاف في الكتاب هو الباب المثير حقاً الباب الحادي عشر حيث ارتقى فيه المؤلف شرفة عالية وأخذ يطل منها على مستقبل تقنية الإنترانت/ الإنترنت الواعد. فماذا رأى؟ لقد رأى عجباً. ثورة مجمومة في برامج تشغيل الإنترانت/ الإنترنت.. تقدر قيمتها بـ 12 بليون دولار فيما بين 96م وعام 2000م، الشبكات الدولية، التجارة الإلكترونية، تحول كثير من الأعمال إلى الاعتماد الأساسي على الإنترانت/ الإنترنت.. وغير ذلك كثير. ولا شك أن تفاصيل هذا الباب من الإثارة بحيث تستحق أن يُكتب عنها تفصيلاً لكي يدرك القارئ أننا - على رغم الثورة الهائلة التي نراها- مازلنا في البداية وأننا سنحكم على أنفسنا- بعد بضع سنوات قليلة- بأننا كنا في عام 1420هـ متخلفين جداً حينما يقرأ -عندئذ- أحدنا هذه السطور.
وختاماً: فإن الكتاب يعتبر من أمتع الكتب الفنية التي قرأتها، بأسلوبه الجميل وتفاصيله المثيرة وشموليته الواسعة حتى إنه ليصدق عليه أن يقال عنه: الصيد في جوف الفرا.
بقي أن أنوّه إلى أن طبعة هذا الكتاب هي في 1997م وأتوقع أن يكون قد صدر منه طبعات أحدث فإن عامين من الزمن في عالم الحاسب هما قرون متطاولة.
نشر في مجلة (التدريب والتقنية) عدد (5) بتاريخ (جمادى الأولى 1420هـ)