بتـــــاريخ : 11/4/2008 7:50:35 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 618 0


    عصير الحكمة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : سمير عطا الله | المصدر : www.balagh.com

    كلمات مفتاحية  :
    عصير الحكمة

    وكان لملك ملوك قبائل "النيرفانا" ستة صبيان وبنت. وكان له التلال الشرقية من جبال "الانديز" والسهول الجنوبية من هضاب "الريو دي بلاتا". وفي السنة السابعة من القرن السابع من الشهر الثامن عشر وفق المفكرة الاليوخية في جبال البيرو, دعا الملك اولاده جميعاً اليه في الصباح لا في المساء كما في التقاليد. واجلسهم جميعاً في غرفته المليئة بالجلود وقدم اليهم الشاي والعسل وعصير الحكمة, وهو خليط من اعشاب الانديز واشجاره ممزوج بغبار الحجر الاحمر "ندوس". وقال الاب الذي كان عميق الحكمة كثير الضحك رايع العابة:
    - اسمعوا جيداً فالامر الان لا مزاح فيه. اننا امام قرار تفرضه الالهة على حكام وادي بلاتا من اقصاه الى اقصاه كل خمس مئة اليخية. وقد ابلغت ليلاً ان علينا اتخاذ القرار هذا الصباح. ولكن لكل منكم ان يفكر ملياً قبل ان يلزم نفسه بأي جواب.
    وقالت البنت الصغرى, وهي مدللته:
    - وهل مثل هذا الامر يعنيني, وانا بعد في العاشرة؟
    فهز الملك رأسه ان نعم. وشعرت العائلة بشيء من القلق, فسارع الى الاضافة بشيء من الشعر, ان الالهة تعرض كل نصف الفية على عائلة الملك ان تجمد اعمالها, حيث هي ردحاً طويلاً من السنين قد يطول عشرات او مئات, فيبقى الكهل كهلاً شاباً والصبي صبياً.
    وساد العائلة وجوم اكبر وصمت عظيم. فنظر الملك الى ابنه البكر وقال:
    - وهل يضيرك ان تظل في الثلاثين من العمر؟
    فأجاب لويزو, وكان هذا اسم جده ملك من ملوك قبائل المانغا:
    - لقد رأيت القليل يا ابي, ولا يزال امامي الكثير. ثم اني اذا توقفت هنا فكيف اصير ملكاً عندما ابلغ الخامسة والثلاثين, حسب تقاليد الملك.
    وقال الاب:
    - لكنك بذلك تظل شاباً, فيك كل الشباب, ولك بعض الحكمة.
    فأجاب الابن:
    - اليس الحكمة ان نجرب الحياة كلها, والشباب ان تهرم لكي تتذكره, فما هي لذة اللحظة التي لا تصبح ذكرى وما هي حكمة الامس الذي لا يصبح امثولة.
    وتطلع الاب الى الابن الثاني, وكان في الثامنة والعشرين, وقد جعله قائداً لعموم جيوش المملكة, وقال له: وانت يا روبرتو؟
    فقال روبرتو:
    - الى الامس كنت تقول لي: ان متعة العشرينيات هي الدخول في الثلاثين وكيف اقود جيشاً عظيماً ما لم اتقدم في الخبرة والسنين والحكمة؟
    فقال الاب:
    - لكنك تملك الجأش والذكاء!
    فرد الابن:
    - ان كل جنودي يملكون البأس والذكاء, وما لم استحق القيادة فكيف اظل اقودهم وما لم يكن لي خدمة وأوسمة وفصول عسكرية, فكيف ابقى في قيادتي؟
    وتطلع الملك الى الابن الثالث, وكان هذا في السادسة والعشرين, وقال له باقتضاب: وانت؟
    - انا كيف لي ان اقرر لنفسي وما عرفت من هذا العالم سوى اترابي, فاذا كان البقاء في مكاني يعني هذا السأم الطويل معهم, افضل ان انتقل الى سن اخرى اتجمد عندها.
    فقال الاب:
    - لكنك اذا بقيت في هذا العمر فانك تأمن الكثير من جورح النفس والكثير ايضاً من الام الجسد.
    فاجاب الابن:
    - سلامة النفس نعمة وصحة الجسد منة, لكن هل من الممكن ان نصنع السعادة في الضجر وقلة المعرفة؟
    وعندها تطلع الاب الى الابن الرابع, وكان في العشرين, وقال له:
    - انك يا انطونيو في نهاية الربيع وعلى حافة الصيف وصيفك طويل وربيعك ملكي فماذا تختار؟
    قال انطونيو:
    - ربيعي جاف وكافر. لا ثمراً اعرف ولا نضجاً اشعر والزهور وحدها لا تكمل الحياة فارجو ان تسمح لي بالذهاب الى الصيف حيث الثمر ايضاً.
    فقال الاب:
    - لكنك اذا ذهبت الى الصيف تخسر حقك في الاختيار.
    فرد الابن:
    - سوف افتقد ما عرفت, لكنني ساعرف ما قد افتقد.
    وخاطب الاب ابنه الاخر, وكان هذا في الثامنة عشرة, فقال له:
    - لقد سمعت يا خوسيه ما قاله اخوتك فما رأيك انت؟
    فقال خوسيه بعد تفكير ملي:
    - طالما علمتنا ان متعة الحياة هي في الفصول. وكنت تقول لنا ان حكمة الطبيعة في الفصول ومتعة العمر في السنين, فلماذا تريدنا ان نفقد المتعة ونخسر الحكمة معاً؟
    ولم يبق امام الاب الملك سوى توأميه الصغيرين. فلما نظر اليهما ضحك من دون شيء. وأخيراً تطلع الى ابنته فقالت قبل ان يسألها:
    - سنة الحياة ان اعطيك احفاداً, لكي تدوم مملكتك, فلماذا تتركني طفلة في مجاهل الحدائق, وعلى ضفاف البحيرات تقول لي المربيات ما يشأن, ويعلمنني ما يردن, واتململ كل ليلة من الضجر بسبب حكاية ليلى والذئب؟

    كلمات مفتاحية  :
    عصير الحكمة

    تعليقات الزوار ()