بعد انتصاف الليل تتلاشى تراكمات النهار ويخلد الجميع الى النوم وانا في ساعاتهِ الطويلة أتأمل من هي مليكتي وما بين النوم واليقظة دخلت علي امرأة غارقة في حجابها حتى خُيل لي من رشوة نورها ووقارها انها حورية من الجنة فجلست أمامها ثم نهضت لأقترب ومع كل خطوة أتقدم بها نحوها تتسارع دقات قلبي وأحسست بقشعريرة في جسدي فوقفت لحظات أتأملها ولم يدوم هذا الحال طويلا فبادرتها بالسؤال من انت؟ فأجابتني بصوت حزين انا كنز الحنان وينبوع الرحمة وبحر المحبة الذي لا شاطئ تهوي له تهوي الى الناس من مختلف بقاع الأرض وأحتضن الفقراء والأغنياء وصغار والكبار ومختلف الألوان والألسن وأصبحت معشوقة الشعراء وقبيلة للشهداء ومنارة للأدباء وأسمائي تهوي اليها العظماء اذ في حروف زاكيات سرها مكنون ما مثلها في الكون حاء وسين ثم باء ثم حرف النون وأصبحت اظلاعا وقلبي الحسين وترابي عسل وفيه شفاء انا التي احتويت معنى الأخوة التي ضربت بها الأمثال وهو ان على حلالي قمر أنارت الارض قبل السماء وعلى كفي هُتك خدر لم يرى لم يرى مثله خِدر وسالت على جسمي أودية من الدماء الطاهرة ومن ذلك الوقت أصبحت مسرحاً لأحزان فسكتت وبهذا وجدت نفسي أمام هذه الإنسانة العظيمة فرتميت في أحضانها الدافئة لتغتسل روحي من شوائب وأدران الدنيا ومغرياتها فبهذا عرفت من مليكتي الا وهي "كربلاء"
من شعر للشيخ محمد جواد البلاغي:
سيدي أبكيك للشيب الخضيب سيدي أبكيك لـلـوجـه الـتريـب
سيدي أبكيك لـلجـسم السـليـب من حشا حران بالدمع الذروف
سيدي ان منعوا عنـك الفـرات وسقـوا منـك ظـمـاء المـرهفات
فسـنسـقي كربـلاء بــالعبـارت وكفـاً من غلق القـلـب الأسـوف