وَحُفْـرَةٍ لَـمْ تَكُـنْ يَوْمـاً بِحُفْرَتِنَـا
حَفَـرْتُهَـا بِيَدَيْهَــا دُونَمَـا فَـأْسِ
لِكَيْ أُوَارِي بِهَا جِسْمِي الَّذِي عَصَفَتْ
بِـهِ السُّنُـونُ وَأُخْفِـي حَـرَّ أَنْفَاسِي
قَدْ ضُقْـتُ ذَرْعـاً بِأَسْقَـامٍ أُكَابِدُهَـا
وَعِيـلَ صَبْرِي وَلَمْ أَعْثُـرْ عَلَى آسِ
أَنَا العَنِيـدُ فَمَنْـذَا اليَـوْمَ يَجْهَلُنِـي
فَلْتَسْأَلُوا الخَطْبَ وَالإِفْحَامَ عَنْ بَأْسِي
كَمْ خُضْتُ حَرْبـاً وَكَمْ جُشِّمْتُ مَذْبَحَةً
وَكَـمْ شَرِبْتُ دِمَـاءً دُونَمَـا كَـأْسِ
نَزِيـلَ ثَـوْبٍ بَلَـى لاَ خُـفَّ يَحْمِلُنِي
وَالنَّفْـسُ قَدْ ذَبُلَـتْ مِنْ شِـدَّةِ اليَأْسِ
زَفِيـرُ بُرْكَـانِ قَلْبِـي لَمْ يَزَلْ حَنِقـاً
مُذْ جَـاسَ دَاخِلَـهُ مِهْمَازُهَـا القَاسِي
الحِبْـرُ أَضْحَـى لَدَيْنَـا دُونَ رَائِحَـةٍ
وَالشِّعْرُ ضَاعَ سُدَىً فِي جَوْفِ قِرْطَاسِ
فَارَقْتُ سِجْنـاً فَلَمْ أَعْثُرْ عَلَى وَطَـنٍ
يُزِيـلُ عَنْ مُقْلَتِـي أَشْبَـاحَ حُرَّاسِي
وَلَمْ تَزَلْ دَمْعَتِي الحَـرَّى عَلَى جَـدَثٍ
تَنْسَـابُ مُـذْ مَأْتَمِي قَسْـراً لإِتْعَاسِي
وَارَيْـتُ فِيـهِ حَيَـاةً مِلْـؤُهَا تَـرَحٌ
وَقَـدْ تَصَدَّى لِعَجْـبِ الذَّنْـبِ إِفْلاَسِي
خَوْفـاً عَلَـيَّ مِـنَ الأَهْـوَالِ ثَانِيَـةً
بُعَيْـدَ بَعْـثٍ أَعَـادَ الذِّهْـنَ لِلنَّـاسِ
فَلَـمْ يُـلاَقِ رُفَـاتِي حُضْـنَ نَابِشَـةٍ
تُعِيـدُ رُوحـاً إِلَى جِسْـمٍ بِـلاَ رَأْسِ