هو بشار بن برد بن يرجوخ (96 ـ 168هـ )من طخارستان ويرجوخ هذا سباه المهلب بن صفرة، وجاء به إلى البصرة، ولد بشار ضريراً فأُعتق.
قال بشار الشعر في سن مبكرة. فما كاد يبلغ السنوات العشر حتى تفجرت موهبة الشعر عنده. ونزعت نفسه إلى الهجاء بسبب عماه القبيح ووجهه المصاب بالجدري.
شارك في تحريض الأخوين محمد وابراهيم ابني عبدالله بن الحسن المثنى على الثورة ضد المنصور.
لم ينقطع بشار عن الغزل وبدأ يضمن قصائده المدحية بعض ذكرياته متعرضاً فيها للنساء. وكان فاسقاً شديد التعهر، محباً للهو، مدمناً للخمرة، وكان متكبراً كثير الاعتداد بنفسه، ولا يرى فوقه شاعراً ولا عالماً.
وكان إعجابه بنفسه يثنيه عن مهاجاة سفلة الناس وكثيراً ما يعرض عن جواب لئيم تعرض له.
كانت له آراء وعقائد لصيقة بأصله الفارسي، وعصره الذي انتشرت فيه المذاهب والبدع. وربما حنّ إلى أصله المجوسي ففضل النار على جميع العناصر:
الأرض مظلمة والنار مشرقة
والنار معبودة مذ كانت النار
أجمع الرواة أنه مات مقتولاً بأمر من الخليفة المهدي حيث رماه بالزندقة وجملة الخبر أن المهدي حنق على بشار لهجائه له.
عَدِمتُكَ عاجِلاً يا قلبُ قَلْبَا
أتجعلُ مَن هويتَ عليك رَبّا
بأي مشورةٍ وبأي رأيٍ
تُمَلِّكُها ولا تَسْقيك عَذْبا
تَحِنُّ صبابةً في كل يومٍ
إلى (حُبَّى) وقد كرَبَتك كرْبا
وتهتجرُ النساء إلى هواها
كأنك ضامنٌ منهن نَحبا
أمِنْ رَيحانة حَسُنت وطابت
تبيتُ مُروّعاً وتظلُّ صَبّا
تَرُوع من الصِّحابِ وتَبتغيها
مع الوسواس مُنفرداً مُكِبَّا
كأنك لا ترى حَسَناً سِواها
ولا تلقى لها في الناسِ ضَرْبا
وكم مِن غَمرَةٍ وجواز فَيْن
خَلوتَ بهِ فهل تزداد قُربا
بَكيتَ مِنَ الهوى وهواك طفل
فَوَيلك ثم وَيلك حين شَبَّا
إذا أصبحت صَبَّحَك التَّصابِي
وأطرابٌ تُصَبُّ عليك صَبَّا
وتُمسي والمَساءُ عليك مُرٌّ
يُقلِّبُك الهَوى جَنباً فَجَنبا
أظُنّك مِن حِذارِ البَينِ يَوماً
بِداء الحُبِّ سَوفَ تَمُوتُ رُعبا
أتُظهِرُ رَهبَةً وتُسِرُّ رَغْباً
لقَد عَذَّبتني رَغْبا ورَهْبا
فَمَا لك في مَودَّتِها نَصِيبٌ
سِوَى عِدّةٍ فخُذْ بِيَديك تُرْبا
إذا وُدٌّ جَفَا وأرَبّ وُدٌّ
فَجانِب مَن جفاك لِمَن أرَبَّا
وَدَعْ شَغْبَ البَخيل إذا تَمادى
فإنّ لهُ مَعَ المعروفِ شَغْبا
وقالتْ: لا تزالُ عليَّ عينٌ
أراقِبُ قَيِّماً وأخافُ كلْبَا
لقد خَبَّتْ عليك وأنتَ ساهٍ
فَكُنْ خبّاً إذا لاقَيتَ خبَّا
ولا تَغْرُرك مَوعِدةٌ (لِحُبَّى)
فإنّ عِداتِها أنزَلْنَ جَدْبا
ألا يا قلبُ هَلْ لك في التَّعَزِّي
فَقَد عَذَّبتنِي ولَقِيتُ حَسْبَا
وما أصْبَحتَ تأْمُلُ مِن صَديقٍ
يَعُدُّ عَليك طُول الحُبِّ ذَنْبا
كأنّكَ قَد قَتَلتَ لَه قَتِيلاً
بِحُبِّك أو جَنَيتَ عَلَيهِ حَرْبا
رَأيتُ القَلبَ لا يأتي بَغِيضاً
ويؤثرُ بالزيارةِ مَن أحَبّا