بتـــــاريخ : 11/12/2008 6:36:09 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1485 0


    ســــانــجان

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : ابراهيم كبة | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :
    قصة ســــانــجان

     

     

     

    قالوا له : (أعمى)‏

     

     

    و انتحلوا قوله‏

     

     

    - أدونيس -‏

     

     

     

     

    تهافت (خميس) على بلاط الحانة.تقيأ وزفر ثمّ شهق وقضى نحبه،هرع الى الحانة.تبادل نظرة مقت مع (جبران) .عصره الألم يومئذ.بيد انّه أبدى استهانة ولا مبالاة.الحياة بلا وهج.وأفكاره عائمة في سديم الوهم. (جبران) حيوان.لاتجزع يا (سانجان) عندما تعرف أن الحبّ الكاذب علة نكبات العالم.ولا تجزع عندما تعرف أن (جبران) يحرّك عجلة الموت والحياة.الحبّ الكاذب.كنت سادرا في غفلة عمياء.لولا عبارة (زهران) :‏

     

     

    -ملاسة الأفعى خادعة‏

     

     

    نحن صورة للبؤس والانحطاط ونموذج للشقاء.انّه يرى (جبران) يتمرّغ على رياش وطنافس.‏

     

     

     

     

    وفجأة تغدو نفائس الأثاث جثثا وأشباحا قال لي (جبران) هازئا كدأبه:‏

     

     

    -أنا أتنزّه بين الجراذن والسحالى‏

     

     

    -ألا تهاب الثعابين؟‏

     

     

    -لاأهاب شيئا‏

     

     

    الزمان شلال مياه.الى أين تجرى.الى هاوية الفناء. (زهراء) بلسم الجفاف والمرض والجنون.ليست امرأة بل ملاك.قال (زهران) :‏

     

     

    -ما الذى تخشاه؟‏

     

     

    -الأكاذيب يا زهران الأكاذيب.وسكّين (ابن سينا)‏

     

     

    الليل ساج،والكون ساكن.تناهى اليه صرير جندب.الليل يطلب النّهار حثيثا.توهّج نجم أحمر في أديم حالك.للصمت هدير.عابثته الأطياف.تنسّم أنفاس ماض هانئ. (زهراء) تردّى في عتمة اليأس.يبتكر أنشودة للعدم والفناء.شيّعت عيناه قمرا صناعيا طائفا حول الأرض الى أن ابتلعه الظلام.العالم قرية كبرى. (زهراء) تتراءى غصن بان.الرّبيع عرس. والأطياف تتبدّى بهيجة متعاقبة. الحلال بيّن والحرام بيّن.اذن لم لا أهجع.جناحي منارة خضراء نظمت الشعر آونة ثم صدفت عنه.سرعان ما خوى وفاضي وهجرت الشعر والكتابة.لانظير لما أكنّه لك يازهراء.ولا نظير لما أجنّه للعالم.‏

     

     

    أدركت أنّ الطبيعة أمّ الاختراعات.وأنّ العين يجب أن ترى .نفحة فقط كنغمة الأمس.كنّا أنا والطبيعة صنوان.حين هاجت الرّيح وثب قرد خائف الى غصن شجرة وتوارى بين الأوراق.الطبيعة دنيا الالهام.وهذا سرّ خمرة (جبران) .‏

     

     

    -سانجان.لقد نمت‏

     

     

    -حقّا‏

     

     

    - خميس مات في الحانة.‏

     

     

    -خميس مات؟‏

     

     

    عدا كالمجنون نحو الحانة.تردّى (خميس) في بقعة القيء والدّم والكحول.قال (جبران) هازئا:‏

     

     

    -جنى على نفسه‏

     

     

    لاتقتل على الظن يا زهران.قلت له:لا تبتعد كثيرا يا خميس. المدينة الآن مباءة.احذر الليل و (جبران) .أبى وخرج لا يلوى على شيء.فلمّا أزهق (البراندى) أنفسه خلّف حزنا طويلا وألما لا يسكن.‏

     

     

    -ضحية أخرى؟‏

     

     

    -قلت له كفى‏

     

     

    -كاذب‏

     

     

    حسبي عناء وضنى يا (جبران) .أنت لاشأن لك الاّ الأذى والاذلال‏

     

     

    -قلت له كفى‏

     

     

    ثمّ أردف:‏

     

     

    -لاتبتئس.انّه ضال‏

     

     

    -لاضلال الاّضلالك‏

     

     

    اغرورقت عيناه وهمى دمعه.خلّف ذريّة وامرأة بلا عائل.حين اهتدى الى سرّ خمرة (جبران) .بيت زهراء كعبة سانجان. الحركة تمور حتى تجنح الشمس للمغيب.قرأ جرائد المساء.‏

     

     

    تسمّرت عيناه على يافطة (متحف الرقة) .قبض عليه غلمان قصر السلطان صرخ فزعا:‏

     

     

    -أنا برىء‏

     

     

    هوى سيف الجلاّد على عنقه.تدحرج الرأس على الأرض.ردّد صائحا:‏

     

     

    -أنا لست سانجان.أنا برىء‏

     

     

    (سانجان) أضحوكة الملأ.لكنّه لا يعبأ.انّي بلا شيطان.الحلم حصان طراودة.واليقظة حصان طروادة.أنا ألثغ.في أحلامي أحيا في حصن (سيلكون) يتوّهج تحت الشمس كنجم درّى.أنا لست فقاعة بل طوفان.قال زهران:‏

     

     

    -لقد تبرّمت به‏

     

     

    -انّ عينا حمراء ترصد حركاته وسكناته‏

     

     

    عبّ من أنسام الربيع وزفر قائلا:‏

     

     

    -سعى الى حتفه‏

     

     

    انطوى قلبه على آمال ومنى.لم لاتزهر الأرض.ويجرى الماء.‏

     

     

    خميس أضحية الحياة.اصغى الى أزيز الصمت.صمت كتيم طمر صراخ الأعماق ولهاث الكدّ والضنى.قال لنفسه:بداية جائرة. يموت خميس عندما أعرف سرّ خمرة (جبران) .‏

     

     

    -سانجان. أنت تبكي‏

     

     

    اليأس والحزن والحيرة. وحدس غامض هامس يجرف طمأنينته. ويعبث بدعته. قال له زهران:‏

     

     

    -انّ زهرة الحياة تنمو في كهف في علياء الجبل. هي بلسم الموت وترياق النجاة.‏

     

     

    ربّما كنت تائهاً هائباً لكنّي ذو عزيمة ومضاء. دهمه النّعاس فأسبل جفنيه دون أن ينام. هفا إلى الدّف والسعادة. اللهم حنانا. نفث دخان سيجارته في فضاء الحجرة.‏

     

     

    -زهرة الحياة ؟‏

     

     

    ربما تأتى لي أن أحظى بها. عندئذ يعود ندى الحياة إلى جثمان (خميس) . والابتسامة إلى محيّا (زهران) . حين صرخ. زهران. لاتيأس ولا تقنط. قضم الوحش رأسه. هاله ذواء زهراء لا تجزع انّها سكرة. هذه الأغلال لا تلبث أن تلين. اختزن وتأمل اعتصر ماترى ولا تثب. تفرّس مليّا. انحنى (زهران) على قيثارته فرى الشجن والحزن أعماقه. أنغامه تؤسيه وتؤجج أساه ونكده.‏

     

     

    لا تأبه للصخب والضوضاء. وأنصت إلى أنعام (زهران) . تساءل ذاهلاً:‏

     

     

    - أين أنا؟‏

     

     

    قال له (جبران) هازئاً:‏

     

     

    - أنت في أرض الأحلام والمنى.‏

     

     

    - لا نراك الاّهازئا.‏

     

     

    - انّه عطف.‏

     

     

    -عطف‏

     

     

    لزوجة الأخطبوط بغيضة. عيناى جاحظتان كمن يرتقب طعنة نجلاء.الأضواء لا تبدّد عماء الظلام. كانون الثاني عات. قضى سحابة الليل في تفكير عقيم. لايعزب عنه مثقال ذرة. السماء باتت نائية والأنجم غائرة. وأنا كمن ولد للتيه. أزاول تمرينات ( زن) اليابانية سدى. تماوج لسان لهب انبعث من ذبالة سراج.‏

     

     

    هجعت المدينة وأجفاني لا تغيض. لم لا أسكن شأن سائر الأحياء .‏

     

     

    -زهران. أن السماء توشك أن تلد.‏

     

     

    - تلد؟.‏

     

     

    -فاجعة ومأساة؟.‏

     

     

    أنا ظامئ إلى قطرة ماء. إلى خفقان جارحة حانية . الحياة تفنى ويلد العدم ملهاة أخرى.‏

     

     

    - ياجبران. أنت ابن سفاح.‏

     

     

    - هراء‏

     

     

    - كنت تدعى جابرا.‏

     

     

    - هراء.‏

     

     

    استلَّ (جبران) مدية وهجم على ( سانجان) . تفاداه وأسلم ساقيه للريح. صرخ (جبران ) هائجاً:‏

     

     

    - أيها الجبان .‏

     

     

    تردّد لهاثه سريعاً.‏

     

     

    -جبان.لولا أنّك جبان‏

     

     

    أين المدينة؟لاأرى ألبتة سوى بريّة وعراء.بريّة بلا عمران ولا نبات ولا حيوان.حتى الضّباب اختفت والأشواك.والآفاق قضبان وجدران.أرض جرداء.لاشيء ثمّة الاّ الريح وظلّ (سانجان) .أين الجن.والسعالى.وسليمان الحكيم؟‏

     

     

    أصغى الى أنفاس الليل.أنعشه النّسيم.أشجاه منظر السماء.بهره سلطان الأحلام.الزمن يمرّ بتؤدة وبطء.دوّى نبض الدّم في شرايينه.لاتمت أنت أيضا يا (زهران) .خمرة (جبران) هي سرّ بلاء (خميس) .وسرّ هناءة (جبران) واغتباطه.تريث ولا تتعجّل.لكن خميس رميم الآن.انّه أضحية.لولاه لما أدركنا أنّ للموت أسباباً وللبقاء أسباباً.نفث الأفق غمامة تلو غمامة.أنس الى سائمة هائمة.اختلجت أجفانه برهة.تتلوّى امرأة في عتمة دكناء. الليل عاتم الأديم.لم لاترى تحت نور الشمس.حياة الليل أعتى وأجلى.لاتفرق اذن من نأمه.‏

     

     

    حين جازف وأشاع سرّ خمرة (جبران) جعلت (زهراء) تذوي.ناوشته الالسن وقالة سوء عمياء.ذرهم بلا لبّ ولا عين ولا أذن لولا أنّ (زهراء) تموت لما بالى.ثمّة أغان تنبعث من حانة.المدينة الآن سوق نخاسة ورقيق.وهي غارقة في سبات سرمد.تريث يا سانجان.‏

     

     

    (جبران) اللئيم.عندما تحيق به دائرة السوء وغاشية الشؤم.عندئذ فحسب تنجاب غمامة اليأس عنّي.ندب حظّه حين لفحه هواء سيّارة دكناء.اكفهرّ وجهه غداة درى أن (جبران) غدا كاهن هيكل المدينة.هتف صائحا:‏

     

     

    -كاهن؟.لكنّه عاص وأخرق‏

     

     

    -لا غضاضة.أنت لا تفقه مغزى اصطفائه‏

     

     

    قال له:‏

     

     

    -هب لي آية‏

     

     

    أجاب وقد طوى عنه كشحا:‏

     

     

    -اجلب لي غلال المدينة‏

     

     

    بدا قوس قزح جليّا غبّ شؤبوب.واتته فرصة ونحن الآن على فوهة بركان. جلجلت ضحكته حين بدا له في حلم من أحلام يقظته.لعل الحياة فانتازيا؟.هراء.الحياة صلاة ودعاء.نعم الاصطفاء وأيم الله. غدت المدينة أطلالا.ذهبت ضحية عسف عاصفة هوجاء.نظر بأسى الى ذواء وعجف (زهراء) .تسلل شعاع شمس وان من بين أهداب الغمام.قال له (جبران) :‏

     

     

    -الالهام في اللعب والعبث‏

     

     

    تداعى الصمت وتعالى الأنين.سال عند مه‏

     

     

    -سانجان أنت تبكي؟‏

    -لاتمت أنت أيضا يا زهران.احترز من الليل وخمرة (جبران

    كلمات مفتاحية  :
    قصة ســــانــجان

    تعليقات الزوار ()