يعتبر علم الصيدلة الجينية (Pharmacogenetics) علم الدواء وصناعته هذا القرن.
وهذا العلم سيقوم بدراسة القواعد الجينية التي تحدد إستجابة المريض للدواء وتحديد ما يسمي بالدواء الشخصي لكل مريض ولكل مرض يصاب به . لأن كل شخص تختلف طبيعة جسمه في التعامل مع الأدوية عن الآخرين سواء في إمتصاص الخلايا له أو تكسيره بها أو التخلص منه .
مثال :فهناك أشخاص تمتص أجسامهم الدواء ببطء أو قد لا تكسره خلاياهم بسهولة مما لا يجعلهم يستفيدون منه .
فبعض الأشخاص لا يمتصون مثلا فيتامين (ب12) من الأمعاء فتظهر عليهم الأنيميا الخبيثة . لأن هذا الفيتامين يدخل في تكوين كرات الدم الحمراء بالجسم . ولقد توصل العلماء من خلال علم الصيدلة الجينية إلي الجين الذي يلعب دورا أساسيا في إمتصاص الخلايا للدواء. واكتشفوا أن كل شخص لديه مضخة داخلية تمنع وصول المواد السامة داخل الخلايا مما يمنع تلف الأنسجة .
وهذا ليس معناه أن الدواء سيء. لكنه يعتبر أنه جسم غريب عن كيمياء الجسم . وبعض الأشخاص تكون لديهم هذه المضخة بطيئة فتظهر عليهم الآثار السيئة للدواء وقد تكون سريعة الأداء فتتخلص من الدواء بسرعة قبل أن تستفيد منه الخلايا بالجسم .
فوصف الدواء مستقبلا سيخضع لآلية جينات المرضي . وهذا ما يسمي بالآلية الدوائية الجينية حيث سيتعرف من خلالها علي كيفية تجاوب جسم المريض مع الدواء العادي .لأنه سيتعامل من خلال إمتصاص الخلايا له وكيفية تأثيره وتكسيره بها وخروجه منها للتخلص منه . والجسم لو امتص الدواء ببطء أو بنسبة قليلة , فإنه لن يستغل تأثيره القوي علي المرض . ولو لم يتكسر بسرعة , فإن المريض سوف يحصل علي فوائد أكبر منه إلا أن تأثيره الجانبي سيكون بلا شك مؤكدا ..
وسوف يتعرف العلماء علي الإختلافات في الجين للتعرف علي كيفية تعامل الخلايا بالجسم مع الدواء .فكل شخص كما سبق وأن أشرت ,لديه مضخة ذاتية لمنع المواد السامة من الدخول داخل الخلايا للحفاظ علي أنسجتنا من التلف . وعمل هذه المضخة الواقية ليس معناه أن كل دواء سيئا . لأنها تتعامل معه علي أنه غريب عن كيمياء الجسم . وبعض الأشخاص لديهم هذه المضخة أكثر نشاطا . لهذا تتخلص الخلايا من الدواء بسرعة قبل أن يحقق تأثيره العلاج .
وحاليا .. يمكن التعرف علي بعض المرضي الذين لديهم تحويرات خاصة بجيناتهم ويمكن للأطباء التوصل اليها من خلال المسح الجيني لهم . ففي حالة النشاط الزائد في المضخة الدوائية الواقية سوف يصف الطبيب كميات أكبر جرعة من الدواء للتغلب علي سرعة تخلص الجسم من الدواء ولفظه قبل أن يحقق تأثيره العلاجي بالخلايا المريضة .
وهذا المسح سيتم من خلال التعرف علي الدنا (DNA ) في نقطة دم تؤخذ من المريض. وهذه التقنية سنطرح بالأسواق في شكل أجهزة تحليل يطلق عليها قارئ الجينات أو ماسح ( الدنا) وهما عبارة عن رقائق جين خاصة . ومن خلالها يتعرف الطبيب علي مدي إستجابة المريض للدواء أو حساسيته له .لأن أي دواء لعلاج مرض ما لن ايكون مناسبا لكل الأشخاص حسب طبيعة التكوين الجيني بخلاياهم . فبعض الأشخاص قد يموتون من تناولهم لبعض الأدوية حتي ولو كانت مضادات حيوية أو أقراص حموضة بسبب جيناتهم .
وقد ظهر علم الصيدلة الجينية وكيفية المسح الجيني لدم المريض لتجديد نوع الدواء وجرعاته لكل شخص . كما أن قارئ الجينات سيعاون الأطباء علي إختيار الدواء الآمن .لهذا سيوجد علم الأدوية الجيني (Pharmacogenomics) الذي سيتم من خلاله تحضير نوع الأدوية وجرعاتها التي سيتناولها كل شخص ويعاون الطبيب علي إختيار الدواء الآمن والفعال بالنسبة له حسب نوع الدنا لديه. عن طريق فحص عينة دمه فوق عدسة فحص جينات دقيقة في حجم طابع البريد . للتعرف علي نظام ما يسمي بالإنزيم الشارد (التائه) (Errant enzyme ) ويطلق عليه ( P 450 ) والذي يؤثر في التمثيل الدوائي للأدوية الشائعة بخلايا الجسم .
وهذه الطريقة تبين الإختلافات في الجين مما يجعل بعض الأشخاص معرضين للهبوط في ضربات القلب فتصبح غير منتظمة وقاتلة بعد تناول أي دواء حتي ولوكان من الأدوية الشائعة . وهذا الإختبار الأنزيمي يعرف بالإختبار الجيني للدواء .
وعن طريق رقائق الجينات سوف يكتشف أي الأدوية سيكون فيها خطورة علي المريض من خلال المسحة الجينية . وسيطالع الطبيب النتائج لتحاشي الدواء القاتل .
لهذا سيكون وصف الدواء تفصيلا وحسب طبيعة جسم كل مريض وليس حسب المرض ذاته. لأن كثيرين يعالجون من الآثار السيئة لبعض الأدوية وبعضهم يتعرض للموت منها . فلقد وجد أن 7%من الأشخاص ينقصهم إنزيم (P 450) مما يجعل بعض الأدوية تصل الي السمية بالجسم وبعضهم لديهم هذا الإنزيم يعمل بسرعة ونشاط زائدين . فيتخلص الجسم من الدواء سريعا قبل أن يعالج المريض . وبعض الأدوية تؤثر علي الأدوية كأدوية سرطان الدم (اللوكيميا). لهذا نجد بعض الأشخاص حساسين لبعض الأدوية وآخرين لديهم مقاومة لها .
وهذا سببه تحوير في الجين الذي يشفر إنزيم (P450) الذي يلعب دورا أساسيا في التمثيل الدوائي وفاعلية الدواء المعالج .إلا أن هذه الآلية لم يتعرف عليها العلماء بعد بالتفصيل .