هل من الضروري أن يوافق المدمن علي علاجه ؟
للتذكرة والتصحيح
العرف و القانون. ومدي ضرورة موافقة المدمن علي العلاج
يقال :
إن من يرغم علي علاج الإدمان لا يشفي بنفس الدرجة التي يشفي بها من يتطوع للعلاج
ونقول :
ان الإقبال علي العلاج واختياره هو أمر مطلوب وجيد ومحبب .
ولكن ليس كل إقبال هو إقبال .
وكذلك فان المبالغة في قيمة هذه الموافقة الصريحة والكاملة، والحرص عليها وتفضيلها عن وسائل الضغط الاخري من الأهل أو القانون أو العلاقة الطبية قد يترتب عليه تأخير فرصة العلاج يترتب عليه بدوره أزمان الحال أو ضياع الفرصة .
ويحاول القانون أخيرا ان يخير المدمن ( المتعاطي ) – بشكل أو بأخر – إما ان يعالج وإما ان يعاقب خصوصا إذا كان الإدمان راجعا المرة تلو المرة، أو كان في الأمر مخالفة صريحة للقانون، ويكون وقف تنفيذ العقاب مشروط أو بالعلاج وتحديد نتائجه .
وفي السعودية – مثلا – إذا دخل احد المواطنين للعلاج ( مستشفيات الأمل ثلاث مرات ) فإنه لا يدخل المرة الرابعة إذا ضبط متعاطيا، أو اعترف بذلك أو طلب العلاج لا يدخل المستشفي بل السجن مباشرة دون إعطاءه فرصة رابعة ونحن لا نناقش هذا الأمر ومدي جدواه ومعناه هنا ولكننا ننبه إلي ان مسالة اختيار العلاج ليست دائما هي الأصل حتى من وجهة نظر القانون .
وفي بعض البلاد الأوربية يكون الاختيار الثالث (غير السجن، والعلاج القهري) هو ان يمضي خدمة إجبارية إضافية في الجيش ، يتم فيها التأهيل ضمنا.
ثم ان هناك جانبا آخر لهذه القضية لا يقتصر علي المدمن بل يمتد إلي المرضي النفسين أو العقليين بدرجات مختلفة وهو أنه في الوقت الذي يرفض فيه المدمن ( أو المريض ) العلاج ظاهرا، يوجد كيان آخر داخلة طيب ومقهور وجاهز للعلاج، وهذا الكيان الداخلي لا يستطيع أن يعبر عن نفسه مباشرة، رغم أن الطبيب قد يسمعه يستغيث في صمت، لكن في حالة الإدمان، فإن هذا الكيان الداخلي للمدمن، وهو المستغيث في صمت، إنما يزداد قهره ومنعه عن إعلان الاستغاثة انه مشلول الإرادة ممنوع من الظهور نتيجة لقهره بالإرادة المخدرة.
وفي هذه الحالة، ومن خلال العلاقة العلاجية الصعبة والمعقدة، يجدر علي الطبيب – والأهل – ان يخاطب هذا الكيان الداخلي، وأن يعقد معه صفة العلاج بشكل أو بأخر.
بمعني ان يتواصل المعالج مع حقيقة الخير والطيبة وحب السلامة ورفض الضرر الموجودة جميعها في كيان المدمن بشكل أو بأخر وسوف يفاجأ الطبيب – والأهل أنه بمجرد ما يزال القهر الذي قهر به المريض نفسه باستعمال المخدر فأن هذا الكيان الذي وافق سرا علي العلاج في البداية يظهر إلي السطح ويعترف بالجميل ويواصل العلاج .
وغاية القول هو إلا نستسلم لهذه الشائعة القائلة: انه لا بد من الموافقة الصريحة علي العلاج من قبل المدمن شخصيا وفي نفس الوقت نحرص علي عدم تجاوز الحدود القانونية ولنتذكر في هذا الصدد ما يميز مجتمعنا الطيب علي الوجه التالي:-
المهم ألا نحرم أحدا من العلاج استجابة لإشاعة " ضرورة الاختيار والموافقة " وأن نحسن الأنصاب للصوت الداخلي وان نحسن فهم الموافقة الضمنية
العلاج الجمعي والألعاب العلاجية
من قبيل التقدمة:
لا شك أن الإدمان علي ما فيه من سلبية هو ظاهرة جماعية بشكل أو بأخر وفي ثقافة المجتمع المصري نجد ان ثمة مواد لا تؤخذ إلا في جماعة مثل تدخين الحشيش في الحوزة مثلا لكن مواد أخري تؤخذ في وحدة وأحيانا في السر مثل شم الهيروين أو حقنة لكن سواء أخذت المادة والمدمن منفرد أم في جماعة فان السلوك الادماني يجذب أفراد هذه الفئة بعضهم إلي بعض سواء رجع ذلك إلي تماثل في الصفات قبل التورط أم أرجع إلي طريقة الحصول علي المواد وأماكن التعاطي والمشاركة في التجربة أو في المصيبة أو فرص التجمع في مراكز العلاج كل ذلك يخلق منهم جماعة خاصة بالضرورة .
من هذا المنطلق فان معظم برامج العلاج والتأهيل تتم في جماعة ويقع العلاج الجمعي من بين أهم الوسائل التقليدية لعلاج المدمنين .
لذلك وجدنا ان من أهم ما يمكن ان نقدمه في هذه النشرة هو توضيح بعض مفاهيم العلاج الجمعي الذي يمكن ان يستفيد منه المدمن بشكل أو بأخر .
وبداية لا بد ان نشير الي ان العلاج الجمعي ( أو الجماعي ) له دور خاص بين كل هذه النشاطات الجماعية ولا يمكن الحديث عن كل المميزات التي تميز كل أنواع العلاج الجماعي كافة لأنه مثل سائر العلاج النفسي يختلف باختلاف المدرسة كما يختلف باختلاف خبرة المعالج ( المعالجين ) لكن هناك عوامل مشتركة في هذه العلاجات نوجزها فيما يلي:-
ونكتفي بهذا القدر من التقديم لنعرض مبدأ لعبة بسيطة جرت في مجموعة علاجية من المدمنين وسوف نعرض الآن الفكرة والهدف والبداية ثم نرجع إلي التفاصيل والتأويل في عدد قادم ان شاء الله
اللعبة :
بدأت الفكرة حين كان احد أفراد المجموعة يتفاعل ويختبر مدي اهتمامه بسائر أفراد المجموعة أو بواحد منهم ( بالا صالة عن نفسه وربما بالنيابة عن كافة أفراد المجموعة ) فنبه المعالج إلي ضرورة إعادة النظر في حكاية الاهتمام هذه ، وكأنها واجب أخلاقي لازم طول الوقت كما بين انه لو أنها كذلك فانه يكون اهتماما زائفا أو مؤقتا وبالتالي قد لا يصل إلي الأخر بما يفيد كذلك قال المعالج ان المجموعة تمثل ثلة من الناس (شلة) جمعتهم ظروف متشابهة ( الاشتراك في الإدمان ) وهي ظروف سيئة وان المسالة تبدو وكأننا نريد ان نحافظ علي ان تظل الشلة شلة ولكن يجمع أفرادها ظروف حسنة ومفيدة وهي ظرف العلاج وقال المعالج ان الأمر قد لا يكون كذلك تماما فنحن لا نريد ان نحل شلة محل شلة ولا نريد ان نظل نحتمي ببعضنا طول الوقت وان علينا نتدرب ان نمر برحلة يرجع فيها كل واحد إلي نفسه ، يختبر حقيقة اختياره ومدي احتياجه للأخر ومدي قدرته عل الاستغناء عنه حتى إذا عاد ليكون الشلة الجديدة كونها بنوعية مختلفة وليس بتداخل مع بعضها البعض تضيع فيه معالم الشخص ويصبح أكثر احتياجا واضعف وجدانا وأرخي أراده واقترح المعالج ان يلعب كل واحد ( مع فرد أو أكثر لعبة تسمح له بتأكيد اختياره في الاهتمام بالأخر أو عدم الاهتمام بحسب ما تأتي إليه الألفاظ حتى يكتشف نفسه ثم يري .
وكانت اللعبة هي ان يقول كل واحد لمن يشاء وبالاسم جملتين الواحدة تلو الأخرى ثم يكمل ما يأتيه من ألفاظ (دون تفكير ،مهما كانت ، حتى لو كانت بلا معني ، أو ليس لها علاقة بالموضوع الذي أثير) .
وكانت الجملتان هما
أنا حاهتم ببك حتى لو.... ( ثم يقول أي كلام )
أنا من حقي ما هتمش بيك حتى لو..... ( ثم يقول أي كلام )
وقد لعبها الجميع وكالعادة قاوم البعض واحتج آخرون وأصروا أنهم لا يفهمون كلما قاوم احدهم تحايل المعالج أنها لعبة وأنها أي كلام وانه ليس مهما ان نخرج منها بشيء محدد وهكذا .
وسوف نعرض للنص والتعليق التفصيلي في عدد قادم كما وعدنا لكننا نكتفي هنا بالإشارة إلي عموميات مفيدة تدور حول فكرة ضرورة التأكيد علي درجة من الاختيار في العلاقات وكذلك ضرورة فهم أن أي علاقة أو احتياج هما عرضة للقطع أو الحرمان، وان تعاون البشر مع بعضهم البعض لا يعني اختفاء ذواتهم وأننا نجحنا ان نلتقي ونفترق ان نهتم بمحض أرادتنا علي الرغم من معرفتنا بقصور أو عزوف من نهتم بهم وأن نستغني لذا لزم الأمر علي الرغم من ان الآخر قد يكون في اشد الحاجة إلينا أو نكون نحن في اشد الحاجة إليه إذا تدربنا علي هذا وذاك قد ننجح أن نمارس علاقات أكثر حرية وأطول عمرا ونحن نبني أنفسنا وسط آخرين يحاولون نفس المحاولة، بنفس الشروط.
صحيح أن بدت أكثر برودة في العواطف وأقل خطابة وشهامة...
لكن الأصح ان اغلب أفراد المجموعة انتبهوا إلي الفرق بين "المفروض " وبين ذلك الذي ينبع من وعي صادق مسئول ، وكذلك الفرق بين الانتقال من ثلة سيئة ألي ثلة حسنة وبين تنمية القدرة علي اختيار الأحسن و الأبقى .
( والي حديث آخر أكثر تفصيلا في عدد قادم ، نقترح علي القارئ أن يلعب اللعبة ولو في السر مع أحد الأصدقاء أو المقربين) .
أبحاث علميــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــة
قراءة – وتعليق – ( و أمل في تطبيق)
من قبيل التقدمة
كثرت الأبحاث في مجال الإدمان بشكل لافت النظر وهذا أمر متوقع بلا أدني شك ، ولسنا هنا نبحث عن الدافع لاجراءها ولا نتساءل عن مصدر تمويلها أو مبررات انتشارها فالإجابات بديهية والظاهرة خطيرة والمهتمون كثيرون ونحن نبارك ونتأمل ونحاول ان نساهم من موقعنا المتواضع بأي جهد حقيقي ونبدأ نمسك ببعض ما يصلنا من أبحاث نحاول أن نتمعن قراءتها حتى ننتقل بالبحث من ان يكون هدفه النشر إلي ان يكون هدفه الانتشار : انتشار نتائجه بما يفيد ولن يتم ذلك إلا بقراءات نقدية واقتراحات لترجمات عملية .
ونأمل ان يتسع صدر كل من نتناول بحثه بالقراءة والنقد ليحاورنا ويهدينا إلي ما غاب عنا وأن نشجع القارىء غير المتخصص ليسهم معنا في النقد والاقتراحات
البحث الأول :
فكرتنا وهدفنا من عرضه : عرض دقة الأبحاث في الخارج ومساحة الحرية وأثر الوراثة واختلاف العادات – خاصة عادات النساء – بيننا وبينهم.
اسم البحث:
استعمال الحشيش( الكانابس = القنب ) وسوء استعماله ، والاعتماد عليه في عينة من التوائم الإناث *
( المجلة الأمريكية للطب النفسي المجلد 155 العدد 8 أغسطس 1998 ص 1016 – 1022 )
الموجز
أجري هذا البحث علي عدد من توائم الإناث في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك عن الطريق السؤال التليفوني لـ 485 من التوائم المتماثلة، وكذلك 335 من التوائم غير المتماثلة، وكان التصنيف علي أساس (1) يستعمل (2) يستعمل بإفراط (3) يسيء استعمال (4) يعتمد علي المادة (حسب التقسيم الأمريكي الرابع ) .
وقد أظهرت النتائج ان حوالي ( مع التقريب إلي واحد صحيح ) :
وبتحليل الناتج أكثر ظهر ما يلي :
القراءة
(1) عن الطريقة
(ب) التعليق ( والتطبيق )
(2) البحث الثاني :
فكرتنا وهدفنا من عرضه: أهمية حرص الأطباء إذ يصفون العقاقير التي يمكن ان تحدث إدمانا مثل الدايزبينات ( ومنها الفاليوم، والأتيفان ، و الـ En الخ) .
اسم البحث:
دراسة علي مستخدمي البنزوديازبينات بين السودانيين الراشدين ( معدل وصف العقار والاعتمادية)
( المجلة المصرية للطب النفسي المجلد 21 العدد 1 يناير 1998 ص 57 – 63 )
الموجز:
تم إجراء هذا البحث علي 11184 من المرضي السودانيين المترددين علي العيادات الطبية والطبية والنفسية الخارجية خلال فترة تسعة شهور لدراسة كل حالات استخدام عقار البنزوديازيبن ، وأظهرت النتائج ان معدلات وصف العقار كانت 4.64% وتتشابه هذه الأرقام مع معدلات المنشورة في الدول الصناعية المتقدمة .
وقد تبين أن معدلات وصف هذا العقار اعلي في المرضي الباطنيين عنه في المرضي النفسيين ويبدو أن درجة الاعتمادية علي هذا العقار تقدر بحوالي 54% وارتبطت فترة استخدام العقار مع شدة الاعتمادية عليه .
وقد تبين أن فترة استخدام العقار ( بغض النظر عن نوع البنزوديازبين المستخدم ) تعتبر عاملا أساسيا في الاعتمادية كذلك درجة إمكانية الحصول علي العقار بطريقة سهلة وتساهل الأطباء في وصفه كما تبين أن اغلب المستخدمين يتعاطون العقار بجرعات يومية بمعدلات مرتفعة نسبيا ، وأخيرا وجد أن من يتعاطى هذه العقاقير يغيب أكثر عن العمل ويكون عرضة للصدام مع القانون وكذا لإطلاق عدوانيته .
القراءة
(1) عن الطريقة
لا شك أن هذا العدد الضخم شيء طيب جدا في الأبحاث التي تجري في منطقتنا بإمكانياتنا المتواضعة إلا إننا نحتاج أن نتذكر دائما ألا نستسلم ببساطة للأوراق التي بين أيدينا فما زالت طرق الرصد غير دقيقة بصفة عامة ونحن لا نشكك في هذا البحث ، خاصة وأن الدراسة الأعمق أخذت علي حالات لها محكات منضبطة .
(ب) التعليق ( والتطبيق )
(3) البحث الثالث:
فكرتنا وهدفنا من عرضه: إظهار كيف ان الإدمان لا يؤثر فقط علي المدمن نفسه بل علي أبنائه وبناته ، مما نأمل معه ان تزيد مسئوليته فيكسب حافزا جديدا للعلاج .
اسم البحث :
الاضطرابات النفسية لدي الأطفال الذكور لإباء يسيئون استخدام العقاقير*
( مجلة الطب النفسي المعاصر المجلد الخامس العدد الثاني يوليو 1998 ص 125 – 132 )
الموجز :
تم أجراء هذا البحث علي عدد من ( المتعاطين ) المدمنين يبلغ عددهم مائة ابن تتراوح أعمارهم بين 9 ، 12 سنة كما تمت مقارنتهم بمائه طفل آخرين من أباء غير مدمنين وكلا العينتين من المترددين علي مستشفيات جامعة الأزهر من فبراير إلي أغسطس 1997.
وقد أظهرت النتائج أن 22% من أبناء ( المتعاطين ) المدمنين مصابون بالقلق و15% منهم مصابون باضطرابات في النوم ومثلهم بالتبول اللآ إرادي و11 % بإضطرابات في الآكل 10% باضطرابات في الكلام 6% باضطرابات نفسيه جسمية .
وبالنسبة لاضطرابات السلوك تبين ان 37% مصابون بهذا النوع الذي توزع كالتالي: ] المعارضة المتحدية 15% - النشاط الزائد 12% والجنوح الاجتماعي 10% ] .
القراءة
(1) عن الطريقة
وعلي الرغم من كل هذه الملاحظات فان البيانات التي وردت في النتائج دالة ومفيدة .
(ب) التعليق ( والتطبيق ):