بتـــــاريخ : 11/17/2008 6:52:32 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1358 0


    الحائط

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : رياض خليل | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :
    قصة الحائط رياض خليل

     

    زوجتي روت لي هذه القصة الطريفة، عن أمها، عن أصحاب العلاقة مباشرة، وهم من معارفها وجيرانها في آن واحد.‏

    هشام... العريس في حي الصالحية الدمشقي المعروف. وهو شاب في الثلاثين من عمره، يميل إلى السمنة والاعتدال في الطول، تربّى في جوّ تقليدي عادي... محافظ إلى حدّ ما. وهو من أسرة متوسطة الحال مادياً واجتماعياً. وتمكن هشام من متابعة دراسته، والتخرج كمهندس ميكانيكي، ونجح في الحصول على عمل أيضاً، استطاع شراء شقة من غرفتين وصالة.. وأثثها خلال سنوات قليلة.. أما اهتمامه بالجنس الآخر فقد كان شبه معدوم، بعضهم يعزو السبب إلى طبيعته الخاصة الخجولة والمحافظة.. والمهم أنه لا يعرف إلا القليل عن النساء ومعاشرتهن.‏

    ناهد في الخامسة والعشرين من عمرها، لديها محل للحلاقة النسائية، وتملك شقة محترمة في حي كفر سوسة، حيث ولدت وترعرت في كنف أسرة ميسورة، وناهد تتمتع باستقلال نسبي، وحرية كافية لاتخاذ قراراتها بنفسها، كانت مدلّلة من في أسرتها، ولا ينقصها شيء سوى عريس الهنا.‏

    لمياء هي أخت المهندس هشام، وصديقة ناهد، وكانت لمياء تتردد إلى صالون ناهد، كلما رغبت في قصّ شعرها وتسريحه، وكانت ناهد بدورها تزور لمياء في بيتها... وبالتالي تعرف أفراد الأسرة، الأب.. الأم.. الإخوة.. والأخوات وهم بدورهم يعرفونها. ويعرفون وضعها.. وكل شيء عنها... وعن أسرتها....‏

    وفي حين أن ناهد لم تلفت انتباه هشام، كانت أم هذا الأخير وأخته تفكران في تزويجه بناهد. وأطلعتا الأب على الفكرة، فوافق دون تردد، لأنه كما قال عن ناهد:‏

    بنت مكملة... لا ينقصها شيء.... جمال ومال وأصل....‏

    طرح الأهل الفكرة على المهندس هشام، فوافق، وفي اليوم التالي زاروا بيت ناهد، وتولت لمياء جسّ نبض ناهد واستطلاع رأيها بالموضوع، تجاوبت ناهد، ووافقت، وتم الاتفاق على فتح الموضوع مع أهل ناهد بعد يومين.‏

    اجتمعت الأسرتان.. وقرأ الجميع الفاتحة.... بمناسبة الخطبة.‏

    واتفقا على "كتب الكتاب" خلال أسبوع، وبعد مفاوضات شاقة اتفق على أن يكون معجل الصداق مائة وخمسين ألف ليرة، ومؤجله مائة ألف فقط، وقد تم كل هذا في حينه.‏

    وعرف من بعض المتطوعين لتسقُّط أخبار الناس، أن العروس كانت تبغي استكمال كسوة شقتها من معجل المهر، بعد أن تحصل عليه نقداً من عريس الهنا، وكانت تنظر إلى الزوج من وجهة نظر العرض والطلب وتقلبات سوق العرسان، الذي يبعث على التشاؤم.‏

    أما عن رؤية أهل العريس، فلم تبتعد كثيراً عن الفلسفة السابقة، وكانوا يرون في ناهد صفقة رابحة.. لا تكلفهم كثيراً.. لأنها بنت منتجة، وصاحبة ملك... إضافة إلى كونها جميلة...‏

    العريس والعروس تحابّا، بعد عشرة وألفة. أمضيا معاً أوقاتاً حلوة، وسهرات لطيفة، نسيا خلالها توجيهات الأهل وتوصياتهم ونصائحهم المعروفة.‏

    قالت ناهد مازحة:‏

    - سأحضر معي ليلة الدخلة قطاً.. لأقطع رأسه...‏

    أجاب هشام مازحاً:‏

    - وأنا سأحضر نَمِراً، لأقطع رأسه ليلة الدخلة... وسأدوس قدمك، عندما ندخل الغرفة...‏

    وبمشقة ابتسمت ناهد.. وقالت في نفسها:‏

    - سنرى من سيربح المعركة..‏

    ثم قالت بصوت واضح:‏

    - لم ترني شقتك!!‏

    - شقتي؟! قولي شقتنا...‏

    ذهبا إلى شقة العريس، دخلا... عاينت ناهد الشقة بشيء من اللامبالاة.. سألها هشام:‏

    - ألم تعجبك؟‏

    قالت:‏

    - الفرش معقول.. والشقة لاباس بها مؤقتاً... سنغيرها لاحقاً، نستبدل بها شقة أكبر وأفضل ...ولكن...‏

    - ولكن ماذا حبيبتي... نهودتي؟!!‏

    - من الأفضل أن نلغي الحائط بين الغرفتين، لدمجهما...‏

    - لا أفهم...‏

    - تصبحان غرفة نوم واسعة... مريحة.. وعصرية... هكذا أفضل..‏

    - غير معقول!‏

    - حالياً تكفينا غرفة نوم.. وصالون...‏

    - تمزحين؟!‏

    - أبداً.. تلك رغبتي وإرادتي...‏

    - أنا تعجبني شقتي هكذا...‏

    - ماذا؟ أليست شقتي كما هي شقتك؟! ألست من سيعش فيها؟! أنا سيدة المنزل.. ومايريحني عليك أن تفعله..‏

    - أرجوك ناهد...‏

    - هذا آخر كلام عندك...‏

    - نعم.. الشقة ستبقى على حالها.. أنا رجل البيت، وصاحب القرار الأول والحاسم بشأنه، ما أريده وأقوله، هو مايجب أن يتمّ...‏

    -لا.. أنت غلطان جداً.. إنك لم تشترني.. أنا لست عبدة عندك... ولن أكون...‏

    - أنت زوجتي الآن..‏

    - لا... لم أصبح زوجتك بعد... ولن أدعك تتحكم بي... مازلنا على البَّرْ...‏

    - ناهد...‏

    - هشام... لنعد من حيث أتينا...‏

    ...تفاقمت المشكلة... وتفرعت، واتسعت دائرة الصراع لتشمل أهل العروسين، فقد تمسك كل فريق بموقفه... ورفض أي تنازل وتفاهم... وضاعت هباءً كل محاولات التوفيق، وإصلاح ذات البين بين الفريقين المتصارعين، وبقي الجدار الفاصل بين الغرفتين، جداراً فاصلاً بين طرفي النزاع...‏

    وبعد التهديدات، والتحديات المتبادلة، حسم الامر بإرسال ورقة الطلاق للعروس، التي حاولت كسر كلمة العريس، وقطع رأس القط في ليلة الدخلة بوقت مبكر.‏

    أهل العروس جنّ جنونهم... ولم يطل الوقت حتى رفعوا الراية البيضاء، وأعلنوا التوبة والطاعة، وسعوا جاهدين لإعادة زجاج الحب المكسور دون جدوى

    كلمات مفتاحية  :
    قصة الحائط رياض خليل

    تعليقات الزوار ()