توصل باحثون الى اكتشاف الصيغة التي يعمل بها عقار الهيبارين المستخدم لتمييع الدم في منع انتشار مرض السرطان. ويقول هؤلاء الباحثون ان هذا الاكتشاف الجديد سيجد طريقه للتطبيق على مرضى السرطان في أقرب وقت ممكن.
يذكر ان قابلية الهيبارين في عرقلة نمو السرطان الثانوية معروفة منذ أمد بعيد، لكن الآلية التي تتم بها هذه العرقلة لم تكن معلومة لدى العلماء، ولكن فريقا علميا في جامعة كاليفورنيا بسان دييغو اكتشف ان الهيبارين يحول من دون تفاعل خلايا الدم مع الخلايا السرطانية الموجودة في مصدر الورم الأصلي، ومن شأن هذا التفاعل ان يتيح للخلايا السرطانية دخول مجرى الدم والانتشار في أرجاء الجسم، حيث تتسبب في أورام ثانوية. وقال رئيس فريق البحث الدكتور لوبور بورسيج ان البحوث التي اجريت على هذا الموضوع في الماضي قد افترضت خطأ ان قابلية الهيبارين في عرقلة نمو السرطانات إنما كانت تعود لقابلية هذا العقار على منع تخثر الدم.
أما آلية عمل الهيبارين في عرقلة انتشار السرطانات فتتلخص بالآتي: عندما تنفصل الخلايا السرطانية عن الورم الأم وتدخل مجرى الدم، تقوم باجتذاب الصفيحات الدموية اليها، والصفيحات الدموية هي نوع من خلايا الدم وظيفتها وقف النزيف. تقوم هذه الصفيحات بتغليف الخلايا السرطانية باعتبارها اجساما غريبة، ولكنها في الوقت نفسه تقوم بحمايتها من الخلايا الخاصة بجهاز المناعة التي تقوم بالتهام الاجسام الغريبة في مجرى الدم.
أما دور الهيبارين فيتلخص في عرقلة عملية التغليف هذه مما يترك الخلايا السرطانية عرضة للهجوم والالتهام من قبل كريات الدم البيضاء العائدة لجهاز المناعة. وفي سياق بحثهم قام باحثو جامعة كاليفورنيا بحقن فئران الاختبار بجرعة واحدة فقط من الهيبارين لم يتجاوز مفعولها ساعات قلائل، ولكن حتى هذه الجرعات المحدودة نتج عنها انخفاض ملحوظ في عمر الخلايا السرطانية كما نتج عنها انخفاض مماثل في نمو الأورام السرطانية الثانوية لدى اخضاع الفئران للفحص بعد عدة اسابيع. علق البروفيسور ايان هارت من صندوق ابحاث السرطان البريطاني على الموضوع بالقول إن هذه البحوث تؤكد على ان للهيبارين تأثيرات أخرى اضافة لقابليته على منع التخثر.
لكن البروفيسور هارت مضى الى القول إن تطبيق هذا الاكتشاف الجديد سريريا يطرح العديد من المشاكل العملية. فعلى سبيل المثال ـ والكلام لهارت ـ إنه من الصعوبة بمكان التنبؤ بالوقت الذي يبدأ فيه الورم السرطاني بالانتشار، مما يستلزم حقن المرضى بعقار الهيبارين لفترات مطولة، وهو أمر لا يخلو من مخاطر.
وثانياً، لم تثبت التجارب العديدة التي أجريت في الماضي على العقاقير المانعة للتخثر فوائد تذكر في مكافحة مرض السرطان، ولذلك فإن معرفة آلية عمل الهيبارين قد لا تؤدي الى أي فروق في مجال علاج السرطان.