يفوت على الكثير من السياح العرب الاستمتاع برحلات نيلية طويلة، فالغالبية منهم يركب القوارب النيلية الصغيرة التي لا تخرج عن حدود القاهرة أو الاستمتاع بالقوارب التي تقدم سهرة على النيل في رحلة قصيرة لا تتجاوز ساعات معدودة يقدم فيها مع العشاء أنواع من الرقصات والفنون الشعبية.
ولكن هناك فرصة لمتعة أكبر وأطول ولعدة أيام يقضيها السائح على سطح النيل الخالد، تقدمها شركات السياحة النيلية في مصر، فيوجد عدة برامج وعدة سفن سياحية جميلة ومكتملة التجهيزات لتنافس السفن السياحية عابرة البحار.
أفضل الأوقات:
إن جو مصر هو جو حار صيفا ودافئ شتاء لذا فإن موسم الرحلات البحرية يخف كثيرا في الصيف ولكنه لا يتوقف، ومواسم السياحة النيلية تكون في فصول الخريف والشتاء والربيع حيث يكون الجو مقبولا خلافاً لفصل الصيف. لذا فان الجو ليلا سيكون أكثر برودة من النهار، وينصح عادة بأن يستعد السائح بلباس خفيف للنهار ولباس آخر لليل. كما ينصح أيضا باستخدام أحذية خفيفة ونظارات شمسية، لأن شدة الضوء وقلة السحاب يجعل وهج الضوء شديدا بانكساره على مياه النهر.
أمان واستجمام:
تتميز الرحلات النهرية بأنها أكثر أمانا من الرحلات البحرية، ولا يشعر الراكب بالرهبة المصاحبة للرحلات عبر البحار، فاليابسة على مدى النظر أمام الراكب البحري، مما يعطيه الاطمئنان ويكسر عنه حاجز الخوف من الماء والبحر. ويمكن لجميع أفراد العائلة ان تتمتع بمثل هذه الرحلات.
كما أن الراكب لا يكون عرضة لدوار البحر، لأن الملاحة النهرية ملاحة هادئة ولا يوجد أمواج عاتية، أو عواصف بحرية مخيفة.
قوارب عديدة وأسعار مختلفة:
إن السياحة النيلية قديمة في مصر، ونظمت تنظيما تجاريا وسياحيا منذ أكثر من مائة عام، لذا فإن هناك خبرة ومعرفة في إرضاء السائح، ومعرفة احتياجه، وتوجد قوارب عديدة ومنوعة يزيد عددها عن 250 قاربا منوعة وجميعها مجهزة تجهيزات حديثة ومغرية لنقل السياح، وكلما كبر القارب السياحي كلما زادت الخدمة فيه وتحسنت، لذا فإن الأفضل هو البحث عن القوارب الكبيرة التي يتجاوز فيها عدد الغرف الخمسين غرفة، فهي تعتبر بحق فنادق عائمة وتقدم خدمات الفنادق بمستوى خمسة نجوم، فتوجد حمامات نظيفة وقنوات تلفزيونية، وغرف نظيفة (عادة صغيرة). ومطاعم ومأكولات شرقية وغربية.
وتختلف أسعار هذه الرحلات حسب عدد الأيام والمدة ونوع الخدمة التي يقدمها القارب، ولكن متوسط تكلفة الليلة للشخص الواحد في أفضل الرحلات وأجمل الفنادق العائمة هي في حدود مائة دولار لليلة الواحدة، تتضمن الأكل للوجبات الأربع أو الخمس أحيانا.
برامج منوعة ومناظر ساحرة:
وللسائح أن يختار بين العروض العديدة التي تقدمها هذه الفنادق العائمة، فهناك برامج لليلتين وثلاث ليال إلى مدة أسبوع كامل، يقضيها الراكب على سطح النيل، ويمر على القرى ويعيش حياة الأرياف المصرية، ولن يحرم من مشاهدة الأطفال وهم يسبحون ويقفزون في نهر النيل تحية للعابرين أمام قريتهم. وعادة ما يكون هناك برامج ترفيهية قهوة وشاي وأكلات خفيفة على ظهر هذه السفن للتمتع بمنظر الغروب الأخاذ الذي يتمتع به جميع الركاب من خلال البلكونات العديدة المتاحة لهم سواء في غرفهم أو في الطابق العلوي للجميع.
وسيعيش السائح العصر الفرعوني بكل أمجاده وتاريخه وأحداثه، فالسفن تعبر النيل وتمر بمحاذاة الآثار والمعابد الفرعونية، ويقوم الدليل السياحي بشرح مفصل عن كل موقع أثري وعند بعض هذه الآثار خاصة فى مدينة الأقصر وأسوان يتم إنزال الركاب ليلتقطوا الصور ويقضوا بعض الوقت في التنقل بين هذه الآثار المدهشة لكل إنسان. كما أن هناك توقفا عند مدينة (ادفو) ليتمتع السائح بمعابد (كوم امبو) التي تعتبر أفضل المعابد الأثرية المحفوظة بشكل جميل ومدهش يثير الإحساس بالماضي، ويعيده للسائح.
جغرافيا وتاريخ:
يجري النيل في مصر على مسافة تقرب من ألف كيلومتر، فالرحلة البحرية تغطي 200 كيلو متر لتصل إلى أسوان، ومن ثم تواصل الرحلة إلى الأقصر والتي تبعد عن القاهرة 510 كيلو متر، وفي الأقصر توجد 85% من الآثار المصرية الجميلة والهامة، فهناك معابد الأقصر والكرنك في الجانب الشرقي من نهر النيل، وفي الجانب الغربي من النيل يوجد معبد وتماثيل رمسيس وتنت آخامون، وسيجد السائح نفسه غير قادر على رؤية هذه الآثار لكثرتها وانتشارها.
أعجوبة الإنسان القديم والجديد:
في هذه الرحلة النيلية سيتمتع السائح برؤية السد العالي وبحيرة ناصر التي تعتبر أكبر بحيرة صناعية، ويتمتع أيضا بمشاهدة المسلة الفرعونية المنسدلة والتي لم يكتمل صنعها لوجود عيب في الصخرة ذاتها. وتعتبر أكبر مسلة موجودة حاليا.
وسيشاهد المشروع الكبير الذي قامت به منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة والتي بموجبها نقلت معابد كانت عرضة للغرق في النيل بعد إنشاء السد العالي، وكيف تم نقل المعابد صخرة صخرة بمشروع عالمي ليوضع في مقره الجديد البعيد عن فياضات وغرق النيل.
خط الرجعة:
من المعروف أن هذه القوارب تقدم رحلاتها على أساس العودة لنفس نقطة البداية، ولكن يمكن ترتيب العودة بشكل آخر فهناك بدائل عديدة يمكن للسائح أن يختار منها، فهناك الباصات الكبيرة والمكيفة والمريحة، وهناك القطار المنتظم والذي يقدم أيضا خدمات للنوم فيه، وهناك الطائرات التي يمكن حجز معقد عودة فيها.
إن مصر بلد سياحي يزورها نحو ثلاثة ملايين سائح سنويا، وتقدم خدمات مميزة للسياح ويجد السائح فيها ما يبحث عنه من الجديد والغريب والقديم والجديد، فلا تدع فرصة رؤية مصر من خلال نيلها إن كنت زائرا لها.