من المؤكد أن للمسلمين الأوائل دور حاسم وأساسي في استخدام النباتات والأعشاب المختلفة في علاج الكثير من الأمراض. بل كانت تمثل مصدر الدواء الأول لمرضاهم. فقد عرفوا مرض السرطان واجتهدوا في تطوير العلاجات المناسبة في التصدي له والتخفيف من وطأته. وقد ورد في دراسة للسيد خالد عزب نشرت في موقع إسلام اون لاين تحت عنوان " السرطان.. في التراث الطبي الإسلامي" إن العلماء المسلمين وعلى رأسهم ابن سينا والزهراوي عرفوا هذا المرض ووصفوه . وقد تم استخدام الأدوية النباتية كعلاج له حيث عرف ما يقارب من مائة نبتة أدخلت في علاج السرطان منها:
الجميز، الجوز، بلبوس، بزر اللوف، باقلاء، خس الحمار، خنش، عدس، كنكر، مصطكي، مر، سوس، شبت، شيطرج، بلوط، زعفران، خردل. وكذلك الأفيون، وخربق، وأيارج فقرا، وأفسنتين، وأردقياني، وبابونج، وناردين، ولازورد، ولوف، وعنب الثعلب، وأذخر، وأبهل، وأسارون، وبسباسة، وكمون، وكتدحش، ونرجس، وقنطريوف، وسوسن.
وما زال الناس يرون في هذه الأعشاب أملا في الشفاء و يعتقدون في أهميتها, حيث ما زالوا يستخدمونها وبالأخص: اللوف و الزعفران و البابونج والخردل والكمون والبلوط والكتان, ولا بد أنهم استخدموها من خلال الحصول على عصارتها أو باللغة المعاصرة عن طريق استخلاص المواد المؤثرة وشربها. وان عملية الفصل للمواد المؤثرة لا تتأتى إلا بإحدى الطرق التالية: غليها أو عصرها بعد طحنها أو نقعها.
وفي دراسة أخرى قيمة مقدمة من د.حسام عرفة عن الأعشاب والطب البديل والتي وردت تحت عنوان " الأعشاب.. للحسن والعلاج والتحنيط!" يقدم فيها دراسة تفصيلية عن أهم الأعشاب التي عرفها المسلمون الأوائل في العلاج. ويقول:
وفي العصور الإسلامية انتشر علم التداوي بالأعشاب، وظهرت الكثير من الكتب والمخطوطات التي تشرح بصورة واضحة أنواع الأعشاب الطبية المختلفة وطرق استخدامها وأنواع الأمراض المختلفة التي تستخدم فيها مثل هذه العقاقير الطبية مثل: تذكرة داود، وكتاب الطب لابن سينا، وغيرهما من العلماء الأكْفَاء الذين كانت تدرس كتبهم لعدة قرون في المعاهد العلمية الأوربية.
وبالرغم من التطور الهائل في علم الأدوية وظهور أعداد هائلة من الأدوية في شتى مجالات العلاج وخاصة خلال القرن المنصرم، فإن الحقبة الماضية شهدت عودة إلى استخدام الأعشاب الطبية في علاج الأمراض كواحدة من أهم أفرع الطب البديل، ولا يقتصر الاهتمام بالتداوي بالأعشاب على الدول المتقدمة بل تعداها إلى الكثير من بلدان العالم النامي.
وتتنوع طرق استخدام الأعشاب الطبية من استخدام منقوع أو مغلي النبات الكامل إلى استخلاص المواد الفعالة واستخدامها في صور تراكيب صيدلية مختلفة، وتعد العودة لاستخدام النباتات الطبية في العلاج هي عودة للطبيعة، خاصة وأن العقاقير المصنعة كيماويا لها أعراض جانبية متعددة مقارنة بهذه الأعشاب.
وسنستعرض واحدة من منتوجات هذه الأعشاب وهي الحبة السوداء التي امتدحها سيد الخلق والنبي المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم حين قال : "إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام..." . وتستطيع الاطلاع لاحقا على دراسة تفصيلية ومفيدة تحت عنوان "الحبة السوداء" في هذا الجزء من الكتاب, وذلك نقلا عن د.حسام عرفة من موقع إسلام اون لاين.
وبصراحة شديدة نقر بان توجهات علماء المسلمين في اختيار الكثير من الأعشاب كانت سليمة, لان نتائج البحث العلمي المعاصر, التي تقوم على التجربة والملاحظة وعلى استخدام عينات بشرية إحصائية كبيرة جدا أكدت ذلك. بل قبل أيام من كتابة هذه الكلمات قرأنا في عدة مصادر مختصة عن دور الكتان والبلوط والخردل في مقاومة السرطان والتقليل من الاستجابة لهذا المرض, وستجد ملخص هذه الدراسات أيضا لاحقا.
وقد اعتمد المسلمون على العسل أيضا في العلاج وذلك تصديقا لقول الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "فيه شفاء للناس..." . و ينصح العلماء والمختصون مرضى السرطان تناول ملعقة من خليط العسل ومطحون الحبة السوداء يوميا.
وإذا ما نظرنا إلى قائمة النباتات والأعشاب الإسلامية نجد فيها عنصرا واحدا هاما وهو عنصر الاخضرار أي الاحتواء على الكلوروفيل والأملاح المعدنية النادرة والأنزيمات الضرورية والدهون الأساسية والأحماض الأمينية. وهذه المعلومات مثبتة وموثقة وهي نتائج علمية تمت على عصائر الحشائش الخضراء و التي سنتناولها لاحقا بالتفصيل تحت عنوان " الأعشاب الخضراء" .
هذه الوجبات تقدم كنصائح صحية قامت على أساس إحصائي لعينة كبيرة من البشر . ونجد في كثير من الحالات آراء متعارضة حول هذا الموضوع.
كيف تتم دراسة تأثيرات المواد الغذائية مخبريا
من المتوقع أن تطرحوا التساؤل التالي, وهو كيف يتأكد الخبراء والباحثون من أن لمادة غذائية ما تأثير إيجابي في مقاومة مرض ما كالسرطان مثلا!
مما لا شك فيه بأن علماء التغذية لا يقومون أبدا بإطعام الحيوانات المخبرية المصابة بالسرطان بالبندوره أو البصل أو البرتقال مثلا, ثم يجلسون ينتظرون كيف تتحسن صحتها يوميا. ولكنهم يتبعون طريقا آخر, فعلماء التغذية والمختصون يعرفون الآن جيدا جميع أسماء المكونات الكيماوية الطبيعية للأغذية المختلفة, ويعرفون كذلك تراكيزها. ونتيجة خبرتهم المبنية على الملاحظات التجريبية, يتبين لهم أن أهمية هذا الغذاء يعود لسبب معين. فمثلا يعرفون أن المادة المؤثرة والمفيدة والموجودة في الطماطم هي لايكوبين. ويرجعون آليتها في التصدي لمرض السرطان عن طريق تصريح على النحو التالي: "يعتقد العلماء أن "لايكوبين lycopene " قد يساعد في تقليل التلف المتسبب عن جزيئات الراديكالات الحرة free radicals الضارة الذي يحدث طبيعيا عند معالجة الطعام في الجسم ويؤدي إلى الأمراض والشيخوخة".
ومن الواضح انه يتم استخلاص المواد المؤثرة أو استخدام مركبات مشابهة لها وتجريبها على الجراذين المخبرية . ولفحص تأثير الطماطم مثلا, فلا بد انهم استخدموا المادة المؤثرة الرئيسية الموجودة فيه والمسماة لايكوبين. وراقب المختصون تأثير هذه المادة المؤثرة على تطور مرض السرطان أو انكماشه أو توقفه. وقد يتم استخدام تلك المواد المؤثرة في تفاعلات مباشرة على الخلايا السرطانية في أنبوبة اختبار. وبناء على نتائج هذه الأبحاث يخرج الأطباء بالاستنتاجات المناسبة كما ذكرنا سابقا. ونكرر انه لا يتم استخدام أي مادة غذائية للفحص مباشرة.
إن الدراسات بعيدة المدى والمحتوية على عينات واسعة من البشر قد تعطي مؤشرات يؤخذ بها في هذا المجال. وقد يصل عدد عناصر العينة إلى 400,000 وهذا حصل فعلا مع لجنة EPIC الأوروبية .
وفي هذا المقام نود إخباركم أن أي معلومة نحصل عليها مجانا تكون قد كلفت الكثير. فتصور كم تأخذ عملية متابعة عينة مكونة من أربعمائة ألف شخص من الوقت والجهد والفحص وتحليل النتائج الإحصائية. لذلك لا نسمع عن هذه الدراسات إلا عند الدول الغنية ماديا والمتطورة علميا .
وهنك ملاحظات بيئية تسهم في تحديد أسباب بعض أنواع السرطان وحصرها. فمثلا لوحظ أن سرطانات أجزاء الجهاز الهضمي متركزة في العالم الغربي لكثرة أكلهم للحوم وخصوصا الحمراء والمصنعة منها. ووجد مثلا أن اكبر نسبة إصابة في سرطان الخصية موجودة في الدانمارك لاعتمادهم بصورة كبيرة على لحوم الخنزير الذي يتغذى على الحبوب المتعفنة. ووجد أيضا أن هذا النوع من السرطانات يحل ضيفا على العائلات الغنية. فنعوذ بالله من غنى فيه خبائث.