اسم الظفل هو دليل شخصيته
يتأثر الطفل نفسياً بنوع الكنية أو الاسم الذي يعطي له، فتتأثر رؤيته لنفسه بذلك، وإن بعض الأطفال يعانون من أسمائهم لأنها تحمل معاني لا تعجبهم، والعكس كذلك صحيح، حيث وجد أن الأطفال الذين يحملون أسماء جميلة ذات معنى تكون شخصياتهم سويَّة، ويسعون للوصول إلى معاني أسمائهم وذلك لأن أول كلمة يتعلمها الطفل عادة أو يحاول كتابتها هي اسمه، ويذكر ابن قيم رحمه الله جانباً تربوياً هاماً في اختيار الاسم، حيث يقول "إن صاحب الاسم الحسن يحمله اسمه ويدفعه إلى فعل المحمود من الأفعال وذلك حياءً من اسمه لما يتضمنه من المعاني الحسنة" . ولقد لاحظ عالمان في جامعة سايكس البريطانية أن أغلب الطلبة الذين يترددون على العيادة النفسية من ذوي الأسماء الغريبة، ولقد أسفرت الدراسة التي قاموا بها عن أن أغلبهم يتعرضون في طفولتهم لمتاعب ومضايقات لا يتحملها بعضهم فيصابون بأمراض نفسية واضطرابات عقلية، ولقد قام العالمان بعمل قائمة تحتوي على تسعة عشر اسماً شاذاً وتسعة عشر اسماً عادياً، وأُعطيت لتلاميذ في سن السابعة وطلب منهم أن يستخرجوا من القائمة أسماء الأولاد الذين يعتقدون انهم أشرار، فكانت النتيجة أن الأطفال اجمعوا على ستة عشر اسماً من الأسماء الشاذة واختلفوا حول ثلاثة فقط من الأسماء العادية، وهذا دليل قاطع على أن الأسماء تُعطي انطباعات معينة عن الأشخاص وطبائعهم. ولهذا نرى أن الشريعة الإسلامية جاءت موافقة لهذا المبدأ، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء فقال ((من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه)) رواه الترمذي . كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام تغيير الأسماء الذميمة بأسماء حسنة، فعندما حاول علي بن أبي طالب رضي الله عنه تسمية أحد أولاده حرباً كان عليه الصلاة والسلام في كل مرة يغيره بأسماء حسَنة فسماهم الحسن والحسين ومحسن، ولقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام أن غيّر اسم العاصي إلى مطيع، وغيّر عاصية إلى جميلة، وغيّر أضرم إلى زرعة . ولقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (( لا تسمين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح )) . وروى أبو داود عن أبي وهب الجشمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تسمّوا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرّة )) . بناءً على ذلك فإن حسن تسمية المولود يساعد على حسن تكوين شخصيته في الكبر، وسوء اختيار الاسم يؤثر على علاقة الأولاد بزملائهم في المدرسة والبيئة والمنزل، وتحرمهم كذلك من صداقات كثيرة لازمة لنمو حياتهم النفسية، ويفتقدون احترامهم لذواتهم، ولذا يغلب على الطفل الذي يفقد احترامه لذاته أن يكون انطوائياً أو كثير الشجار مهرجاً متردداً . ولهذا ننصح الآباء والأمهات بالآتي :- أ-أن يختار الوالدان اسم الطفل من أسماء أهل الدين كأسماء الأنبياء والصحابة وعباد الله الصالحين . ب-أن يكون الاسم قليل الحروف خفيفاً على الألسن، سهلاً في اللفظ سريع التمكن من السمع والحفظ . ج-أن يكون الاسم حسناً في المعنى ملائماً لحال المسمى، جارياً في أسماء أهل طبقته وملته وأهل مدينته . ولا بأس من تغيير اسم الابن إن كان شاذاً استدلالاً على فعل رسولنا صلى الله عليه وسلم بتغيير الأسماء الشاذة، ولكن إن صعب ذلك فلابد من مراعاة هذا الابن وإكسابه الكثير من المهارات، وتوفير الجو المناسب ليتفوق فيها . وأخيراً نحث الوالدين على حسن اختيار اسم الطفل الجديد حتى يفتخر بهذا الاسم، ويُغرس مضمون ومعنى الاسم في سلوكه وتصرفاته، ونذكر المربين والآباء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (( إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسمائكم )) رواه مسلم .