بتـــــاريخ : 6/25/2008 1:56:20 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2126 1


    في سبيل ثقافة نفطية .. النفط وأهم المضايق المائية العالمية - الجزء الثاني

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : lionelfcb | المصدر : www.startimes2.com

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد

                  

     

     

     
    في سبيل ثقافة نفطية .. النفط وأهم المضايق المائية العالمية
     

     

    في الوقت الذي يركز فيه الناس على الارتفاع المستمر في أسعار النفط، والأزمة العالمية في الغذاء، واحتمال حصول كساد عالمي على أثر توقف نمو الاقتصاد الأمريكي، محرك النمو العالمي، تتم هناك تغيرات كبيرة في خريطة التجارة الدولية قد تؤدي إلى استمرار أسعار النفط في الارتفاع، أو على الأقل زيادة ذبذبتها.

    من ضمن هذه التغيرات زيادة تركز إنتاج النفط في مناطق معينة، وزيادة تركز استهلاكه في مناطق أخرى، واستمرار نمو الطلب على النفط بمعدلات عالية في الدول الآسيوية، خاصة في الصين والهند، وزيادة العداء للنفط في الولايات المتحدة وأوروبا، وانخفاض الدولار وارتفاع اليورو وبعض العملات الآسيوية. كل هذه الأمور من شأنها زيادة التجارة العالمية في النفط، وتغيير اتجاهاتها، وتركزها ضمن مناطق معينة.

    مضيق هرمز

    هذا يعني زيادة الأهمية الاستراتيجية للمضايق المائية وبعض أنابيب النفط والغاز عالمياً. من هذا المنطلق سيتم التركيز على المضايق المائية المهمة في تجارة النفط العالمية في مقال اليوم ومقال الأسبوع المقبل، خاصة أن زيادة أهمية هذا المضايق مع تغير اتجاهات التجارة العالمية في النفط قد تؤدي إلى صراع دولي بين القوى العظمى على هذه المضايق أنها تصبح أكثر أهمية من منابع النفط نفسها. وعلى الرغم من وجود مضايق عديدة إلا أنه سيتم التركيز على أربعة منها هي: مضيق هرمز، مضيق باب المندب، قناة السويس, ومضيق ملقا. وما يميز قناة السويس عن غيرها ويضفي عليها صفة استراتيجية مميزة ضيقها وطولها مقارنة بالمضايق الأخرى، إضافة إلى كونها تقع ضمن دولة، بينما تشترك عدة دول في المضايق الأخرى.

    يعد مضيق هرمز، وهو فوهة الخليج العربي بين عمان وإيران على بحر العرب، ومن ثم المحيط الهندي، من أهم المضايق المائية في العالم بسبب كمية النفط التي تمر به, والتي تقدر بنحو 17 مليون برميل يومياً، والتي تمثل نحو 20% من الطلب العالمي على النفط .

    ويتوقع أن تزداد أهمية المضيق مع مرور الزمن وتركز إنتاج النفط في منطقة حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ترتفع نسبة النفط المار بالمضيق إلى 36% من الطلب العالمي، ويتفق توقع وزارة الطاقة الأمريكية مع هذا التوقع.

    وقد ركزت وسائل الإعلام على مضيق هرمز في السنوات الأخيرة بسبب تهديد إيران بإغلاقه إذا ما هوجمت من قبل الولايات المتحدة، وتهديد الإرهابيين له أيضاً. إلا أن الحقيقة أنه لايمكن إغلاق المضيق بسبب اتساعه, حيث تبلغ المسافة بين أضيق نقطتين فيه نحو 35 كيلو مترا.

    وكل ما يمكن أن تقوم به إيران هو إبطاء الحركة في المضيق. ويدل على ذلك أن إيران لم تتمكن من غلق المضيق أثناء الحرب العراقية - الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، ولكن تعرضت السفن لمشكلات عدة, منها هجمات عسكرية. إلا أن المشكلة الأساسية التي عانتها السفن وناقلات النفط هي الألغام التي زرعها كل من إيران والعراق في المنطقة، خاصة الألغام السائبة التي تنجرف مع التيار. ويتمتع المضيق بحماية قوية من الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة منذ زمن بعيد.

    تمر السفن في مضيق هرمز عبر قناة عرضها ستة أميال مقسمة كما يلي: ميلان (2 ميل) للسفن القادمة، ميلان للسفن الخارجة، وبين هذين الخطين ميلان يفصلان بين خطي السفن الداخلة والخارجة.

    يرى بعض الخبراء أن أنابيب النفط التي بنتها السعودية من المنطقة الشرقية إلى البحر الأحمر قد بنيت كبديل لمضيق هرمز إذا ما تعرض للخطر. إلا أن الاستغلال شبه الكامل لهذه الأنابيب وزيادة الطلب العالمي على النفط يعني أنه ليس هناك بدائل لمضيق هرمز في الوقت الحالي، الأمر الذي يزيد من أهميته الاستراتيجية.

    مضيق باب المندب

    يربط باب المندب البحر الأحمر من الجنوب بالمحيط الهندي, حيث يقع في منتصف المسافة بين السويس في مصر ومومباي في الهند. يحده اليمن من الشرق وإريتريا وجيبوتي من الغرب. ويكتسب المضيق أهميته في عالم النفط من كمية النفط المارة به والتي تقدر بحدود 3.5 مليون برميل يوميا، وكونه يقصر المسافة التي تقطعها حاملات النفط بنحو 60 %, حيث إن إغلاقه سيجبر ناقلات النفط على الدوران حول إفريقيا وسيرفع تكاليف نقل النفط بشكل كبير.

    ويعد المضيق هدفاً للإرهابيين الذين هاجموا حاملة نفط فرنسية عام 2002. وعلى الرغم من أنه يمكن لأنبوب النفط السعودي الشرقي الغربي، الذي ينقل كميات قد تصل إلى 4.8 مليون برميل يومياً، أن يغطيه، إلا أن إغلاقه سيؤثر في النفط المتجه جنوبا والقادم من إفريقيا.

    يبلغ عرض المضيق نحو 30 كيلو مترا تقريبا تتوسطه جزيرة بريم. تتم الملاحة في الجزء الغربي من المضيق لأنه الأوسع حيث يبلغ عرضه 25 كيلو مترا ويصل عمقه إلى 310 أمتار، ويطلق عليه اسم "دقة المايون". أما الجزء الشرقي، ويسمى قناة إسكندر، فهو لا يصلح للملاحة الدولية بسبب ضيقه وسطحية المياه فيه، حيث يبلغ عرضه ثلاثة كيلو مترات وعمقه في أعمق منطقة 30 متراً. تمر ناقلات النفط والسفن المختلفة في ممرات عرضها ميلان للسفن الداخلة وميلان للسفن الخارجة.

    قناة السويس

    اكتسبت قناة السويس أهمية كبيرة في عالم النفط لأنها تعد أسرع طريق يوصل النفط الخليجي إلى أوروبا والولايات المتحدة. وازدادت أهميتها مع توسيع القناة عبر الزمن حيث إن 99% من ناقلات النفط في العالم يمكنها الآن عبور القناة. يمر في القناة نحو 3.8 مليون برميل يومياً، والتي تمثل نحو 5 في المائة من الطلب العالمي للنفط.

    تعبر القناة حالياً نحو 270 حاملة نفط شهرياً، ونحو 30 ألف سفينة محملة بمختلف البضائع سنوياً. ونتيجة لعمليات التوسيع فإنه يمكن لسفن طولها 500 متر وعرضها 70 متراً عبور القناة. ورغم ذلك فإنه لا يمكن لحاملات النفط الكبيرة والكبيرة جداً عبور القناة.

    ورغم قلة عدد الحاملات الكبيرة إلا أنه يتم حالياً توسيع القناة لتستطيع استيعاب أكبر حاملات النفط في العالم بحلول عام 2010. تاريخياً، يحمل أغلب حاملات النفط المتجهة جنوباً مشتقات نفطية، بينما تحمل الناقلات المتجهة شمالاً النفط الخام. إلا أن الأمور بدأت تتغير في الفترات الأخيرة مع زيادة صادرات نفط غرب إفريقيا إلى الصين, حيث بدأت نسبة ناقلات النفط المحملة بالنفط الخام والمتجهة جنوباً في الارتفاع, حيث أصبحت أنجولا أكبر مصدر نفطي للصين ابتداء من الشهر الماضي, نظراً لمسافة القناة الطويلة نسبياً (163 كم), والسرعة المحددة للسفن, فإن عبور القناة يستغرق 11 ساعة للسفن المتجهة شمالاً و16 ساعة للسفن المتجهة جنوباً.

    وعادة ما تسير السفن على شكل قوافل يومية في كلا الاتجاهين في برنامج تحدده مصلحة القناة مسبقاً. وعادة ما تستغرق السفن المتجهة جنوباً وقتاً أطول بسبب توقفها في منطقة البحيرات (المنزلة, والتمساح, والمرة) لتسمح للسفن المتجهة شمالاً بالعبور, والتي لا يطلب منها الوقوف في المنطقة. وتضطر السفن المتجهة جنوباً للانتظار لأن جزءاً كبيراً من القناة ضيق بحيث لا يسمح بمرور أكثر من سفينة واحدة في اتجاه واحد.

    يذكر أن هذا النظام يسمح للنفط الخليجي بالوصول إلى الأسواق بشكل أسرع من النفط المتجه من الشمال إلى الجنوب. ومع زيادة الطلب العالمي على الغاز المسال وتركز إنتاجه في عدد محدود من الدول فإنه يتوقع أن تستفيد قناة السويس بشكل كبير من هذه التجارة، خاصة مع زيادة إنتاج قطر من الغاز المسال وزيادة صادراتها إلى الدول الغربية خلال السنوات المقبلة. ولكي تشجع هذه التجارة قامت هيئة السويس بتخفيض الرسوم على ناقلات الغاز المسال حيث تصل هذه التخفيضات إلى 35%.

    مضيق ملقا

    يربط مضيق ملقا المحيط الهادي بالمحيط الهندي ويقع بين ماليزيا وجزيرة سومطرة الإندونيسية إلا أن سنغافورة تطل على فوهته الضيقة البالغة 37 كيلو مترا في الجنوب الشرقي بينما تطل تايلاند على فوهته الواسعة البالغة 370 كيلو مترا في الشمال الغربي.

    يبلغ طول المضيق 1080 كيلو مترا ويراوح عمقه بين 25 و113 مترا، مما يشكل مشكلة لبعض ناقلات النفط الكبيرة. هناك أماكن كثيرة في المنطقة يمكن للسفن وحاملات النفط أن تمر منها بدلا من المرور في المضيق، إلا أن جوّه الهادئ وسهولة تضاريسه ووضوح الرؤية على مدى العام تجعل تكاليف المرور ونسبة المخاطرة منخفضة مقارنة بالخيارات الأخرى.

    ويمر بالمضيق نحو 140 باخرة في المتوسط يوميا، أغلبها تتجه لليابان والصين، وجزء منها للهند والدول الآسيوية الأخرى. للمضيق أهمية استراتيجية لهاتين الدولتين، مما يجعله مهما أيضاً بالنسبة للولايات المتحدة.

    فأغلب واردات النفط اليابانية (80%) تمر بالمضيق، ونحو 50 %من صادراتها أيضاً. يمر في المضيق نحو 1.2 مليون برميل يومياً، وهي كمية تمثل نحو 14 %من الطلب العالمي على النفط. وسيؤدي الطلب المتزايد على النفط في كل من الصين واليابان وغيرهما من دول المنطقة إلى رفع تلك النسبة إلى 20% بحلول عام 2030.

    بين مما سبق أن لهذه المضايق المائية أهمية استراتيجية للدول المنتجة والمستهلكة بسبب كمية النفط والبضائع المختلفة التي تمر بها. ورغم تركيز الإعلام العالمي على مضيق هرمز بسبب المشكلات مع إيران، إلا أن اتساع المضيق يجعل من الصعب إغلاقه، أضف إلى ذلك الحماية العسكرية الضخمة التي يتمتع بها المضيق.

    وينطبق الأمر نفسه على المضايق الأخرى ما عدا قناة السويس. فقناة السويس مازالت عصب الاقتصاد العالمي، ولها ميزات تنفرد بها تجعلها الأكثر عرضة للمخاطر بسبب ضيقها وطولها مقارنة للمضايق الأخرى، ولأنها المضيق الوحيد ضمن المضايق المذكورة أعلاه التي تقع ضمن دولة واحدة، ولا يماثلها في الأمر إلا مضيق الفسفور في تركيا.

    فرغم الثورة الإيرانية إلا أن ذلك لم يؤد إلى إغلاق مضيق هرمز بسبب وقوعه ضمن عدة دول، ورغم سقوط الحكومة الصومالية إلا أن ذلك لم يغلق باب المندب لوقوعه ضمن عدة دول. ولكن تم إغلاق قناة السويس عدة مرات بسبب مشكلات خاصة بمصر. لهذا، وبغض النظر عما إذا كانت مصر "أم الدنيا" أم لا، فإن قناة السويس هي "أم المضايق المائية" لأنها أخطر المضايق المائية وأكثرها أهمية.

    *نقلا عن صحيفة "الاقتصادية" السعودية.

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد

    تعليقات الزوار ()